أوجاع في الرأس، أوجاع في الظهر، التهابات متكررة في الصدر والحنجرة... هل تعلمين أن العديد من الأمراض لها مكونات نفسية؟ إليك التفاصيل...

إنه مرض جسدي نفسي... كم مرة سمعنا هذه العبارة! الأمراض ليست كلها نفسية، لكن يجب الاعتراف أن كل الأمراض، من البسيطة والعادية إلى الخطيرة والوخيمة، يمكن أن تنجم أو تتفاقم بسبب مشكلة نفسية. فالروح والجسم يرتبطان عن كثب ببعضهما البعض، ولا ينفكان عن التأثير في بعضهما البعض. وليست هذه مجرد نظرية بسيطة. فالعواطف تحفز إفراز مواد، مثل الأدرينالين أو النورادرينالين، تنظم عمل العديد من أعضاء الجسم. التوتر المفرط نوعاً ما يمكن أن يسبب انخفاضاً في مستوى الكريات البيضاء المسؤولة عن حماية الجسم من الاعتداءات الخارجية، ما يفتح الباب أمام اعتداءات من كل الأنواع.

التوتر والخناق الصدري


الخناق الصدري، سواء نجم عن فيروس أو عن بكتيريا، يتمثل في ألم في الحنجرة وارتفاع في الحرارة، وهو أحد الأمراض الأكثر شيوعاً في فئة أمراض الأنف والأذن والحنجرة.
يظهر الخناق الصدري غالباً في مرحلة التوتر أو القلق أو الاكتئاب. فإذا عانيت من الخناق الصدري بشكل متواتر ومتكرر، إسألي نفسك. هذا الخناق «النفسي» مرتبط غالباً بغضب مكبوت تجاه شخص تجمعنا به علاقة يشوبها النزاع أو وضع يصعب تقبله.
فائض الكورتيزول، الهرمون الذي ينتجه الجسم استجابة للتوتر، يميل إلى إضعاف جهاز المناعة. إلا أن هذا الانخفاض في المقاومة يفتح الباب أمام عدد من العوامل الالتهابية التي نجح الجسم قبل ذلك في التغلب عليها. وقد أثبت العلماء صحة هذه النظرية على الخناق الصدري، وكذلك على الزكام وداء السلّ.


العواطف ونوبات داء الربو

داء الربو هو مرض التهابي مزمن في الشعيبات الهوائية يصيب ملايين الأشخاص حول العالم. ولطالما ساد الاعتقاد أن داء الربو سببه جسدي نفسي. هذا خطأ، حتى لو كان التأثير النفسي ملحوظاً نوعاً ما.
يعزى داء الربو إلى عدد من العوامل الوراثية والبيئية (جهد، مواد مسببة للحساسية، فيروس، تبغ، تلوث، إلخ...). إلا أن نوبات الربو يمكن أن تحدث أو تتفاقم نتيجة عواطف قوية (ضحك، بكاء، غضب، حماس، توتر، انزعاج). لكن تجدر الإشارة إلى أنه مهما كان السبب، يبقى داء الربو مرضاً مميتاً ولذلك يجب عدم إهمال النوبة على الإطلاق.
أثبت باحثون أميركيون أن مجرد لفظ كلمات مسببة للتوتر أمام أشخاص مصابين بداء الربو كفيل بتنشيط مساحات معينة في الدماغ وزيادة ردات الفعل الالتهابية ووخامة النوبات.


التوتر وأوجاع الظهر

يعاني 80 في المئة تقريباً من الأشخاص في أوجاع الظهر خلال مرحلة ما من حياتهم. وفي أغلب الأحيان، يستحيل تحديد السبب بدقة فائقة، لكن المؤكد أن المكوّن العاطفي يؤدي دوراً مهماً.
بالإضافة إلى الأسباب المعروفة (مثل الفتق في الفقرات، أو الحمل، أو الآفات العضلية، أو التواء العمود الفقري)، يرتبط وجع الظهر، حتى لو كان عرضياً، بالتوترات العضلية الناجمة عن توتر شديد في الحالة النفسية أو العاطفية.
فالتوتر النفسي يسبب توترات عضلية، لاسيما على مستوى الظهر والكتفين والعنق. وقد أظهرت دراسة أميركية أن الأشخاص الذين يتعرضون لتوتر شفوي مهم ولا يكشفون عن ردات فعل ظاهرة يستخدمون عموماً العضلات الخاطئة لرفع الأثقال، مما يزيد من احتما التواء العضلات ونشوء أوجاع الظهر.


التعبير عن الاستياء وصداع الشقيقة

من منا لا يعاني من الصداع؟ وفي أغلب الأحيان، يكون سبب الصداع نفسياً لدرجة أن بعض أنواع الصداع تعرف باسم صداع التوتر.
صداع التوتر هو ألم في الرأس، خفيف إلى متوسط، يظهر بشكل مفاجئ ويمكن أن يستمر أياماً عدة. يشعر المرء أن رأسه موضوع في خوذة ضيقة جداً. يظهر هذا النوع من الصداع غالباً في سن المراهقة، ويصل إلى ذروته في عمر الثلاثين، ويعزى في أغلب الأحيان إلى توتر نفسي اجتماعي: نزاع في العائلة أو مع الشريك، صعوبات مالية أو شخصية أو جسدية (صورة سيئة للذات، عقد نفسية...) وفي حالات التوتر الشديد، يميل الشخص بطريقة لاواعية إلى الانكماش والانقباض بصورة لاإرادية. بالنسبة إلى بعض الأشخاص، يأتي الألم من إشارة عصبية مؤلمة أو من تدفق الدم في الدماغ. وبالنسبة إلى أشخاص آخرين، ينجم الألم عن جفاف في مساحة الجيوب الأنفية.


الهموم وقرحة المعدة

لطالما جرى اعتبار قرحة المعدة بمثابة المرض الجسدي النفسي بامتياز إلى أن اكتشف باحثان أوستراليان أن القرحة ناجمة عن بكتيريا Helicobacter pilori. لكن يتضح اليوم أن نسبة قرحات المعدة الناجمة عن هذه البكتيريا باتت في انخفاض مطرد، وعاد الحديث مجدداً عن العامل النفسي.
تشير الأبحاث إلى أن 20 في المئة من القرحات لا تعزى إلى أي سبب محدد. ينجم العديد من القرحات عن فرط في الأكل أو عن توتر كبير. وليست صدفة أن المرضى الذين يدخلون المستشفى وهم في حال حرجة يصابون بقرحة التوتر. وقد تبين أساساً أن التوتر يفاقم تواتر الأعراض ووخامتها.
السبب؟ حين يضعف جهاز المناعة، يحفز التوتر نشوء البكتيريا والالتهابات (ولاسيما Helicobacter pilori). كما تحصل زيادة في إفراز حمض الكلوريدريك، مما يسبب التهاباً يمكن أن يفضي إلى قرحة.


فرط في تفاعل جهاز المناعة ومشكلات البشرة

قد تكون البشرة الجزء الأكثر حساسية وتفاعلاً مع المشاعر. فالعديد من الأمراض تتفاقم نوعاً ما نتيجة التوتر. وهذه هي حال داء الصداف (psoriasis) والأكزيما، والقوباء (Herpes) والثآليل.
إذا لم تكن مشكلات البشرة ناجمة عن أسباب واضحة (فيروس، جينة، حساسية...) فإنها تعزى في أغلب الأحيان إلى سبب نفسي. بالفعل، ليس مستغرباً أن تتفشى الأكزيما في البشرة بعد أيام قليلة من حدث مروّع (مثل انفصال عن الشريك، أو طرد من العمل...) وفي الإجمال، يستطيع التوتر بكل أشكاله (النفسية والجسدية على حد سواء) أن يفاقم مشكلات البشرة الموجودة أصلاً، ولاسيما داء الصداف والطفح الجلدي.
يقول الأطباء والباحثون إنه عند التعرض للتوتر، يمكن لخلايا جهاز المناعة في البشرة أن تفرط في ردة الفعل وتسبب (أو تفاقم) أمراضاً التهابية. وأظهر باحثون كنديون أن التوتر فاقم أمراض البشرة عند الفئران عبر زيادة عدد الكريات البيضاء الموجودة في البشرة وعبر قمع وظيفة نوعين من البروتينات مسؤولين مبدئياً عن مضاعفة أعداد الكريات البيضاء.


الانزعاج والمشكلات الهضمية

نعرف جميعاً ذلك الانقباض المزعج في المعدة. قبل الامتحان أو قبل موعد مهم. إنها حقيقة: المشكلات الهضمية ترتبط عن كثب بحالتنا العقلية. فالتوتر هو مولد أساسي للمشكلات الهضمية الوظيفية، خصوصاً إذا ترافق مع أسلوب عيش غير صحي، ويؤدي إلى الإمساك أو الإسهال أو أوجاع البطن أو الانتفاخ أو الحرقة في المعدة. تشيع عند النساء هذه الأمراض المزمنة الحميدة وتتموضع خصوصاً على مستوى القولون أو المعي. وعند الرجل، يعتبر المريء المساحة الأكثر حساسية.
يقول الأطباء إن التوتر يرتبط بإفراز الأدرينالين في الجسم، الذي يؤدي، على المدى الطويل، إلى خلل في عمل المعدة والأمعاء مما يكبح الهضم. كما يزيد من إفراز الحمض المعوي المحفز لحرقة المعدة.

معلومات طبيّة

الوزن والإقلاع عن التدخين
إن استخدام رقعة النيكوتين لوقت أطول من فترة العلاج الاعتيادية يمكن أن يخفف زيادة الوزن عند الذين يحاولون الإفلاع عن التدخين. فقد أظهرت التجارب السريرية أن الذين وضعوا رقعة نشطة طوال ثمانية أسابيع اكتسبوا قرابة الخمسة كيلوغرامات خلال ثلاثة أشهر، مقابل كيلوغرامين تقريباً فقط عند الذين استخدموا رقعة النيكوتين لمدة ستة أشهر. واللافت أن الاستخدام الإضافي لرقعة النيكوتين لم يضاعف التأثيرات الجانبية.
ما سرّ ذلك؟ النيكوتين يقمع الشهية، وتستطيع الرقعة تخفيض مأخوذ الطعام وتعزيز أيض الجسم (Metabolism)، ولذلك فإن استخدام رقعة النيكوتين لفترة طويلة يعزز الفوائد ويساعد بالتالي على عدم اكتساب الكثير من الوزن بعد الإقلاع عن التدخين.

الشاي والطاقة
الشاي، أكثر من القهوة، يجعل المرء في مزاج إنتاجي أفضل. ففي دراسة شملت 95 شخصاً، تبين أن شرب الشاي العادي من دون حليب أو سكر أعطى أداء أفضل في العمل. وتم ربط شرب الشاي الخالي من السكر بتضاؤل مستوى التعب، لكن الأمر لا يبقى على حاله عند شرب الشاي مع السكر. يقول الباحثون إن السبب يعود إلى احتواء الشاي على الفلافونويد، المركبات التي تعزز تدفق الدم في الدماغ، مما يحسن المزاج والقدرات الإدراكية على حد سواء.

الفيتامين لمواجهة تشنجات العضلات
يمكن لمكملات الفيتامين D أن تخفف من التشنجات المرافقة لدورة الطمث. فقد أظهرت دراسة إيطالية حديثة أن النساء اللواتي استهلكن جرعة كبيرة من الفيتامين D (300 ألف وحدة) تحدثن عن انخفاض في آلام دورة الطمث مقارنة مع النساء اللواتي لم يحصلن على الفيتامين. والواقع أن الفيتامين D يخفف الالتهاب، المسهم في آلام دورة الطمث. إلا أن الأطباء يحذرون من الإفراط في جرعات الفيتامين D ويوصون بمقدار 600 إلى 800 وحدة دولية يومياً، وعدم تجاوز مستوى 4000 وحدة يومياً. فالمعدلات التي تتجاوز هذا الحد يمكن أن تسبب تراكمات خطيرة للكلسيوم في الجسم. لكن بالنسبة إلى النساء اللواتي يعانين من آلام الطمث، يمكنهن الحصول على 2000 وحدة دولية يومياً من الفيتامين D.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]