على مدى آلاف السنين، توجهت النساء، وبشكل تلقائي إلى الطبيب التقليدي في القرى الصينية. وهناك، كن يتلقين جلسات من الوخز بالإبر إضافة إلى بعض الأعشاب الطبية لعلاج كل ما يتعلق بمشاكل الخصوبة والإنجاب. أما اليوم، فقد بات هذا النوع من الوخز بالإبر الصينية، علاجا مكمـّلا لا ينفصل عن العلاج الطبي الحديث لدى الكثير من النساء في مختلف أنحاء العالم الغربي. ففي بعض الأحيان يستعمل هذا العلاج كعلاج مساعد للعلاجات الهرمونية، خصوصا حين يقف العلاج الطبي الحديث عاجزاً أمام المعطيات التي تشير إلى أن كل شيء على ما يرام.

إذاً، ما هي الرؤيا الصينية في شأن الخصوبة؟

القلب، ساعتنا البيولوجية العاطفية.

تعتمد هذه الطريقة من العلاج على مبدأ تنظيم الدورة الشهرية لدى المرأة (الدورة المنتظمة تكون عادة من 28 يوما)، وكذلك على خلق توازن هرموني، حتى لو أظهرت الفحوص الطبية الحديثة نتائج طبيعية، وتعتمد أيضا تنظيم وتوجيه الطاقة لدى المرأة وخلق تدفق دموي سليم في منطقة الرحم والجهاز التناسلي.

تتمحور طريقة العلاج الصيني هذه حول ثلاثة أعضاء في جسد المرأة، لها تأثير مباشر على العملية التناسلية. هذه الأعضاء هي:

1- الكلى، وتعتبر المصدر الأساسي للطاقة في جسد المرأة ونقطة القوة في الجهاز التناسلي لديها. ويعتقد الأطباء الصينيون أن الكلى السليمة والقوية في الجسم تدعم الحمل، ولذا فإن أي ضعف فيها يعني عدم قدرة الجسد على تحمل عملية الحمل والحفاظ عليه.

2- الكبد، وهو برأيهم المسؤول المباشر عن التدفق السليم للدم في الجسم، خصوصا كل ما يتعلق بالأمور التناسلية. كالدورة الشهرية المنتظمة مثالاً، ويعتبرون أن عدم التوازن في طاقة الكبد التي يطلقها في الجسم قد يؤدي إلى عدد من المشاكل النفسية، مثل الخوف الشديد، الغضب وحتى الاكتئاب.

3- القلب، وهو يرتبط بشكل مباشر بالحالة العاطفية لدى المرأة. بحيث أن قلة تدفق الدم أو كميته في القلب قد تؤدي إلى خلل في انتظام الدورة الشهرية. كما قد يؤدي ذلك إلى خوف شديد وعصبية زائدة لدى المرأة. ويعتقد أصحاب هذه المدرسة في العلاج أن خيطا دقيقا من الطاقة يربط ما بين القلب والرحم، يساعد على نقل الطاقة الإيجابية بينهما. وهكذا، باعتقادهم، تحصل الدورة الشهرية وعملية الإباضة. ومن هنا يمكن التعامل مع القلب على أنه ساعة التوقيت البيولوجية للجسد، والتي تجري بحسبها مختلف العمليات الفيزيولوجية المرتبطة بالحمل والولادة لدى المرأة.

القلق والتوتر، ألد أعداء عملية حصول الحمل.

قد يبدو المصطلح "مشاكل الخصوبة"، مصطلحاً مضللا أحيانا. فالمعطيات تشير إلى أن الضغط النفسي، القلق الشديد، التوترات العاطفية والعادية قد تضر باحتمالات حدوث الحمل أكثر من أي مشكلة فيزيولوجية (جسدية) أخرى.

واليوم، في القرن الـ21، تدير السيدات العصريات حياتهن بشكل مختلف، أكثر مهنية وأكثر ضغطاً وتعباً. وهي أمور، إذا ما أضيفت إلى المهمات التقليدية التي قامت بها النساء على مر التاريخ، كتربية الأطفال والأعمال المنزلية وخلافة، فإنها تؤدي إلى أمور غير مرغوبة. فالقلق والتوتر يؤثران دوماً على المنطقة العصبية المسؤولة عنهما، ويفعـّلانها بحيث تبدو مظاهر احمرار الوجه وازدياد سرعة دقات القلب، بالإضافة إلى أوجاع الرأس والشقيقة أمورا بسيطة مقابل المس باحتمالات الحمل الذي قد ينجم عن هذه الحالة النفسية.

هل يكفي أن يحدث اللقاء بين البويضة والحَيمن (الحيوان المنوي)؟

تجزم النظرية الصينية أن التقاء الحيمن مع البويضة لا يكفي، بحد ذاته، من أجل حصول الحمل. فالبويضة الملقحة قد تهيم في فضاء الرحم طويلا دون حدوث الحمل بشكل فعلي. لماذا؟ لأنه من الضروري وجود عنصريين أساسيين لخلق حياة جديدة، أولاً: المادة وثانياً: الروح (الطاقة). ورغم أن المقارنة قد لا تبدو لطيفة، ولكن دعونا نتخيل سيارة، وفيها وقود، ولكنها بالتأكيد لن تعمل ولن تتحرك إن لم تتم عملية الإشعال. وهكذا في العملية التكاثرية، فوجود البويضة (المادة) لا يكفي ويحتاج إلى الطاقة، ذلك الخيط الرفيع الذي يمتد من السماء ويخلق الشرارة الأولى لإنتاج حياة جديدة. عندها فقط يحصل الحمل.

إن مصدر هذه المعتقدات، هو إحدى النظريات الطبية الصينية العتيقة، تلك التي تقول أن الإنسان هو كائن يعيش ما بين السماء والأرض. ففي حين يتركب جسدنا المؤقت من لحم ودم، فإن رؤوسنا قريبة إلى السماء، وكل العمليات في جسدنا تتأثر بشكل مباشر من الطاقات السماوية. وبين الكليتين في جسد الإنسان توجد منطقة من الطاقة تدعى "النار الأميرية"، ولكي يحصل الحمل، لا بد من أن يتصل خيط خيالي يأتينا من السماء بهذه المنطقة. وإذا كانت هذه المنطقة في جسد المرأة غير متوازنة لأي سبب كان، نفسيا أو جسديا، فإن الحمل لن يحدث. وهنا يأتي دور الوخز بالإبر الصينية لإزالة العوائق النفسية التي تمنع حدوث الحمل بسبب إغلاق هذه النقطة أما الالتقاء مع الخيط السماوي.
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]