تشهد حفلات تخريج صفوف الثواني عشر ، اليوم ، اهتماما واسعًا من قبل العديدين، حيث بات موسم حفلات التخرج موسمًا هامًا خلال العام ، حاله حال موسم الأعياد أو الأعراس مثلاً ، بالإضافة إلى ذلك فإن الخريجين والخريجات يبدون اهتمامًا بالغًا بلباسهم ومظهرهم يوم الحفل بل وأحيانًا كثيرة تشتعل المنافسة بين الفتيات بشكل خاص لتثبت كل واحدة منهن إنها كانت الأجمل أو ارتدت الفستان الأغلى ثمنًا ..!

إضافة إلى ذلك كلّه فقد بات شائعًا أيضًا أن يخصص الأهل "ميزانيّة" لتحقيق مطالب ابنهم أو ابنتهم الخريج/ة، إضافة، طبعًا، لتخصيص ثمن "محترم" لهدية قيمة تليق بالمناسبة..

مراسلنا التقى عدد من الآباء، الخريجين وأصحاب الاختصاص في مجالي العمل الاجتماعي وعلم النفس بالإضافة إلى أصحاب بعض صالونات التجميل لسؤالهم عن "تقليعة" موسم التخرج وعن مدى تقبلهم الفعلي لها، وعاد لنا بالآراء الآتية:

منعتُ ابنتي من الذهاب الى الحفل لأنه بدأ بعد انتصاف الليل ..

سعيد عواودة وهو أب لعائلة مكونة من خمسة أفراد ، احتفل بتخريج ابنته البكر منار قبيل أسبوع من اليوم وقد أخبرنا سعيد إنه لا يمانع أن يكون هناك اهتمام بحفلات التخرج وأن تصبح هذه الحفلات "صرعة" أو "تقليعة" حيث إنه لمن المهم أن يفرح الشباب والشابات بإنجازهم وأن يعيشوا احتفالاً ترافقهم ذكراه مدى العمر ، لكن ما يرفضه رفضًا قاطعًا هو تلك الحفلات التي تلي حفلة التخرج والتي يقيمها طلاب المدرسة وتبدأ بعد انتصاف ليلة التخرج لتستمر بذلك حتى ساعات الصباح الأولى ، مشيرًا إلى أنه قام بمنع ابنته من حضور هذه الحفلة لأن توقيتها لم يناسب قناعاته وقد قال لنا في هذا الصدد : "أنا لا أمانع الحفلة كفكرة لكنني أعترض على توقيتها فلا أعتقد إن هناك من سبب يمنع أن تقام هذه الحفلات في ساعات المساء الأولى ، بعد انتهاء حفلة التخرج مباشرة ، وتنتهي قبيل انتصاف الليل ..!" .

وسائل الإعلام المحليّة تتحمل جزءًا من المسئوليّة ..

هبة أمارة (25 عامًا) : لا بد من أن أقر بأن هناك مبالغة كبيرة في البذخ الذي بتنا نراه خلال حفلات التخرج لكن علينا أن لا ننسى إن الاهتمام الإعلامي الذي تخصصه المواقع الإلكترونية العربية في بلادنا لهذه الحفلات يتحمل جزءًا من المسئوليّة في هذا الإطار أيضًا.

سميح أبو حمد : لا يمكن إنكار إن التخرج من المرحلة الثانوية يشكل "حدثًا" في حياة هؤلاء الشباب ولذلك نجدهم يمنحوه اهتماما بالغًا بل ومبالغًا به بعض الشيء ، لكننا جميعًا مررنا بالتجربة ذاتها وعشناها بكل تفصيلاتها وعلينا ألا نمنعهم من عيشها بدورهم أيضًا .

900 شاقل هي تكلفة فستان التخرج وصالون التجميل ..

رنين سعدي (قابلناها في يوم تخريجها أثناء تواجدها في صالون التجميل) وأخبرتنا إن الاستعداد لحفلها يجري على قدم وساق مؤكدة إن هذه التحضيرات تعد مكلفة جدًا حيث إنها مثلاً سترتدي فستانًا بقيمة 700 شاقل بالإضافة إلى أجرة صالون التجميل التي قد تصل إلى مبلغ 200 شاقل ، كما إنها تنتظر هدية من ذويها وهي عبارة عن سلسلة ذهبية قيّمة .

بدرية بيرومي، قالت في هذا الصدد : ليس لدي تعليق محدد على هذا الموضوع لكنني أعتقد إن الفرح والاحتفال هما أمران جميلان وعلينا قبولهما ، فلا شيء يستحق المعالجة هنا .

على كل المدرسة أن تنص قانونًا يُلزم خريجيها ارتداء زي محدد للحفل ..

خالد ماير (تخرج قبل سنوات عدة) قال معقبًا : إنني أرى إن حفلات التخرج هي أمر جميل وتبقى ذكراها مع الخريجين طوال حياتهم لكنني أعترض على المبالغة في مثل هذه الحفلات التي باتت مكلفة جدًا في بعض الأحيان ..

نور نجّار (تخرجت عام 2007)، قالت بدورها : لا أزال أذكر حتى اليوم ثمن الفستان الذي ارتديته في حفل تخرجي فقد وصل ثمنه إلى 450 شاقلاً حينها بالإضافة إلى حصولي على خاتم من الذهب تعدت قيمته الألف شاقل..! ، وأعتقد إن اهتمام الخريج أو الخريجة بمظهرهم في حفلهم الكبير ليست "تقليعة" ولدت اليوم فإن هذا الأمر متبع منذ سنوات ، بالإضافة إلى ذلك فإن المكان الذي تعيش فيه يفرض عليك كيفية التعامل مع الأمر ففي بعض المدارس العربية هناك قانون يلزم الطالب بارتداء قميص أبيض وبنطال أسود للحفل مما يمنع الطلاب من المنافسة في هذا الإطار بيد أن هناك مدارس أخرى التي تمنح طلابها حرية الاختيار الكامل لما يرتدونه في الحفل الأمر الذي يخلق نوعًا من التنافس الجميل رغم إنه مكلف أحيانًا .

صاحبة صالون "رشا" للسيدات ، رشا عودة قالت لمراسلنا إنها تنتظر "موسم حفلات التخرج" بفارغ الصبر لأنه بات موسمًا كأي موسم آخر تقبل خلاله الفتيات على الصالون وتطلب كل واحدة منهن أن يتم تجهيزها بأبهى حلّة من أجل حفل تخرجها ..

رأي أهل الاختصاص ..

العامل الاجتماعي محمد قدح قال لنا معقبًا : "أعتقد إن المبالغة باتت تحكم هذه التقليعة وهو أمر غير صحي أبدًا اجتماعيا ، فإن التخرج من المرحلة الثانوية يعد مرحلة انتقالية في حياة الفرد وليست مرحلة "تتويج" للفرد على إنجازاته ، لذا فإنني لا أحبذ هذه المبالغات في الاحتفال حيث إنني ألاحظ إن التحضيرات لحفل التخريج تبدأ قبيل شهر من موعده تقريبًا ، بالإضافة إلى ذلك كله فإنني أحمّل وسائل الإعلام المحلية مسئوليّة هذه التقليعة لأننا بتنا نشهد اهتمامًا إعلاميًا غير مسبوق بصور الخريجين والخريجات وصارت أخبار حفلات التخرج تتخذ مواقع الأخبار الرئيسية ، وهذا بحد ذاته ما يحث الشباب على الظهور بالحلة الأبهى والتطرف في اهتمامهم بمظهرهم .

الأخصائي النفسي سامر عثمان قال : "إنه لأمر صحي جدًا أن يحتفل الإنسانُ بانجازاته ، وينتقل بذلك من مرحلة الى أخرى راضيًا ومكتفيًا لكن الأمر غير الصحي فيما يحدث في حفلات التخرج هو المنافسة المحتدمة بين الشبان والشابات لإحراز تفوق كل منهم في شكله الخارجي ولباسه ، حيث إن هذه المنافسة ضارة أكثر منها نافعة إضافة إلى إنها تثقل كاهل الأهل لما يتطلبه تحقيقها من ميزانية تعد كبيرة نسبة للوضع الاقتصادي للعائلات العربية في إسرائيل .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]