سؤال:

أنا فتاة في السادسة عشرة من عمري. أعيش فراغا ولا أجد لحياتي أي معنى أو سببا لوجودي. كيف أساهم بأن أجعل حياتي ذات معنى، متعة وحيوية؟

الجواب:

عزيزتي،

تحياتي.

ليس فقط أنت التي تفتش عن سبب لوجودها ومعنى لحياتها. كثير من الناس البالغين الذين وصلوا لسن متقدمة وما زالوا يعيشون حياة فارغة متكررة وغير متجددة. تزداد حياتهم صخبا ويزداد شعورهم بالفراغ والبرود. هناك عدد من الأثرياء الذين لا يرون بحياتهم سوى الفراغ ويتراكضون بشتى الوسائل لكسب المزيد من المال والفراغ يزداد اتساعا.

هل السر يأتي من الخارج أم من نوع التفكير؟

نوع تفكير الفرد هو الذي يؤثر على مشاعر الفراغ أو الامتلاء. بمقدورنا توجيه نوع التفكير لإحداث التغيير. كلما نظرنا لحياتنا وكأنها ملل دائم كلما اقتنعت عقولنا وثبتت رؤيتنا. كلما نظرنا لحياتنا بأنها مصدر نعمة وعمل مفيد كلما زادت حياتنا غنى وامتلاء. نوع تفكيرنا هو الذي يخلق لنا واقعنا الحقيقي. عقلنا هو المبدع والذي يصمم لنا واقعنا اليومي الجميل أو العكس. كثيرا ما نعمل على تجميد عقلنا المبدع وذلك بفرض تفكير مشحون باليأس والتشاؤم من غير أن نعي خراب ما نسببه لأنفسنا. نحن الذين بمقدورنا اختيار ما نريد أن نرى وأن نسمع. فأي حديث أو خبر سلبي ومقيت بمقدورنا عدم الانجرار بشؤم تفاصيله. نحن الذين نزرع الطاقات المتفائلة بحياتنا ونتآلف معها ولا نسمح لأية إيحاءات سلبية أن تدخل لحياتنا وتفكيرنا.

فلتراقبي تفكيرك وتخيلي لك واقعا ممتلئا بالنعمة واشكري في كل حين.

ماذا تقول الأبحاث عن ماهية مشاعرنا؟

لقد أثبتت الأبحاث بأنه لدينا من الإرادة بنسبة عالية لتذويق نوع مشاعرنا أو تشويهها. فإن أردت الدخول بحالات من اليأس والقنوط يمكنك استحضار أكبر عدد من الصور القاتمة ومن غير أن تدري سوف تدخلين بدوامة المقت والمشاعر السوداوية. الفرص في الحياة كثيرة. بمقدور الجميع التقاطها. تحتاج منا أحيانا لبعض جهد، صبر وربما مذاكرة ومثابرة... هناك نوعان من الطرق لكسب تلك الفرص. الطريق الأول هو بالشعور بالغضب وأحيانا التأفف أما الثاني فهو بالتأثير على الشعور ذلك بالوقوع بحب الوسيلة التي ستوصلك لهدفك. نوع المشاعر نحو أي هدف هو الذي يجعله ثقيلا ومقيتا أو خفيفا وممتعا. بما أنه وكما أثبتت الأبحاث بأن عقلنا له سيطرة كبيرة على نوع مشاعرنا فبدل من أن نأخذه لليأس والقنوط فلنباشر باستحضار كل أسباب الفرح والتفاؤل لتتحول حياتنا لنعمة.

هذا لا يعني بأننا وبظروف مثل فقدان عزيز، زلزال، كوارث طبيعية لا نمر بحالات حزن وقلق. تلك أقدار طبيعية لا سلطة لنا على تغييرها. في مثل تلك ظروف نحتاج لأن نعيش حقيقة عواطفنا الإنسانية الطبيعية والصحية ولكن ليس إلى الأبد. في مرحلة زمنية لاحقة بمقدورنا تحويل نوع مشاعرنا للتغيير الإيجابي والصحي أيضا.

بتفكيرنا الإيجابي وباستحضار صور جميلة بمخيلتنا نجعل من حياتنا حالة من النعمة وفيضا من التسامح والحب. فلو عاد يلح على ذهننا حدث ماض غير مستحب يمكننا وبعد التنفيس العاطفي عنه أن نعمل على تخفيف حملنا بتحويل خيالنا لواقع آني جميل واستبدال تفكيرنا بصور متفائلة.

ماذا عن الشعور بالامتنان؟

كثيرة هي العبارات المرضية المقيتة والتي تعمل على تسميم طعم الحياة مثل: أنا أستحق أفضل! لماذا أنا التي تعاني من سوء حظها؟ هذا من حقي فلم يتمتع به الآخرون وأنا لا؟ من الواجب أن يخدمني. أنا أذكى فكيف للآخر أن يحصل على...؟ عبارات تستفز صاحبها للشعور بالغيرة، الحسد والتطلب الشره من غير شبع.

كثير من الناس يحفظون ضغينة لمحيطهم كلما شعروا بنجاح أو إنجاز للآخرين. مشاعر مشحونة بالانتقام من غير وعي. يحفظون لهم الحقد بسبب أو من غير سبب. ليس بالضرورة أن يكون الشخص المقصود قد أساء إليهم ولكنهم على اهبة الاستعداد للكرهية.

هناك فريق من الناس يحفظون للآخر الشعور بالامتنان لأية مبادرة أو عمل خير يقدمه له. يمتلئ قلبه بالشعور بالامتنان والغبطة نحو الجميع وتغمر حياته نعمة الشكر.

إن مشاعر الشكر والامتنان تجعل العقل أكثر ابداعا لخلق صور جميلة ومتفائلة وتعمل بالنفس لتصبح أكثر سوية وسعيدة.

إن الطبيعة الخلابة التي نعيش فيها هي أفضل نموذج لنا. هي لا تأبه بإساءة بني الإنسان لها ولا تضمر لهم الانتقام فتستمر بالعطاء وبالكرم بلا مقابل أو انتظار مقابل. كثيرة هي أسباب الشعور بالامتنان التي تجعل قلبنا يرقص منها فرحا ولا يسمح لدخوله ما يعكر تلك الفرحة الفياضة. كل تعاون، تسامح، ثناء، كلمة لطيفة... هي أسباب للشعور بالامتنان والشكر. لا لانتظار عمل الخير من الآخر ونعم للتفتيش عن كل خير بالآخر.

ماذا عن العمل والنشاط الدائم؟

بعد أن اعتاد تفكيرك وخيالك اللجوء لكل ما هو إيجابي وجميل يلزمك أيضا الانشغال بأعمال تحبينها وبإضافة عمل واحد لا ترغبين به للتطوع والمساعدة - مسن، طفل، عاجز مريض...-.

الانشغال الدائم يجعل لحياتك معنى وهدفا. لا تنتظري المقابل على كل فعالية تنجزينها.

إن البيئة ليست دفيئة. لذا فلا لتوقع الكمال من ذاتك أو من محيطك.

وأخيرا لا تنسي الاهتمام بغذائك ورياضة جسدك فهو البيت الذي تعيشين به طيلة حياتك وله عليك حقوق.

أنا دوما إلى جانبك،

باحترام،

إلهام.

ملاحظة: هل لديك المزيد لتكتمل الصورة؟ فلتضيفي حاجة واحدة أخرى للائحة سعادتنا اليومية لتكملة الشعور بالنعيم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]