ألقى محافظ بنك إسرائيل، البروفيسور أمير يارون، كلمة خلال جلسة الحكومة التي تناولت ميزانية الدولة لعام 2026، وجاء في كلمته:
على مدار السنوات الخمس الماضية، اضطر الاقتصاد الإسرائيلي إلى مواجهة أزمتين اقتصاديتين كبيرتين – جائحة كورونا والحرب. وكان أحد العوامل المركزية التي ساهمت في نجاح الاقتصاد في التعامل مع هاتين الأزمتين هو الوضع الاقتصادي القوي الذي سبقهما، وخاصة الوسادة المالية المتمثّلة في انخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، والتي بلغت نحو 60% عشية كلتا الأزمتين. الرسالة الرئيسية التي أود التأكيد عليها هي أهمية الحفاظ الاستراتيجي على وسادة مالية في الاقتصاد الإسرائيلي، باعتبارها قاعدة أساسية لتمكينه من التعامل بنجاح مع الأزمات المستقبلية.

تُشكّل الحرب، التي تجاوزت عامها الثاني، عبئًا ثقيلًا على الاقتصاد الإسرائيلي وعلى ميزانية الدولة. وتنعكس تداعياتها في تراجع الناتج المحلي – لا سيما نتيجة تضرر عرض القوى العاملة – وفي الارتفاع الملحوظ في نفقات الحكومة والدين العام. ومع ذلك، وعلى الرغم من الحدث المأساوي الذي وقع في السابع من أكتوبر واستمرار الحرب لعامين، يُظهر الاقتصاد قدرة ملحوظة على الصمود والتماسك. وفي هذا السياق، تُعدّ الإنجازات على مختلف الجبهات، إلى جانب التراجع في حدة القتال منذ وقف إطلاق النار في غزة، محطة مفصلية تدعو إلى بدء تقليص العجز المالي تدريجيًا، والعودة إلى مسار يؤدي إلى خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.

دخلت دولة إسرائيل الحرب وهي في وضع اقتصادي متين، نتيجة لتطورات اقتصادية إيجابية تراكمت على مدى سنوات طويلة، وإدارة مسؤولة للسياسات المالية والنقدية. وقد تعافى الاقتصاد بسرعة من جائحة كورونا، وانخفضت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بوتيرة سريعة، بفضل سياسة مالية مسؤولة ونمو اقتصادي جيد، ما أتاح إعادة بناء "الوسائد المالية" استعدادًا للأزمة التالية. وبذلك، عزز الاقتصاد الإسرائيلي ثقة الأسواق، وهي ثقة ترسخت على مدار سنوات بفضل قدرته المثبتة على الاستجابة السريعة للأزمات، والعودة بسرعة إلى نشاط منتظم وسياسة مالية مسؤولة.

ثقة بالإقتصاد الإسرائيلي 

حتى الآن، لا تزال الأسواق المالية تُبدي ثقة بالاقتصاد الإسرائيلي، في ظل إنجازات الحرب والسياسة المالية المسؤولة التي تنتهجها الحكومة. وقد ساهم في ذلك اعتماد خطوات تقشف مالي واسعة النطاق ضمن ميزانية عام 2024، ولا سيما في إطار ميزانية عام 2025. وقد ساعدت هذه الخطوات في التخفيف من الزيادة الكبيرة في نسبة الدين إلى الناتج المحلي، والتي كانت ضرورية لتمويل الحرب، وشكّلت دلالة واضحة على الالتزام بخفض هذه النسبة مع تراجع حدة القتال. والآن، مع انحسار وتيرة القتال، حان الوقت لإثبات هذا الالتزام فعليًا أمام الأسواق. ومن المهم التذكير بأن المخاطر قد تراجعت بالفعل – كما يتضح من انخفاض علاوة المخاطرة – إلا أن خطر تجدّد التدهور لا يزال قائمًا، ويُشكّل عنصرًا جوهريًا ينبغي أخذه بالحسبان في رسم السياسات الاقتصادية، وفي الحاجة إلى تأمين هامش مالي مناسب بدءًا من الآن.

الاقتراح المُقدّم اليوم للمصادقة عليه من قبل الحكومة بشأن الموازنة، يضع إطارًا معقولًا لا يزال يسمح ببدء مسار التقشف المالي التدريجي. إذ إن عجزًا بنسبة 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي – وهو الهدف المحدد في مقترح الموازنة – سيُتيح، في عام 2026، خفض نسبة الدين إلى الناتج بدرجة معينة، وذلك في ظل توقعات بنمو اقتصادي مرتفع بفضل تراجع حدة القتال. من المهم أن تُصادق الحكومة على هدف العجز المقترح، وأن تتبنّى وفقًا لذلك الخطوات المطلوبة على جانبي الإيرادات والنفقات، بما يضمن تحقيق هذا الهدف. وتمثّل هذه مهمة صعبة نظرًا للاحتياجات العديدة في المرحلة الحالية، ولذلك أدعو جميع الوزراء إلى تحمّل المسؤولية، بما يسمح بتحقيق هذا الهدف، ويبرر ثقة الأسواق في الاقتصاد الإسرائيلي وفي السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة. وتبرز أهمية هذه المسؤولية على وجه الخصوص في ظل حالة عدم اليقين الجيوسياسي، والحاجة إلى خلق هامش مالي مناسب، والمطالب الميزانية الكبيرة، والغموض القائم بشأن بعض مصادر الإيرادات. إن تقليص العجز المالي، وتبنّي سياسات تدعم الانخفاض المستمر في نسبة الدين إلى الناتج، من شأنهما أن يُسهما في تقليص تكلفة تمويل الدين في الاقتصاد.

أحد مصادر الدخل المحددة في مقترح الموازنة، والذي يبلغ حجمه نحو عشرة مليارات شيكل، هو مصدر مؤقت لمرة واحدة. وبناءً عليه، فإن مقترح الموازنة الحالي، والذي يتضمّن تخفيضات ضريبية دائمة، قد يؤدي إلى زيادة في العجز البنيوي – حتى وإن كانت الموازنة متوازنة خلال هذا العام – مما قد يُصعّب من عملية خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في السنوات القادمة. وبحسب تقديرات وزارة المالية، فإن خطة تخفيف الشرائح الضريبية متوازنة من حيث المبدأ، في مقابل الزيادة المتوقعة في إيرادات ضريبة الأملاك (على الأراضي المعدة للبناء) عند دخولها حيّز التنفيذ الكامل. ومع ذلك، فعلى الأقل في عام 2026، فإن الجمع بين هذه البرامج سيؤدي إلى عجز بمليارات الشواكل، نظرًا لأن تطبيق مقترح ضريبة الأملاك سيتم بشكل تدريجي. فضلًا عن ذلك، فإن المقترح القاضي برفع سقف الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة ("الـماعام") على الواردات الشخصية، سيؤدي إلى خسارة نحو مليار شيكل من الإيرادات، كما سيُحدث تشوّهًا في منظومة الضرائب. لذلك، فإن الحفاظ على التوازن المالي يعتمد بشكل خاص على تنفيذ خطوات مقابِلة، مثل فرض ضريبة قيمة مضافة على قطاع السياحة.

نسبة الدين 

إلى جانب موازنة عام 2026، من المهم أن تدعم الموازنات في السنوات القادمة استمرار الانخفاض في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. وخلال الأسبوع الماضي، أُجريت مناقشات بشأن مسار متعدد السنوات لموازنة الأمن، وقد طُرحت فيها مستويات مرتفعة ودائمة من الإنفاق. إن هذا المستوى من النفقات الأمنية، إلى جانب المسارات الحالية للإنفاق المدني ومعدلات الضرائب القائمة، لا يدعم خفض نسبة الدين إلى الناتج، بل قد يؤدي إلى زيادة ملحوظة ومستمرة فيها، بل وفي بعض السيناريوهات قد تقترب من 80% من الناتج المحلي مع نهاية الفترة المحددة – حتى لو نما الناتج وفقًا لإمكاناته، أو بأكثر من ذلك. لذلك، فإن اعتماد الحكومة لمسار كهذا يستوجب في المقابل المصادقة على خطوات مواءمة مناسبة، سواء عبر خفض نفقات أخرى أو زيادة الإيرادات. وذلك بهدف ضمان استمرار الانخفاض الملموس والمطّرد في نسبة الدين إلى الناتج، وصولًا إلى المستوى المرغوب والبالغ نحو 65% بحلول عام 2030. بهذه الطريقة، سيكون بالإمكان إعادة بناء "وسائد الأمان المالية" التي أسهمت بشكل كبير في استقرار الاقتصاد خلال أزمة كورونا والحرب.

قد يذهب البعض إلى الادعاء بأنه لا حاجة لبذل جهد في خلق هوامش مالية (وسائد مالية)، وأنه تُمنح أهمية مفرطة لمسألة خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي على المدى البعيد. غير أن هذا الاعتقاد غير صحيح. بيئة المخاطر وتكرارها في إسرائيل تختلف عن تلك الموجودة في الدول المقارنة، والحفاظ على ثقة الأسواق خلال لحظات الأزمات قد يكون مختلفًا تمامًا عندما تكون نسبة الدين إلى الناتج المحلي في حدود 60%، مقارنةً بوضع تكون فيه هذه النسبة أعلى من 70% وتسير في منحى تصاعدي. لقد شهدنا، في نهاية عام 2022 ومؤخرًا أيضًا، مدى حساسية الأسواق تجاه التوسعات المالية في كل من بريطانيا واليابان، وهو ما يؤكد أهمية الحفاظ على استقرار مالي وهيكلي يدعم ثقة الأسواق.

حتى الآن، ركّزتُ في كلمتي بشكل أساسي على إطار الموازنة المقترحة، والتي من المهم المصادقة عليها. وإلى جانب ذلك، تتضمّن مسوّدة "قانون التسويات" المرافقة للموازنة عددًا من الخطوات الهامة التي نراها بإيجابية. فمن المتوقّع أن تُسهم الإصلاحات في قطاع الألبان في تقليص مستوى التخطيط المركزي للسوق، مما سيُعزز من الكفاءة المتوسّطة في المزارع، وقد يُساهم في خفض تكاليف المعيشة في هذا المجال. كذلك، يشمل قانون التسويات خطوات إيجابية أخرى في مجال دفع الرقمنة في الحكومة الموسعة، واعتماد تكنولوجيا الحوسبة السحابية، وإنشاء بنى تحتية رقمية في الاقتصاد. كما يتضمّن القانون خطوات لدعم البناء المخصّص للإيجار طويل الأجل، وتحسين البيانات الإدارية بهدف تحليل سوق العمل بشكل أكثر دقة. أما فرض ضريبة القيمة المضافة ("الماعام") على قطاع السياحة، فهو أيضًا خطوة تُسهم في تقليص التشوّهات الاقتصادية، وتُساعد مستقبلًا في خفض العجز. ونحن نرحّب بهذه الخطوات ونُثمّنها.

في المقابل، تتضمّن وثائق الموازنة اقتراح قرار فعليًّا يُلغي بشكل شبه كامل تنفيذ الخطة الخُماسية للمجتمع العربي، من خلال تحويل غالبية ما تبقّى من الميزانيات المخصّصة للسنوات 2025–2026 إلى وزارة الأمن القومي وجهاز الشاباك، وذلك في إطار تنفيذ قرار الحكومة بشأن مكافحة الجريمة في المجتمع العربي. وتُؤدي هذه الخطوة، في واقع الأمر، إلى تقليصات واسعة في ميزانيات مجالات التعليم، والتشغيل، والمواصلات، والإسكان، والتخطيط الحضري، والسلطات المحلية، مما يُؤدي إلى تجميد تنفيذ برامج الحكومة في هذه المجالات. ويُعارض بنك إسرائيل هذا الاقتراح الذي يمسّ بالخطة رقم 550، نظرًا لما لها من آثار إيجابية مثبتة على التعليم والتشغيل في المجتمع العربي، فضلًا عن مساهمتها المحتملة الكبيرة في نمو الاقتصاد الوطني ككل، من خلال تقليص فجوات التشغيل والإنتاجية بين المجتمع العربي وباقي شرائح السكان.

تتضمّن المواد المُقدَّمة إلى الحكومة عددًا من المقترحات المرتبطة بالقطاع المالي، وأود أن أُدلي ببضع كلمات حول هذا الموضوع. بشكل عام، يُشكّل النظام المالي في الاقتصاد حلقة أساسية في النشاط الاقتصادي، إذ يُمثّل الجسر الذي تنتقل عبره الموارد من الادخار إلى تمويل أنشطة الاستثمار. ويُتيح نظام مالي فعّال وتنافسي انتقالًا أكثر سلاسة وكفاءة للموارد، الأمر الذي ينعكس بشكل مباشر على النشاط الحقيقي في الاقتصاد وعلى معدّلات النمو.

الإصلاحات والتشريعات 

الإصلاحات والتشريعات المختلفة التي نقودها في هذه الأيام من المتوقّع، في تقديري، أن تُحدث تحوّلًا جوهريًا في النظام المالي الإسرائيلي، يُمكن وصفه بـ"انفجار مالي إيجابي"، سينعكس في تعزيز الكفاءة وزيادة مستوى التنافسية في هذا القطاع.

يتضمّن "قانون التسويات" المقترح إصلاحين ماليين جوهريين. الإصلاح الأول، المتعلّق بتسهيل منح التراخيص للبنوك الصغيرة، من المتوقع أن يُمهّد الطريق لإنشاء بنوك جديدة في السنوات المقبلة – وخصوصًا تلك التي تمتلك قاعدة مالية قوية وقاعدة زبائن قائمة – مما من شأنه تعزيز المنافسة في سوق القروض والودائع. من المهم تخصيص تفكير منظّم لمسألة الإشراف على الشركات القابضة لتلك البنوك. إذ إن قضية الإشراف تتضمّن أبعادًا شديدة التعقيد، بما في ذلك قضايا الاستقرار المالي والتفاعل بين جهات تنظيمية مختلفة. ولذلك، أُوصي بالتعامل مع هذا الملف بمنهجية منظّمة، وعدم التوجّه نحو التشريع إلا بعد دراسة معمّقة – وفقط إذا تبيّن أن هناك حاجة لذلك.

من المتوقّع أن تُنهي التشريعات المتعلّقة بإنشاء قاعدة بيانات الائتمان التجاري لدى بنك إسرائيل احتكار البنك الذي يدير فيه صاحب العمل حسابه للمعلومات ذات الصلة بمنح الائتمان. وبذلك، سيتمكّن مزيد من الجهات المانحة للائتمان من التنافس على تقديم الخدمات للمنشآت التجارية، ما سيُحسّن من وضع هذه الأخيرة. غير أن نجاح قاعدة بيانات الائتمان التجاري في تحقيق أهدافها يتطلّب بالضرورة أن تشمل جميع المعلومات ذات الصلة بمنح الائتمان، وأن تكون عملية إدراج هذه البيانات في القاعدة سريعة وفعّالة وذات كفاءة عالية.

على وجه الخصوص، من الضروري تمكين مكاتب الائتمان والمزوّدين المعنيين من بناء نماذج ملائمة لتقييم جودة المقترض، من خلال إتاحة الوصول إلى جميع المعلومات ذات الصلة في قواعد البيانات الائتمانية التجارية والاستهلاكية – بطبيعة الحال، بما يضمن حماية خصوصية البيانات. كذلك، لا مكان لتعقيد عملية تحديد مصادر المعلومات التي تُبلّغ القاعدة، أو تحديد البيانات المحددة التي تُزوَّد بها. النهج الصحيح والفعّال لمنظومة الائتمان هو إبقاء هذه الصلاحيات بيد الجهة المهنية المسؤولة عن تشغيل القاعدة – بنك إسرائيل.

لقد لاحظتُ أنّ التعديلات الجوهرية التي طلب بنك إسرائيل إدراجها في نصّ التشريع المتعلّق بقاعدة بيانات الائتمان لم تُدرج حتى الآن. ومن أجل أن تُسفر هذه التشريعات فعلًا عن إنشاء قاعدة بيانات فعّالة وناجعة تعود بالنفع على الاقتصاد، أُطالب بإدراج هذه التعديلات ضمن الصيغة التي ستُصادق عليها الحكومة. وفي سياق آخر، يُعتبر أحد الخطوات البارزة والمهمة التي قدناها في المنظومة المالية هو انتقال البورصة إلى التداول في أيام الأحد حتى الجمعة، بما يتماشى مع أيام عمل البورصات العالمية. وقد يُمهّد هذا الإجراء الطريق أمام انضمام مؤشرات دولية بارزة إلى البورصة الإسرائيلية، مما يُسهم في توسيع حجم التداول وزيادة عمق السوق المحلي.

قانون التوريق 

إلى جانب كل ما ذُكر، هناك تشريعات إضافية وهامة في المجال المالي مطروحة حاليًا أمام جهات مختلفة في الحكومة والكنيست. قانون التوريق، الذي أُقرّ بالقراءة الأولى، ويُتوقّع أن يُسهم في خفض تكاليف التمويل لمزوّدي الائتمان خارج الجهاز المصرفي، لا يزال بانتظار دفعه قُدمًا في الكنيست. أما التشريع المتعلّق بـ"الفاكتورينغ" (تحويل الفواتير التجارية)، والذي من شأنه مساعدة الشركات الصغيرة على تعزيز سيولتها من خلال إزالة العوائق أمام تحويل الفواتير، فلا يزال في المراحل الأولية لصياغة النصّ القانوني. أدعو جميع الجهات المعنيّة إلى تكثيف الجهود والعمل بحزم وسرعة لدفع هذه التشريعات قُدمًا، لما لها من أهمية في تطوير القطاع المالي وتعزيز قدرته على دعم النمو الاقتصادي.

بالإضافة إلى ذلك، أتوقّع أن يتم الدفع قدمًا بالتشريع المتعلّق بمبدأ "النهائية" في نظام المدفوعات، وأن يُنشر مشروع القانون في أقرب وقت ممكن. هذا التعديل ضروري وبشكل عاجل، سواء في ضوء التزامات إسرائيل تجاه غرفة المقاصة الدولية CLS، أو من الناحية الجوهرية، من أجل منع الفوضى المحتملة في نظام المدفوعات الإسرائيلي في حال تقديم أي جهة طلبًا في نظام "زهاف" لإلغاء أو عدم تنفيذ عملية مقاصة معينة. وتأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من الإصلاحات التي قُدناها في السنوات الأخيرة، والتي عززت من قدرة الزبائن على التفاوض، ومن أبرزها: إنشاء قاعدة بيانات الائتمان الاستهلاكي، وتطبيق نموذج "المصرفية المفتوحة"، وزيادة الشفافية في أسعار الفائدة على القروض والودائع. وتُظهر الدراسات التي أجريناها أن هذه الإصلاحات أدّت إلى تحسين أوضاع الزبائن، وإلى خفض التكاليف التي يدفعونها على الائتمان الاستهلاكي وعلى القروض العقارية (المشكنتا).

ختامًا، وإلى جانب جميع القضايا التي تطرّقت إليها، أودّ أن أكرّر دعوتي لإعادة النظر في بنود الموازنة بهدف تحديد مصادر يمكن تحويلها نحو استثمارات تدعم النمو، في البنى التحتية وفي رأس المال البشري. من المفضّل بشكل خاص تقليص المخصصات التي تُشكّل حافزًا لعدم الانخراط في سوق العمل أو لعدم السعي إلى التعليم الذي يُعزّز من القدرة على الكسب. فهذه البنود تُلحق ضررًا بالنمو الاقتصادي وبمستوى المعيشة على المدى الطويل، وستتزايد آثارها السلبية بمرور الوقت. كما أنّ مسألة التجنيد تحمل في طيّاتها أبعادًا اقتصادية. فالاكتفاء بالاعتماد على جنود الاحتياط كبديل عن توسيع الجيش النظامي بالخدمة الإلزامية يُعتبر خيارًا مُكلفًا – سواء من حيث العبء المالي المباشر، أو بسبب خسارة أيام العمل وتعطيل سوق العمل المدني. كذلك، فإن منح الإعفاء من الخدمة لفئات سكانية تشارك بنسبة منخفضة في سوق العمل، يزيد العبء على الفئة العاملة، ويُثقل كاهل الميزانية العامة، ويُقوّض من قدرة الاقتصاد على النمو.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]