"البندقية تزرع والسياسي يحصد ,وخائن من يزرع ولا يحصد" هي احد ثوابت حركة فتح التي لبست ثوب السياسة والعمل الدبلوماسي ولكنها لم تنسى هويتها الأساسية وهي أنها حركة تحرر وطني فلسطيني تدافع عن الأرض والإنسان المحتلين من عدو يجيد استخدام كل أدواته ولبس كل الأقنعة الممكنة من اجل تظليل العالم وتزييف الحقائق والوقائع على الأرض التي جعلت من محمد الذرة إرهابي وقاتله شهيد وجعلت من الثائر إرهابي والمحتل يدافع عن نفسه تلك المفاهيم والقيم المقلوبة كان لابد من إيضاحها وفضحها أمام العالم .

الشعب الفلسطيني لا يعشق الموت ويؤمن بالسلام ويريده بل ولديه إيمان مطلق بفكرة التعايش يساوي إيمانه بالدفاع عن حقه الذي امتشق السلاح من اجله ورمي الحجر وخرج بالاعتصام السلمي وتصدى بجسده العاري للدبابة والطائرة هو نفسه أيضا من حضر المؤتمرات وخاض جولات التقارب والتفاوض وبشر بالسلام وقاتل من اجل الفكرة ,لكن الممارسات التي تتعمدها دولة الاحتلال هي ما يدفعه إلى اليأس والكفر بهذه الفكرة التي لم تعطه أي من آماله وطموحاته ,فشعبنا لا يقاتل رغبة في القتال لكنه يدفع دفعا للقتال من اجل تحقيق حلمه وطموحه وأماله بالسلام المنشود .

بعد عشرين عاما جلسها شعبنا خلف طاولة المفاوضات والعالم كله ينظر إلى فعل الاحتلال من جرائم بحق الإنسان والأرض من قتل وقمع وخطف ومصادرة للأرض وسرقة للماء وقتل للحجر والشجر والبشر ومصادرة الحقوق الدينية والحضارية والتاريخية فهل نحن شعب كاره للسلام أم أن صاحب هذه الممارسات هو الذي يقتل السلام, كل هذا يدفع شعبنا لإعادة النظر في طريقة إدارة المرحلة القادمة والاستفادة من إخفاقات المرحلة السابقة على قاعدة كلنا نعمل من اجل فلسطين بعيدا عن التخوين والاتهامات .

إن معظم شرائح شعبنا المجتمعية بكل اختلاف أطيافها باتت تحمل قناعة بان المفاوضات لا طائل منها أو نتيجة ترجى , وأكاد أقول أن أيضا المفاوض الفلسطيني بات يحمل نفس القناعة والإيمان بهذه الفكرة ولكن هل هذا يدفعنا إلى ترك هذا الخيار والتخلي عن المكتسبات السياسية التي حققناها طوال الفترة الماضية وهل نحن نملك الإرادة والقدرة على ترك هذا الخيار ؟ أم علينا البحث عن ما يعزز قدراتنا التفاوضية ويقوي إرادتنا السياسية وهل نحنن نملك الأدوات التي تمكنا من التمترس خلفها كأدوات تعزيز وتقوية ؟؟ وما هي خيارات المفاوض الفلسطيني بعد الاصطدام بعدم اقتناع الاحتلال بمنهج السلام ؟؟ .

من الخيارات المطروحة في حال فشل العملية التفاوضية الجارية و هو الأمر المتوقع والذي نستطيع تلمسه بوضوح في ممارسات الاحتلال على الأرض هو اللجوء إلى المؤسسات القانونية و الدولية من اجل تثبيت الحق الفلسطيني وتعرية الاحتلال , هو خيار جيد لا احد يستطيع إنكار أهميته وقيمته ولكنه يبقى خيار يتيم يحتاج إلى خيارات دافعة وداعمة له أهمها خيار الدعم الشعبي المطلق من الكل الفلسطيني وهو الأمر الذي لن يحدث دون توافق وطني جبهوي يساعد عليه .

كثيرة هي الأقلام و الألسن والأدوات التي تقدم نقد للعملية التفاوضية وتهاجمها ,لكن لم نرى حتى اللحظة الطرح العملي الذي قد يشكل بديل واقعي مقبول ويراعي المتغيرات الدولية و التغيرات في المنطقة والاهم من ذلك يراعي احتياجات شعبنا وقدرته على الصمود والتحدي ,ففي الوقت الذي نقدم فيه النقد لهذه المفاوضات علينا تقديم البديل وطرح البرنامج الممكن والذي يتناسب مع أدوات واحتياجات شعبنا وقدراته بحيادية دون تضخيم او إيهام للنفس ...............

من الردود التي أصبحت بديهية عند السؤال عن بديل المفاوضات هو المقاومة ,والغريب أن هناك من يحاول تقزيم مصطلح المقاومة في تفسير ضيق له مختصرا هذا المصطلح في عملية حمل السلاح رغم أن وجود أهل القدس في القدس رغم ما يتعرضون له هو مقاومة وزراعة الفلاحين لأراضيهم المحاصرة بجدار العزل العنصري مقاومة وخروج أنصار الأسرى أمام الصليب مقاومة ورسم لوحة للعالم توضح معاناة شعبنا مقاومة ونشر قضيتنا للعالم مقاومة ,نعم المقاومة المتكاملة العناصر هي من البدائل الجيدة للمفاوضات ولكنها لا تصلح أن تكون بديل وحيد وتحتاج إلى عناصر متلازمة تستطيع الاستفادة وترجمة مخرجاتها لتصبح مكتسبات لشعبنا ونعود مرة أخرى لمربع الحاجة إلى المفاوضات ولكن .....

المشكلة لم تكن يوما في المفاوضات ولكن الأهم كيف ندير هذه المفاوضات وتسخر لها كافة إمكانيات شعبنا لنحقق مكتسبات من عدو يجيد استخدام كافة أدواته وهنا تبرز الحاجة الحقيقية إلى برنامج وطني متكامل تبادل فيه الأدوار مدعوم بإجماع شعبي ويبقى دائما نهج التفاوض بين الخطأ والصواب يتحمل فيه الجميع المسئولية عن هذا الخطأ والصواب .

برز في الآونة الأخيرة اسم لكيان أطلق عليه التجمع الشعبي لإسقاط المفاوضات حمل الكثير من المضامين الجيدة والأفكار البناءة التي كان يتحدث فيها عن إيجاد قوة دافعة شعبية تعزز القيادة السياسية وتوحد أبناء شعبنا حول خيار ومفاهيم على أساس ثوابت وطنية ,أرى انه كان على أصحاب الفكرة عند اختيار الاسم للتجمع الشعبي مراعاة إضافة كلمة "الحالية " لأننا كشعب فلسطيني لسنا ضد السياسة والدبلوماسية كنهج واحد الأساليب التي نطوعها لاسترداد حقوقنا وتحقيق مصيرنا ولكننا ضد النهج الاحتلالي في التعامل معنا بطريقة إضاعة الوقت والاستمرار في سلبنا حقوقنا , ومن باب حسن الظن في فكرة التجمع الذي طرح الكثير من الأفكار التي من الممكن أن يبنى عليها ومن اسمه التجمع الشعبي نأمل أن يستمر التجمع شعبي بعيدا عن التجيير السياسي والتجييش تجاه طرف بعينه وان يسعى في مسار عمله إلى طرح أفكار عملية استنباطا من الشارع والفصائل والمختصين و الأكاديميين والمستنيرين في المجتمع الفلسطيني تستطيع أن تقارب بين مختلف التوجهات السياسية في فلسطين لإيجاد برنامج عمل مشترك ومتفق عليه يشكل قوة حقيقية لشعبنا الذي يعاني في كل أماكن تواجده مع اخذ هذه المعاناة في الاعتبار .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]