استقرار مصر ضرورة حتمية لاستكمال خارطة الطريق وهذا الاستقرار لن يتأتى إلا باستعادة هيبة الدولة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لأن مشاكلنا تحتاج إلى هدوء لكي نصل الى حلول لها وإلا سنظل ندور في حلقة مفرغة.

بعدما أكدت الأحداث وآخرها يوم احتفالاتنا بنصر أكتوبر أن هناك من لا يريدون استقرارا وليس من مصلحتهم عودة الأمور الى نصابها الصحيح ولن تستطيع أي حكومة أن تنجز في ظل استمرار حالة الفوضى في كل شيء والاستقرار ليس مفهوما أمنيا فقط إنما يشمل كل عناصر بنية المجتمع.

ولا شك أن التخطيط الأمني لاقتلاع الإرهاب من بؤره في مناطق عديدة كان خطوة على الطريق الصحيح نحو استعادة هيبة الدولة المصرية وهو أمر حيوي لكي يعود الاستقرار الى الشارع لكن يجب أن نضع في الاعتبار حقيقة مهمة وهي أن هيبة الدولة مرتبطة بفكرة مستقرة في علم السياسة هي (السيادة) التي تعد ركنا أساسيا لمكونات أي دولة وبدونها نكون أمام لا دولة حتى ولو توافر عنصرا الأرض والشعب.

وعندما نكون أمام حكومة قوية تمتلك أدواتها وتفرض النظام بقوة القانون فإننا نمتلك القدرة على استعادة هيبة الدولة والمقصود بالنظام هنا انتظام دولاب الحياة اليومية وعودة عجلة الإنتاج الى الدوران من جديد وايجاد حلول عملية وسريعة وناجزة لمشكلات مزمنة أصابت نسيج المجتمع وتغولت نتائجها لدرجة أن المواطن المصري أصبح عاجزا عن التعامل مع هذه المشكلات ولا تجرؤ أي حكومة على اتخاذ قرارات لاقتلاعها واستئصالها من جذورها.

ومن هذه المشكلات التكدس المروري بالعاصمة والعشوائيات والبطالة والقمامة والبلطجة والانفلات بكافة صوره في المجتمع و قصور التنمية المجتمعية والاقتصادية خارج القاهرة الكبرى خاصة في الصعيد وسيناء والمناطق النائية.

وعندما نكون أمام اقتصاد قوي ومناخ استثمار صحي فإننا نصبح قادرين على الحفاظ على هيبة الدولة لأن الاستقرار السياسي والأداء الاقتصادي الإيجابي وجهان لعملة واحدة هي الدولة القوية ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بالفصل بين الاحتجاج والتظاهر والاعتصام من جهة والعمل والإنتاج من جهة أخرى ولا بديل عن عودة المصريين الى مواقع العمل.

وهيبة السلطة القضائية جزء لا يتجزأ من هيبة الدولة.. ولا هيبة لدولة لا يجل أو يحترم فيها قضاؤها ورغم كل مساوئ نظام مبارك إلا أن القضاء كان خطا أحمر وما حدث للقضاء من إهانة في عهد الإخوان سابقة لم يسجلها التاريخ من قبل في حقبه المختلفة.

وهيبة الدولة لا تتحقق في ظل انفلات إعلامي أو عدم الالتزام بمواثيق الشرف الإعلامية المتوافق عليها أو من خلال ما نسميه الأمانة المهنية بل يجب أن تؤكد الرسالة الإعلامية بكل أشكالها سواء كانت سمعية أو مرئية أو الكترونية هيبة الدولة وتعمل الأفكار البرامجية على تكريسها وتنتقد أي سلوك أو فعل يتعارض مع هذا المفهوم.

أعتقد أن ما تقدم يقودنا الى القول إنه يجب إعطاء الأولوية لفكرة استعادة هيبة الدولة في كل المجالات وذلك حتى نستطيع تنفيذ خارطة المستقبل خاصة اننا مقبلون على مرحلة دقيقة وحرجة من اقرار دستور للبلاد واجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ولا يمكن انجاز ذلك الا في ظل اجواء مستقرة .

إن ما حدث خلال احتفالات الشعب المصري بالعيد الأربعين لانتصارات حرب اكتوبر من محاولات البعض لإفساد الاجواء الاحتفالية يؤكد أن مصر يجب أن تعود الى أبنائها الحقيقيين الذين هي بالنسبة لهم وطن وليست سكنا.. الوطن هو الانتماء والسكن هو مأوى وهؤلاء الذين لا يرجون استقرارا لمصر لا ينتمون لها إنما هي مجرد سكن يؤويهم وإما ينتمون لمصر أو لا مكان لهم فيها وعليهم ان يبحثون عن سكن آخر.

إن مصر يجب أن تكون وطنا لكل المصريين وتلك بداية الطريق نحو عودة الاستقرار ولكي نفكر في معالم الغد الجديد!! 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]