ذكرت في مقالي السابق عن التحديات الجديدة التي تواجه رئيس بلدية شفاعمرو الجديد، أني سأتوقف عند تحديات أخرى. في الأسبوع الأخير برزت مشكلة شركة الجباية التي جددت عملها بشكل مفاجيء بين السكان، وهذا تحد طاريء نشأ لظروف غير مفهومة للمواطنين، ولأن التحدي طاريء فلن أتوقف عنده لأنتقل لتحديات أكثر عمقا وتأثيرا على مستقبل بلدنا وأجياله القادمة.

كتاب شفاعمرو: من المعروف أن المجلس البلدي السابق أقر إصدار كتاب شامل عن شفاعمرو بمناسبة الاحتفال بالمئوية الأولى للبلدية، وأوكل المجلس للباحث الفلسطيني الدكتور شكري عراف مهمة وضع الكتاب. وبغض النظر عن النقاش الذي دار حول اختيار الباحث فيما اذا كان صحيحا أو خطأ، ورغم تعيين لجنة استشارية من شخصيات شفاعمرية معروفة لمراجعة الكتاب ووضع الملاحظات حوله، ورغم المراجعات والتعديلات إلا أن رئيس البلدية السابق وتحت ضغوط مختلفة قام بحجز الكتاب في أحد جوارير مكتبه، ولم يقم بطباعته وتوزيعه في احتفالات المئوية كما وعد دون تقديم أي توضيح للأهالي أو تقديم نقد ذاتي جريء، وتم طمس الموضوع وطمس عشرات ألوف الشواقل، والأهم طمس المعلومات القيمة حول تاريخ وجغرافية شفاعمرو وعائلاتها وأحيائها ومبناها ومؤسساتها وكل نواحي حياتها التي لا تقاس بمال.

واليوم وبما أن "التغيير بلش" مع الرئيس الجديد لشفاعمرو الأستاذ أمين عنبتاوي، وهو رجل التربية والتعليم ورجل المراكز الجماهيرية ويعرف مدى القيمة المعنوية والعلمية لمثل هكذا كتاب وأهمية طباعته ونشره، فانه يتوجب على رئيس البلدية والذي تعقد عليه الآمال الكبيرة، أن يقوم بمراجعة هذا القرار والعمل على اصدار الكتاب، رغم عدم رضى البعض لأسباب لا مجال للخوض فيها هنا، لأنه من حق سكان شفاعمرو الاطلاع على الكتاب ومضمونه، وكي لا يقع رئيس البلدية في أي احراج جديد، يمكنه تشكيل لجنة جديدة تجمع أشخاص متخصصين في المجالات المختلفة وليس لأنهم يحملون ألقابا معينة، لمراجعة الكتاب مراجعة مهنية أخيرة واقرار اصدار الكتاب، لأنه من أسس الحياة الديمقراطية السليمة والعصرية ألا يتم الحجر على الكلمة والمعلومة في عصر المعلومة وحرية الكلمة.

لقاء الأعياد: منذ ما يقارب العقدين وهناك تقليد جار في شفاعمرو يتمثل في لقاء الأعياد، ويتلخص في قيام وفود الطوائف الثلاث بتبادل تهاني العيد بشكل دوري ومتبادل وذلك في الأعياد: الميلاد المجيد (للطوائف المسيحية)، الفطر السعيد (للطائفة الاسلامية) والأضحى المبارك (للطائفة الدرزية)، ويتم في لقاء الأعياد القاء بعض الكلمات التي تحولت الى تقليدية بشكلها ومضمونها وتناول الحلويات اضافة الى المصافحة عند دخول القاعات أو مغادرتها، هذا التقليد الروتيني أدى بعزوف أعداد كبيرة عن المشاركة فيه.

وبما أن "التغيير بلش" علينا أن نبدأ باجراء تعديلات وتغييرات في لقاء الأعياد، وهنا لا أدعو لالغاء هذا التقليد الجميل، لكن آن الأوان لتضمينه مضامين جديدة واجراء تغيير في شكل اللقاء بحيث يؤتي بالثمار التي يدعى اليها في اللقاءات وتجاوز مرحلة الكلام الى الفعل. وأول ما يجب تغييره هو رئاسة رئيس البلدية لوفد الطائفة الاسلامية في لقاء الأعياد، لأن رئيس البلدية ليس رئيس طائفة وليس برجل دين، وهو رئيس للبلدية ويمثل جميع سكان البلد على انتماءاتهم الدينية والسياسية والاجتماعية، علاوة على أنه حصل ويحصل على أصوات من أبناء جميع الطوائف، لذا على رئيس البلدية أن يكون فوق الطائفية، وأن يقف مع المسيحيين في عيد الميلاد ليستقبل المهنئين المسلمين والدروز وأن يقف مع الدروز في عيد الأضحى في استقبال المهنئين المسلمين والمسيحيين وكذلك مع المسلمين في عيد الفطر، وأن يتم توكيل أحد أئمة المساجد برئاسة الوفد الاسلامي كما يترأس أحد الكهنة الوفد المسيحي وامام الخلوة الوفد الدرزي.

هذا من حيث الشكل والذي يحمل أبعادا جديدة ومختلفة عما كان متبعا. أما الأهم وهو مضمون اللقاء، حيث آن الأوان أيضا ومن العيد القادم أن يتغير مضمون اللقاء الذي يقتصر على كلمات معايدة ومجاملة وعلى المصافحة والممالحة لوقت قصير، حيث يلتقي عادة في هذا اللقاء كبار السن والبالغين الذين يعرفون بعضهم من أيام الدراسة المشتركة وعلاقاتهم الشخصية والفردية قوية ومتينة. ورغم أنه جرى التأكيد أكثر من مرة على أهمية التقاء أبناء الأجيال صغيرة السن الذين باعدت بينهم المدارس المنتشرة في الأحياء المتباعدة في البلد، إلا أن اي خطوة فعلية لم تتخذ في هذا المضمار، واليوم مع "التغيير الجدي" لا بد وأن يطرأ تغيير جدي على جوهر لقاء الأعياد. وأول تغيير أو تجديد يتمثل في عقد لقاءات بين صغار السن وخاصة طلبة المدارس، كي يتعرفوا ويعرفوا بعض وبهذا تزول الأفكار المسبقة السائدة في أوساطهم، ويتقربون الى بعض ويبنون الصداقات ويتبادلون الزيارات، فكيف نصل الى ذلك؟

طبيعي أن هذا لن يتحقق من خلال لقاء أو لقائين، وكي ننجح في أفكارنا علينا أن نبدأ بشكل مصغر ومتواضع وأقدم اقتراحا عمليا كي لا يبقى كلامنا مجرد مواعظ وكلام نظري. يمكن أن نختار صفا من المدرسة الأسقفية وصفا من مدرسة الشيخ صالح خنيفس وصفا من مدرسة ابراهيم نمر حسين على سبيل المثال ( ويمكن من خلال مجالس الطلاب في تلك المدارس أو سواها). ونعقد سلسلة لقاءات بينها ينفذها مدربون تربويون مختصون، مع مضامين تربوية واجتماعية، ومن ضمن ذلك تعريف الطلاب على الأعياد لدى الطوائف المختلفة، معناها وأهدافها وطقوسها، وتتوج زيارة تلك المجموعات في لقاء الأعياد أو قبله الى مؤسسة تربوية أو دينية للمعرفة أكثر عن العيد ومعانيه الدينية والاجتماعية والشعبية، ويمكن تنظيم زيارات فردية أو في مجموعات صغيرة مختلطة الى البيوت لكي يعيش الطلاب أجواء العيد في البيوت ولدى العائلات. ويمكن أن يشارك ممثلون من أولئك الطلاب فيما بعد في "لقاء الأعياد" لينقلوا للمشاركين انطباعاتهم عن تلك اللقاءات وما أحدثته في نفوسهم وأفكارهم وتقاليدهم من تغيير ايجابي. وبعد نجاح التجربة يمكن التوسع بها الى صفوف أخرى ومدارس أخرى حتى تنفذ في جميع المدارس بعد سنوات قليلة. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]