النزيف الحيضيّ الحاد، الذي قد يكون في كثير من الأحيان أكثر (وأسوأ) من "مجرد" أمر غير مريح، هو حالة من النزيف تفقد خلالها المرأة أكثر من 80 مليلترا من الدم خلال حيض واحد، الأمر الذي يؤدي إلى الحاجة للقيام بتغيير الفُوَط والسدادات (الطمبون) القطنية بصورة مكثفة وبوتيرة أعلى. بالإضافة إلى الشعور بالتعب بسبب النقص في الحديد، وإلى معاناة المرأة من محدودية قدرتها على المشاركة في الفعاليات الإجتماعية والرياضية وحتى التقييد بالنسبة للممارسات اليومية التي تحتاج إلى جهد مُطول أو التواجد لفترات طويلة خارج البيت. 

هذا الأمر ليس طبيعيا، وهو كذلك غير مريح ويتعارض مع الأداء الوظيفي في العمل وفي البيت، ويحدّ من الحياة الترفيهية على حد سواء.

إلى جانب كل هذا، هناك تداعيات صحية خطيرة للنزيف الحيضيّ الحاد، أهمها الإصابة بفقر الدم. وفقر الدم هو حالة تكون فيها نسبة كريات الدم الحمراء في الدم أقل من النسبة المعيارية. تحتوي كريات الدم الحمراء على مادة الهيموجلوبين، وهي المسؤولة عن نقل الأوكسجين إلى جميع خلايا الجسم. عندما يكون هناك نقص في كريات الدم الحمراء الحاملة للهيموجلوبين، يشعر الإنسان بالتعب الشديد وبالدوار، بالإضافة إلى صعوبات في التركيز. بل إن الأمر من الممكن أن يصل حد الشعور بضيق التنفس. بالتالي، تضطر النساء اللاتي تعانين من النزيف الحيضيّ الحاد إلى تناول الإضافات الدوائية التي تحتوي على مادة الحديد بشكل دائم – وإذا كنّ يخططن للحمل مستقبلا، فمن الواضح أن هذا الأمر يعتبر أمرا بالغ الأهمية، لأن مخزونات الحديد الطبيعية في الجسم، هي أحد العوامل الحيوية من أجل حصول الحمل السليم.

هنالك الكثير من النساء اللاتي يبحثن عن حل لمشكلة النزيف الحاد. لكن النساء في سن الخصوبة، واللاتي يخططن للحمل مستقبلا، لا يستطعن أخذ أي علاج متوفر في السوق، إذ أن بعض هذه العلاجات قد لا تكون ملائمة لهن.

اقتراحات جيدة للنساء في سن الخصوبة

أود أن ألقي الضوء على خيارين ملائمين للنساء في سن الخصوبة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن مشكلتهن ليست ناجمة عن ورم تليّفي أو سليلة [ورم حميد في الرحم]. مما يعني أن تنظير البطن أو التسخين الحراري غير ملائمين لهن. هذه الخيارات هي وسائل منع الحمل هرمونية ذات النجاعة المعتمدة المخصصة لتقليل النزيف الحاد.

اللولب الذي يُركَّب داخل الرحم، ميرينا، لمنع الحمل هو أيضاً ذو نجاعة في مجال تقليل النزيف

لقد لاقى اللولب الهرموني الذي يُركَّب داخل الرحم شعبية متزايدة خلال العقد الماضي كوسيلة لمنع الحمل. إذ أن إحدى الحسنات البارزة في هذا اللولب - إلى جانب قدرته على منع الحمل - هي مساهمته في الحد من النزيف الحيضيّ الحاد. يتألف لولب ميرينا جهاز بلاستيك صغير على شكل T، ويحتوي على هورمون – ليفونورجيستريل. يتحرر الهورمون إلى داخل تجويف الرحم بطريقة منضبطة ومراقبة. من بين الأمور التي يؤدي لها هذا الهورمون، جعل بطانة الرحم أقل سُمكا. فلقد تبين أنه بعد بضعة أشهر من الاستخدام - وفي بعض الأحيان منذ بداية الاستخدام- تنخفض كمية النزيف الحيضيّ بصورة ملحوظة، قد تصل في بعض الأحيان إلى نسبة 97%. وحتى أن هناك بعض النساء اللاتي يتمتعن بانقطاع النزيف كلياً.

على ضوء نجاعته بتقليل النزيف الشهري، فإن استخدام لولب ميرينا يوصى به للنساء اللاتي يعانين من النزيف الحاد أثناء الدورة الشهرية.

كيف يتم الحدّ من النزيف؟ يقوم اللولب الهورموني الذي يُركَّب داخل الرحم بإعاقة تطور ونمو بطانة الرحم. وبطانة الرحم – كما هو معلوم – هي التي تخرج كل شهر من خلال النزيف الحيضي، بل إنها في الواقع هي نفسها هذا النزيف. لذلك، كلما كانت أقل سمكا، يكون النزيف أقل. عندما يتم تركيب لولب هورموني، فإن الهورمون المُفرز يمنع بطانة الرحم من النمو ولذلك فإنها حين تخرج من الجسم في نهاية الدورة الشهرية، ستكون رقيقة جداً، ويكون النزيف الحيضي خفيفا وقصير الأمد، ومصحوبا بقدر أقل من الألم. بخلاف اللولب النحاسي، وحيث أن لولب الميرينا لا يضر بالخصوبة، فإن استخدامة ملائم أيضا للنساء بين الولادات، وكذلك للنساء اللاتي يخططن للولادة بعد بضع سنوات، كما أنه ملائم أيضا للنساء صغيرات السن. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]