يُعتبر العلاج الفيزوترابي (العلاج الحركي) مجالاً مرتبطاً بموضوع الطب، ويقوم به المعالج المختص، الذي يكتسب هذه الخبرة من خلال الدراسة الأكاديمية لمدة أربع سنوات في الجامعات المختصة.
بدأ هذا المجال العلاجي بالتطور خلال القرن التاسع عشر، بعد الحرب العالمية الأولى في إنجلترا، وكان ذلك نتيجة لوجود حاجة لتأهيل مصابي الحرب ووقايتهم من المشاكل المتعلقة بالحركة، وإعادة تأهيلهم ومتابعة حياتهم الطبيعية بعد العلاج قدر المُستطاع.
مجال العلاج الفيزوترابي هو عالم واسع بحد ذاته، يشمل تخصصات متعددة، وعلاجات متنوعة، سيحدثنا عنها المعالج الفيزوترابي إياد طه خلال المقابلة التالية:

بطاقة شخصيـــة..
بعد حصوله على اللقب الأول في مجال العلاج الفيزوترابي (العلاج الحركي)، من جامعة تل أبيب، عمل المعالج إياد طــه في مستشفى الناصرة الإنجليزي خلال عام 2001، تخصص في مجال الرياضة والأعصاب في مستشفى "تل هشومير"- تل أبيب، ومرشد علاجي في جامعة حيفا، ومؤخراً قام بإنهاء موضوع "دراسة طرق العلاج" التي تُسمى طرق علاجية للعمود الفقري والمفاصل. معظم عمله في المستشفى قائم على استقبال المرضى الذين يعانوا من مشاكل في العظام.
بالإضافة إلى العمل في مستشفى الناصرة الإنجليزي، يعمل طه في عيادته الخاصة التي تستقبل مرضى من صندوق المرضى كلاليت ومؤحيدت، وهو مسؤول عن قسم العلاج الفيزوترابي في بيت المسن في حيفا.

تشخيص العلاج الفيزوترابي...
يقول طه: " يتم تشخيص الحالات التي تصلنا من خلال عدة اختبارات مهنية ومختصة، يقوم بها المعالج الفيزوترابي، كي يتمكن من حصر المشكلة ومُسبباتها. بعد عملية التشخيص، يقوم المعالج ببناء برنامج مُلائم للمريض حسب المُشكلة التي يعاني منها، حيثُ يقوم بعدة تقنيات في مجال عمله منها اليدوية (المساج) الموضعي للمشكلة، بالإضافة إلى استخدام التقنيات الحديثة في العلاج والتي دخلت مؤخراً من خلال استخدام الأجهزة الكهربائية المختلفة التي سوف نتطرق لها في سياق الحديث.

مجالات التخصص...
يُحدثنا طه عن مجالات التخصص المتعددة في مجال العلاج الحركي –الفيزوترابي- حيث يستطيع كل معالج أن يدرس مجالا واحدا أو أكثر، ويعالج بهم في الوقت ذاته، مؤكداً أن هذه التخصصات يكتسبها بعد إتمام 4 سنوات من الدراسة الأكاديمية. وهذه المجالات هي:
• جراحة العظام: يقوم المعالج بتشخيص ومعالجة الهيكل العظمي للمريض أو المصاب، بعد إصابته بصدمة جسدية (حادث) أو احتكاك ميكانيكي في مفاصل الجسم.
مجال الأعصاب: تقديم العلاج للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات أو خلل/ أمراض في الجهاز العصبي، مثل الإصابة في الدماغ، أو بالعمود الفقري وبالذات النخاع الشوكي.
إعادة تأهيل جهاز التنفس: وهو تشخيص وعلاج أمراض مختلفة في جهاز التنفس، التي تكون ناتجة عن أمراض مثل الربو والالتهاب الرئوي وغيرها.
الأطفال والخُدّج: تشخيص وعلاج مجموعة متنوعة من الاضطرابات في النمو عند الأطفال، والنمو الحركي ( المشي المتأخر)، ومشاكل أخرى، قد تنتج عن وضعية الجنين خلال فترة الحمل، خاصة عند الأطفال الذين يولدون مع مشاكل في الرقبة أو أمراض موجودة بالجهاز العصبي.
الطب الرياضي: وهو عبارة عن تشخيص وعلاج للإصابات المتعلقة بالمجال الرياضي، وخلاله يتم علاج المصاب وتأهيله لاحقاً وإعادته إلى مجال الرياضة في أقصر فترة ممكنة.
إعادة تأهيل القلب: وهو مُعد للمرضى الذين عبروا نوبة قلبية، أو بعد خضوعهم لعملية في القلب، يتمحور هذا البرنامج حول إعادة اللياقة البدنية وتقوية عضلات القلب عند المريض، وقدرته على تحمل المجهود، ويهدف هذا العلاج إلى التوعية لعدم التعرض لنوبات قلبية مستقبلاً وإعادة الأشخاص الذين مروا بهذه التجربة إلى نشاطهم الدائم.
إعادة تأهيل واستقرار: "استقرار بنية الجسم"، وهذا العلاج غالباً ما يتم إجراؤه للأولاد والشباب الذين يعانون من تغيرات في نمو العمود الفقري الذي يؤدي إلى الانحناء مع الوقت والتحدُب، ويكون هؤلاء الأشخاص بحاجة ماسة إلى برنامج يشمل الإرشادات والعلاج لمنع تفاقم مثل هذه المشاكل.
الأرغونوميا: وهو علم تحسين وتهذيب أجواء العمل بما يتلاءم مع صحة الإنسان، من خلال مساحة العمل لكل فرد، المتعلقة بالمهنة التي يمارسها. وتهدف للتخفيف من الاضطرابات الجسدية الناجمة عن بنية عمل غير ملائمة لوضعية الجسد.

الأعراض وعدد الجلســـات...
طه: " جزء من العلاج الذي يقوم به المعالج الفيزوترابي لحل المُشكلة يَكون حسب برنامج مبني على العلاج ( اليدوي أو الكهربائي)، ومن أجل إنجاح العلاج، على المريض أن يتبع في البيت أو العمل الإرشادات والتوصيات التي يوجهها له المعالج أو الطبيب وسماع النصيحة.
وفيما يتعلق بالأعراض، فإنه ما من أعراض جانبية سلبية للعلاج الفيزوترابي. وبالعادة، إذا لم يُعط العلاج أي فائدة للمريض، فلن تكون له أية أضرار. وفي حال وجدت أضرار كهذه، فإنها تكون بسيطة. وذلك لأن العلاج الحركي منوط باتخاذ المعالج العديد من وسائل الأمان خلال العلاج، كما يقوم باستخدام الأجهزة المناسبة وملاءمتها للمريض.
بالنسبة لعدد عدد الجلسات اللازمة للعلاج، فإنه يتعلق بحالة المريض من جهة، ومن جهة أخرى بصندوق المرضى (كوبات حوليم)، حيث عادة ما يسمح الصندوق بإجراء 6 جلسات أولية، وفي حال لم يستفد منها المريض أو لم تكن كافية له، يتم طلب ست جلسات إضافية، وإذا لزم الأمر لأكثر من 12 جلسة، يتم دراسة وضع المريض من جديد مع لجنة مختصة".

العــلاج الكهربــائــي...تنوع في وسائل تخفيف الألم
طه: " مع تَقدُم التكنولوجيا، تطورت طُرق وأساليب العلاج الفيزوترابي، وأصبحت تتضمن استخدام العديد من ألأجهزة المتقدمة والمختلفة بينها:
جهاز (T.e.n.s): وهو جهاز مخصص لتخفيف الألم، من خلال نقل الموجات الكهربائية، عبر طبقة الجلد، وبإمكان هذا الجهاز عبر الموجات الكهربائية أن يؤثر على الجهاز العصبي، مما يؤدي إلى تخفيض نسبة الألم.
العلاج بالموجات فوق الصوتية "الأولتراساوند": معظمنا يعرف أن جهاز الاولتراساوند، يقوم بإنتاج الأمواج الصوتية، من خلال اختراق الأنسجة وتحويل الطاقة الصوتية إلى طاقة حرارية، وبالتالي خلق التدفئة العميقة في الموضع.
جهاز الموجات القصيرة: يعمل عن طريق ترددات الراديو العميقة، التي تستخدم للفخذ والرُكبة، ويقوم بتسخين عميق للمفصل، يؤدي في نهاية الأمر إلى تحسين وإعادة المادة الغضروفية وتخفيف الألم.
إستخدام وسادة التدفئة ( القربة): تقوم بتسخين مناطق معينة في الجسم مثل المفاصل، وتساعد في تحسين الدورة الدموية، ومعالجة العضلات المشدودة، ويستعمل عادة في الحالات المزمنة،مثل آلام أسفل الظهر.
الليزر: جهاز ينتج موجات ضوء تخترق الأنسجة التالفة وتقوم بإزالتها.

بُكرا: هل من حالات لا يُسمح لها بالعلاج الفيزوترابي؟
طه: يستطيع كل مريض أن يحظى بالعلاج الفيزوترابي، لكن هُناك مرضى يتم استثناؤهم من تلقي العلاج الكهربائي مثل:
- مرضى القلب، الذين يستخدمون " جهاز تنظيم نبضات القلب"، خوفاً من تشويش الأجهزة الكهربائية على نظام نبضات القلب.
- المرضى المصابون بالسرطان، من غير المحبذ أن يلجؤوا إلى العلاج الكهربائي.
- لا يسمح باستخدام الأجهزة على جسم مصاب بجروح غير ملتئمة، لذلك يمكن العلاج بشكل يدوي أو عن طريق الإرشاد.
- تُمنع المرأة الحامل من تلقي العلاج الكهربائي، خشية على الجنين، ويفضل أن يكون العلاج من خلال إرشادات ونصائح من قبل الطبيب.

بُــكرا: هل نجاعة العلاج الفيزوترابي مؤكدة؟
يقول طه: العلاج الفيزوترابي يُشبه وصفة الطبيب للدواء أو كغيره من العلاجات، التي تعطي النجاعة والتحسُن للمريض، وتُساعد على الشفاء الكامل أو الجزئي. حتى يكون احتمال نجاح العلاج أكبر، يجب أن يتقيد المريض بإرشادات وتوصية المعالج الفيزوترابي. إضافة إلى ذلك على المعالج أن يكون حريصاً عند استخدام الأجهزة أثناء معالجة المرضى.

في الحَركــــــة بَركِة
ويتابع طه حديثه قائلاً: "في الحركة بركة، إن الحركة وممارسة الرياضة مفيدة لصحة الفرد. ومجتمعنا يفتقر للوعي الصحي والاهتمام بالصحة والحركة. من الواجب أن يتلقى الفرد هذا الوعي بجيل مبكر، من خلال المدارس والنوادي، التي من خلالها يتم شرح أهمية الرياضة وتقوية العضلة والمفاصل. العلاج الفيزوترابي أكثر نجاحاً في المجتمعات الأخرى (الأوروبية والأمريكية) لأن المريض يتقيد بنصائح المعالج ونحن ينقصنا ذلك".
وأضاف: "لدينا مشكلة واضحة بقلة الوعي الصحي داخل مجتمعنا العربي. على المؤسسات المعنية والسُلطات المحلية الاهتمام بإدخال الرياضة، الفعاليات والنشاطات اللامنهجية، بعد انتهاء الدوام الدراسي في الأماكن الآمنة مثل المدارس والنوادي والمراكز الجماهيرية، على أن تكون على أُسس رياضية، من أجل تحفيز الشباب على ممارسة الرياضة، كما يجب التخطيط من خلال المنهاج الدراسي، لإضافة دروس في موضوع الطب والرياضة".
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]