أفاد بحـَث نـُشرت نتائجه مؤخرا ً بوجود آثار واضحة لأعراض الصدمة النفسية ("بوست تراوما") في أوساط الفتيان المراهقين في بلدة "سديروت" المحاذية للحدود مع قطاع غزة.
ولـَفـَت َ معدّو البحث إلى أن جانبا ً من هذه الآثار والأعراض قد خف ّ وتضاءل، بفضل العناية والرعاية النفسية التي قام بها المعلمون بالمدارس، دون الاستعانة بخبراء الصحة النفسية .
وشكل البحث (154) فتى ً مراهقا ً، من تلاميذ صفوف السوابع والثوامن، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 -13 عاما ً في احدى مدارس البلدة المذكورة (سديروت).
وتجدر الإشارة إلى أن المعطيات المتعلقة بالبحث وضروراته، قد بـُدئ بجمـْعها عام 2008، بواسطة استمارة تتضمن أسئلة تشخيص علمي، شملت (17) مسألة.
وتبين من تحليل الأجوبة أن 43،5 % من الفتيان المشاركين في البحث، قد ظهرت لديهم أعراض تدل على اضطرابات نفسية مصنـّفة على أنها "بوست تراوما" (آثار ما بعد الصدمة).
وهنا شدد معدو البحث على أن الفتيان المشاركين الذين خضعوا للفحص قد أجابوا على أسئلة الاستمارة في فترة كانت بلدتهم تتعرض فيها لآلاف الصواريخ المنطلقة من غزة، ويموها أصيب (15) مواطنا ً بهذه الصواريخ.
مجموعتان من المفحوصين
وترأس طاقم معدّي البحث الدكتور روني بيرغر، وهو خبير في الصحة النفسية يعمل في جامعة بئر السبع، ويعمل كذلك مديرا ً للخدمات الأهلية في "نطال" – الهيئة الخاصة بالمصابين بالصدمة على خلفية قومية.
وقد قســّم الباحثون الفتيان الخاضعين للفحص إلى مجموعتين: الأولى، المكونة من 107 فتيان، شملت تلاميذ تلقوا علاجا ً نفسيا ً بأسلوب خاص، مميز، تم ابتكاره وتطويره انطلاقا ً من دراسة بحثية قام بها معلمو المدارس. أما المجموعة الثانية، المكونة من (47) تلميذا ً، لم يخضعوا لأي تدخـّل علاجي.
واشتمل العلاج الذي اختبره البحث على لقاءات أسبوعية استغرق كل واحد منها تسعين دقيقة، شارك بها المعلمون لتخفيف الضغط والتوتر لدى التلاميذ. واستمرت اللقاءات (16) أسبوعا ً (أربعة أشهر): من نوفمبر تشرين الثاني عام 2007 وحتى مارس آذار عام 2008.
واشتملت اللقاءات والدروس على مواضيع تتعلق بزيادة الوعي والمعرفة بشأن رد فعل الجسم للضغط (النفسي) ، وتتعلق بتعلـّم تقنيات وأساليب للتخلــّص من الضغط، وزيادة الوعي لدى التلاميذ حول مشاعرهم وأحاسيسهم والربط بين الإحساس والعاطفة.
انخفاض في آثار الصدمة
وتعلم التلاميذ كذلك طرقا ً وأساليب للسيطرة على المشاعر، وعلى وتيرة التنفّس والاستعانة بالخيال الموجّه – وكذلك أساليب للتلهـّي والابتعاد عن الضغط والتوتر ، ولمواجهة الغضب والفقدان.
وتحدث المعلمون مع التلاميذ حول أساليب تحسين الاتصال والتواصل مع الآخرين، وأساليب تحويل الأزمات إلى فـُرص.
وفي أعقاب هذه الأحاديث والتدخـّلات سـُجـّل انخفاض ملموس في آثار ما بعد الصدمة (البوست تراوما) في أوساط الفتيان المراهقين.
وتبيــّن أن احتمالات الشفاء لدى المشاركين في المجموعة المتعالجة تفوق احتمالات زملائهم في مجموعة الفحص والمتابعة بضعفين وسبعة أعشار .
فمن بين (48) تلميذا ً صـُنـّفوا على أنهم يعانون آثار ما بعد الصدمة (في مجموعة التدخــّل) بقي منهم (13) فقط على هذه الحالة بعد مرور أربعة أشهر (27.1%) .
أما في المجموعة التي خضعت للمراقبة والمتابعة، دون تدخل علاجي، فان (12) تلميذا ً من أصل التسعة عشر تلميذا ً الذين شـُخصت لديهم آثار ما بعد الصدمة – قد ظلوا يعانون الأعراض بعد انتهاء مدة المراقبة والمتابعة (63.9%).
استخلاصات وعـِبـَر
ويرى معدو البحث، أن نتائجه تؤكد أهمية التدخل الهادف للدعم النفسي من قبل المعلـّمين أيضا ً، باختلاف مع الدعم الذي يحظى به التلاميذ في "سديروت" وجاراتها، وهو دعم يقدمه غالبا ً خبراء مختصون في الصحة النفسية وعلم النفس والعمل الاجتماعي، ويصف الباحثون الدعم المقدم من المعلمين بأنه متاح ومتيسّر وغير مكلف، بالإضافة إلى انه "غير محرج" لمتلقــّيه.
[email protected]
أضف تعليق