أثار الأمر التنفيذي الذي وقّعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والقاضي ببدء إجراءات تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان في مصر ولبنان والأردن كـ"منظمات إرهابية أجنبية"، موجة واسعة من النقاش حول انعكاسات الخطوة على مستقبل التنظيم الدولي وشبكاته الإقليمية.
القرار الأميركي يمثل، وفق باحثين وخبراء في شؤون الجماعات المتطرفة، تحولًا جذريًا في طريقة تعامل واشنطن مع الإخوان، بعد سنوات من الجدل حول طبيعة الجماعة وموقعها في المشهد السياسي بالشرق الأوسط.
لماذا هذه الفروع تحديدًا؟
البيت الأبيض أوضح أن الفروع الثلاثة "شاركت أو سهّلت أو دعمت أعمال عنف تهدد الاستقرار الإقليمي ومصالح الولايات المتحدة"، وقدم أمثلة، أبرزها:
مشاركة الجناح العسكري لفرع لبنان في إطلاق صواريخ بعد 7 أكتوبر إلى جانب حماس وحزب الله.
دعوة قيادي بإخوان مصر إلى تنفيذ هجمات ضد مصالح أميركية وشركائها.
تقديم قيادات في إخوان الأردن دعمًا ماليًا ولوجستيًا للجناح المسلح لحماس.
واعتبر القرار أن نشاط هذه الفروع "يشكل تهديدًا مباشرًا لأمن المدنيين الأميركيين وللاستقرار الإقليمي".
باحثون: القرار بداية لنهاية التنظيم دوليًا
المتخصص المصري هشام النجار يرى أن الخطوة "تفتح مرحلة جديدة في عمر التنظيم شبه المنهار"، معتبرًا أنها:
الأقوى أميركيًا ضد الإخوان في تاريخهم.
تعمّق عزل التنظيم وتحد من موارده وحركته.
تمهّد لإجراءات أوسع داخل واشنطن وفي أوروبا ضد الشبكات المرتبطة بالجماعة.
ويضيف النجار أن قرار ترامب يوجه رسالة مفادها أن إدارة واشنطن انتقلت من خطاب سياسي إلى تحرك تنفيذي مباشر.
ضربة قوية لفرع الأردن... وتضييق إضافي على مصر ولبنان
الخبير ماهر فرغلي يشير إلى أن فرع الأردن يشكل "الأكثر تضررًا"، لكون قاعدته التنظيمية متداخلة مع حركة حماس، ولارتباطه تاريخيًا بتقديم دعم للجناح المسلح.
وفي لبنان، القوة المسلحة للجماعة الإسلامية "قوات الفجر" لعبت دورًا ميدانيًا في أحداث الحدود الشمالية لإسرائيل، وهو ما يجعل إدراجها قرارًا "متوقعًا" وفق وصفه.
أما في مصر، فالقرار – رغم أن التنظيم محظور فعليًا – سيقيد حركة قياداته الإقليمية ويضرب المؤسسات المرتبطة به خارج البلاد.
هل ينهار التنظيم الدولي؟
يرى فرغلي أن الخطوة الأميركية مؤثرة، لكنها لن تكون حاسمة إلا إذا امتدت لتشمل "الهيكل العالمي للإخوان"، باعتباره "العقل المركزي" الذي يدير الشبكة ويموّل فروعها.
قرار متوقع... لكنه بداية مسار جديد
الباحث أحمد سلطان قال إن القرار "لم يكن مفاجئًا"، موضحًا أنه يأتي ضمن لحظة إقليمية مضطربة ووسط مطالب عربية متزايدة لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الإخوان.
ويضيف سلطان أن التنظيم غير مسجل في الولايات المتحدة أصلًا، لكن الخطر الحقيقي يكمن في تجميد الأصول، تقييد السفر، وملاحقة الواجهات المالية والتنظيمية التي تعمل على الأراضي الأميركية.
كما يتوقع أن يشكل القرار "مرحلة أولى" قد تليها إجراءات أوسع إذا ثبت للولايات المتحدة أن فروعًا أخرى تشكل تهديدًا مشابهًا.
خلاصة المشهد
خطوة ترامب لا تستهدف الإخوان كتنظيم عالمي بشكل مباشر، لكنها:
تضييق غير مسبوق على أبرز فروعهم الإقليمية النشطة.
تُضعف قدرة التنظيم على الحركة والتمويل.
تمهّد لتحرك أوسع قد يشمل لاحقًا الهيكل الدولي نفسه.
وبذلك، قد يمثل القرار بداية تحول كبير في موقع الإخوان ضمن حسابات السياسة الأميركية، ويدفع باتجاه مرحلة جديدة من الحصار السياسي والمالي على الجماعة وفروعها في الشرق الأوسط.
[email protected]
أضف تعليق