( 1 )
سامح الله من استعجل فأحسن الظن بالحكومة الإسرائيلية فكاد أن ينظم الاحتفالات الوطنية ويوزع ( الشربات !!! ) بسبب ما قيل أنه قرارٌ بسحب ( قانون برافر ) ، أو تجميد إجراءات إعداده للقراءة الثانية والثالثة . لقد تنبأت في الحلقة الثانية من هذه السلسلة أنه ليس مستبعدا أن تُعيد الحكومة الإسرائيلية في تكتيكها لإنهاء الإجراءات المتعلقة بالقانون وذلك بسبب المعارضة الشديدة التي جاءت من طرفين متناقضين في أسباب اعتراضهما . أولهما ، المجتمع العربي الذي يعترض بسبب ما يمثله مشروع القانون من ضربة قاضية لما تبقى من وجوده وأرضه . وثانيهما ، أحزاب اليمين الإسرائيلي التي تعتبر مشروع القانون ( تفريطا مرعبا بأرض الآباء اليهود !!!!!!!! ) لمصلحة ( أعداء اليهود !!!! ) ، يعنون العرب طبعا . لذلك يطالبون بتعديلات تشطب فتات التعويض الذي ينص عليه القانون سواء كان أرضا أو مالا ، حتى لا يبقى فيه إلا المصادرة الكاملة للأرض والإخلاء الكامل للسكان دون تعويض مهما كان نوعه ...
الذي حصل أن المؤتمر الصحفي للوزير السابق ( بيني بيجين ) لم يكن إلا غطاء كثيفا من الضباب الذي يضاف إلى ضبابية القانون نفسه ، الذي غطى تحته تحركا حكوميا جديدا يمضي بالقانون في إجراءات إعداده للقراءتين الثانية والثالثة ، وهذا ما يحصل فعلا ، حيث لم تتوقف رئيسة لجنة الداخلية البرلمانية اليمينية ( ميري ريجيف ) عن إدراجه على جدول أعمال اللجنة ، ولكن بتغيير بسيط لكنه خطير جدا ، وهو أن يُدخل الائتلاف الحكومي التعديلات الجديدة أثناء بحث القانون بما يتفق مع الرؤية الجديدة : إخلاء كامل بالقوة دون تعويض مهما كان نوعه أو حجمه ...
( 2 )
لم يعد هذا التوجه بعد التطورات الأخيرة مناورة إسرائيلية تُخَوِّفُ به الحكومة المجتمع العربي حتى يقبل ( بالموجود !!! ) مخافة مواجهة الأشد خطرا ، لكنه الآن حقيقة لا بد من مواجهتها بطريقة مختلفة عن تلك التي تبناها المجتمع العربي حتى الآن .. القضية الآن ليست إلغاء مشروع ( قانون برافر بيجين ) لمصلحة حَلٍّ أكثر إنصافا للمجتمع العربي في النقب ، أو حتى لمصلحة بديل ( اللاحل !!! ) الذي يُبقي الأوضاع على سوئها دون تغيير كعقاب إسرائيلي ليس غريبا علينا بسبب رفضنا للقانون الحالي .. القضية الآن – وهذا ما يجب أن يعيه الجميع – أن إسرائيل ماضية في المصادقة على قانون فيه فقط ( إخلاء لعشرات آلاف المواطنين العرب ، وهدم عشرات القرى ، ومصادرة مئات آلاف الدونمات العربية ) ، ولكن دون تعويض هذه المرة .... أما وسيلة التنفيذ المحتملة ، فهي القوة مهما كلف ذلك المجتمع العربي من ثمن ... هكذا ....... فهل نحن على أبواب ( يوم ارض ) جديد بحجم اكبر بكثير من يوم الأرض الأول عام 1976 ؟ لا أستبعد ... بل أدعو إلى الاستعداد لهذا البديل الذي ستضطرنا إليه إسرائيل عاجلا أو آجلا ...
( 3 )
مع ذلك من المناسب المضي في تحليل القانون الحالي بصيغته الأولى ، وخصوصا فيما يتعلق بملف الأراضي التي سيتم تخصيصها لغرض التعويض ، أو ما يسمى ب - ( שטחי תמורה ) ، وهو ملخص لعدة أوراق أعدها عدد من الباحثين ، حول خريطة أراضي التعويض التي تم عرضها في لجنة الداخلية البرلمانية تمهيدا لبحثها في جلساتها الدورية :
الخريطة جزئية :
تتطرق الخريطة فقط إلى المناطق الواقعة شرقي مدينة بئر السبع – مثلث بئر السبع/عراد/ديمونة ، والتي هي منطقة القرى غير المعترف بها . معنى ذلك أن الخريطة لا تشير من قريب أو من بعيد إلى طلبات الملكية في قرى المجلس الإقليمي ( أبو بسمة ) السابق ، والتي هي قرى معترف بها في إطار المجلسين الإقليميين ( القسوم ) و- ( نافي مدفار ) ، وكذلك طلبات الملكية في مناطق البلدات المعترف بها وفي منطقة النقب الغربي.
أنواع الأراضي المشمولة :
الخريطة تميز بين ثلاثة أنواع من أراضي التعويض : أراض للتعويض والسكن ، أراض للتعويض ، وأراض " ستعاد " للدولة . المصطلح " تعاد " مثيرة للجدل ، حيث أن هذه الأراضي لم تكن بيد الدولة ، ولكن مختلف على ملكيتها مع المواطنين . هذا بالإضافة إلى أن الأراضي التي وصفتها السلطات ب - " مناطق عسكرية " ، لكنها لم تستغلها لهذا الغرض ، " ستُعاد " إلى الدولة بدل أن تخصص لخدمة المواطنين في النقب .
أراضي لغرض التعويض والتوطين :
مساحة هذه الأراضي حوالي 140000 ( مائة وأربعون ألف ) دونم ، وكلها ضمن منطقة البحث ( אזור החיפוש ) ، والذي يعني أن الأراضي الواقعة ضمن هذه المنطقة وهي بئر السبع الكبرى ، هي " أراض قروية زراعية مشتركة / נוף כפרי חקלאי משולב " . يمكن إقامة قرى بدوية جديدة عليها أو توسيع قرى قائمة بالفعل . معنى ذلك أن " منطقة البحث " قد تقلصت مساحتها ب – 60000 ( ستون ألف ) دونم ( 30% ) ، إذا أن مساحتها حسب خريطة بئر السبع الكبرى هو 200000 ( مائتا ألف ) دونم . هذا إضافة إلى أن الخريطة لم تحدد على وجه الدقة المساحة المخصصة للتوطين وللتعويض ، والذي يعني أنه ليس هنالك من تحديد واضح وموثوق للمناطق المخصصة للتوطين .
أراضي للتعويض :
المساحات المخصصة للتعويض كأرض ( תמורה קרקעית ) هي حوالي 30000 ( ثلاثون ألف ) دونم ، والموجودة عند الهوامش الشرقية لمنطقة بئر السبع الكبرى ( מטרופולין ). المساحات المخصصة للتعويض كأرض حسب مشروع القانون هي زراعية فقط ، حيث سيتم خصم القطع المخصصة للبناء من هذه المساحة . من المشكوك فيه جدا ما إذا كان بالإمكان استغلال الأراضي المعينة حسب الخريطة ، لأغرض زراعية من أي نوع ، هذا بالإضافة إلى أنه وعلى جزء من هذه الأراضي هنالك قرى بدوية ستطالب بإخلاء المكان .
ألأراضي الموصوفة ب - " تُعاد " للدولة :
المساحات المختلف على ملكيتها مع السكان العرب والتي تنص الخريطة على أنها " ستعاد للدولة " ، تصل إلى حوالي 150000 ( مائة وخمسون ألف ) دونم .من المفيد التأكيد هنا أن الأراضي المختلف على ملكيتها مع السكان حسب الخارطة هي فقط الواقعة في منطقة المثلث بئر السبع/عراد/ديمونه . لا تتطرق الخريطة أبدا إلى باقي قضايا الملكية ( قرى أبو بسمة/بلدات/غربي شارع 40 ) . هذا يعني أن الدولة تأخذ لنفسها مساحات شاسعة جدا من الأرض ابتداء ، خصوصا تلك ألأراضي التي تعيش عليها أعداد كبيرة من السكان الذي سيُطالبون بالجلاء عنها . الغريب في الأمر أن قرية ( الغرة ) مثلا والتي تم الاعتراف بها في إطار خريطة بئر السبع الكبرى ( מטרופולין באר שבע ) ، وحصولها على ( رقم بلدة/סמל יישוב ) ، قد تم شطبها من جديد ، وأعيدت أراضيها للدولة حسب الخريطة .
إخلاء سكان عرب :
حسب الخريطة والتي تشكل صلب مشروع قانون برافر ، فإن حوالي 5000 ( خمسة آلاف ) بيت من المفروض أن يتم إخلاؤها ، والذي يعني تهجير حوالي 40000 ( أربعون ألف ) مواطن عربي . هذا المعطى لا يشمل سكانا سيُطالبون بإخلاء بيوتهم في إطار المناطق المخصصة للتعويض وللتوطين ، حيث انه لا يُعرف بالضبط مساحة الأراضي المخصصة للغرضين المذكورين ، وعليه فلا نستطيع تحديد أو حتى تقدير أعداد السكان الذين يمكن أن يشملهم القرار بالإخلاء في لحظة ما من هذه المناطق . هذا يعني أننا نستطيع وبكل تأكيد الحديث عن إخلاء ما لا يقل عن 40000 ( أربعون ألف ) مواطن عربي ، وهو رقم غير نهائي كما ذكرنا .
القرى المتضررة :
كل القرى غير المعترف بها سيلحقها الضرر البالغ ، حتى تلك الموجودة ضمن المناطق المخصصة للتعويض والتوطين . هذا يعني أن القرى الواقعة خارج مناطق التعويض والتوطين ، ستصاب بشكل قاتل وكل سكانها سيطالبون بالإخلاء وهي حوالي 18 ( ثمانية عشرة ) قرية . أما بالنسبة لباقي القرى فإن ما سيطالب منها بالإخلاء غير معروف ، والذي يعني أن إمكانية إخلاء الأغلبية الساحقة من السكان هي إمكانية واردة بكل تأكيد .
( 4 )
من خلال الاتصالات التي تمت هذا الأسبوع ، والمشاورات التي جرت مع الكثير من المختصين ، أستطيع أن أجزم أننا مقبلون على واحد من بديلين . الأول ، قانون برافر الحالي . الثاني ، قانون جديد أسوا من الحالي يتم إدخاله تحت نفس العنوان. في كلا الحالتين ، يبدو أن المشوار أمامنا ما زال طويلا ، وأن جولات المعركة التي مضت لن تكون شيئا إلى جانب الجولات القادمة ..
[email protected]
أضف تعليق