في برنامج يفترض أن يكون حواريا في راديو "مونت كارلو"، التي فقدت الكثير من بريقها الاعلامي، استمعت اليه مصادفة في سيارتي قبل فترة وجيزة، وما شدني لمتابعته الموضوع السوري.
وكل ما استمعت إليه محاولات استفزاز لمفكر مصري هو محمد السيد أحمد واستعداء الجمهور عليه من قبل المذيع، وحسنا أني لم أعرف اسمه، وهو يحرض على الدكتور ويناصر ضيفه الثاني المعادي لسوريا شعبها ونظامها. ولأن المفكر المصري جاء خطابه قوميا، حاول المذيع السخرية منه والاستهزاء بخطابه القومي القديم برأيه! فأجابه د. أحمد بأن هذا هو الخطاب الناصري الذي تبنته الأمة العربية في وقت ما. فهل بات الخطاب القومي الناصري تهمة أو نقيصة في نظر بعض "المتدمقرطين" الجدد؟ فاذا كانت ذلك نقبل بها ولا نرضى ذل الديمقراطيات الغربية المصطنعة والمناصرة لأعتى أنظمة الدول رجعية وتخلفا.
ووصلت وقاحة الفريق المستفز الادعاء بأن ما يسمى "الجيش الحر" لم يحصل على الأسلحة من أمريكا!! وواجههم الدكتور أحمد اذن كيف يقاتلون ويحاربون الجيش العربي السوري، فرد عليه الضيف الآخر والذي نسيت اسمه أيضا لأنه لا يعنيني " انهم يحاربون بالدعاء والصلاة!" وهل هناك أسخف وأسمج من جواب كهذا؟ إنه كلام خطير ويجب أن يستفز المؤمنين بأن يدعي أحدهم أن الصلاة والدعاء تحولا إلى أدوات قتال وأسلحة تجهز على أرواح المواطنين والأبرياء، وبالمناسبة لم أسمع احتجاجا واحدا على تفوه ساقط كهذا، الذي لو صدر عن أحد مؤيدي النظام السوري لربما هاجت الفضائيات وماجت بوابل التصريحات المستنكرة، مثلما لم نسمع استنكارا واحدا على الجريمة النكراء في بلدة عدرا السورية، التي ارتكبتها العصابات الارهابية قبل أيام معدودة، بينما كنا نسمع جوقات الزعيق تنطلق بعد كل جريمة ينسب مرتكبوها لعناصر النظام! ألا يخجل ذاك العتي من تصريح كهذا؟ كيف يخجل وهو يجد الدعم من المذيع "الامعة" ومن الفتاوى التي تصدر ذات اليمين والشمال وتبيح ما لا يباح وتحلل ما لا يحلل، في زمن فقد فيه أصحابه كل التوازنات والمعايير الانسانية والقيم الدينية. وهو كلام سخيف ورخيص ويدل على نوعية من يحاربون في سوريا تحت راية "الثورة" وهي منهم براء، لأنهم يلوثون معنى الثورة ويعتدون على مباديء الحرية.
إن أي طفل يدرك بأن عصابات الارهاب التي دخلت سوريا تأتي وهي مدججة بالأسلحة وتصلها يوميا كميات كبيرة من السلاح على مختلف أنواعه.. كما أن عشرات المقاتلين المأجورين والمضلل بهم يصلون الى سوريا ويجرون التدريبات لمدة شهرين على السلاح حتى يتقنوا استخدامه ثم يحملون السلاح القاتل ويخرجون لساحات القتال والتدمير والقنص، فهل كل ذلك يتم بأدوات خشبية أم وهمية؟ هل يمكن بعد الاستخفاف بعقول الناس إلى هذا الدرك؟ وهل يمكن اعتبار أناس كهؤلاء من صنف البشر؟ وإن كنا أسقطنا أولئك من حساباتنا إلا أنه ما يحز بالنفس رؤية جيوش الصحفيين والكتاب والشعراء الذين يقفون الى جانب الظلاميين، فاذا كانت الكلمة الحرة لا تقف إلا الى جانب التقدم والحضارة والفن والديمقراطية وتعادي نظاما بنظرها ديكتاتوريا، تبيح لنفسها مناصرة حركات ظلامية وأفكار جاهلية وجماعات لا أصل لها ولا رؤية إلا القتل والتدمير والاجهاز على كل ما هو جميل في هذه الدنيا، فعلى أصحاب ما يسمى بالكلمة الحرة أن يعيدوا حساباتهم وبالأصح مفرداتهم من جديد.
(شفاعمرو/ الجليل)
[email protected]
أضف تعليق