كشفت مؤسسة التأمين الوطني في إسرائيل أن 58% من الأسر العربية تعيش حالة انعدام أمن غذائي خلال العام 2024، مقارنة بـ10% فقط تتمتع بمستوى عال من الأمن الغذائي. وتشير المعطيات إلى فجوات حادة في القدرة على الحصول على الغذاء بين المجموعات المختلفة، بحيث تُظهر البيانات أن الأسر العربية التي لديها طفل أو طفلان أكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي بـ3.5 مرات مقارنة بالأسر اليهودية غير الحريدية، فيما تبلغ نسبة انعدام الأمن الغذائي لدى الحريديم 25%.
وبحسب التقرير، فإن 27.1% من الأسر في إسرائيل – ما يعادل 2.8 مليون شخص بينهم أكثر من مليون طفل – أفادوا بعدم قدرتهم على توفير الغذاء بالكميات أو الجودة المطلوبة. ورغم تسجيل انخفاض طفيف عن عام 2023 الذي بلغت نسبته 30.8%، فإن الفجوات الاجتماعية والاقتصادية بقيت واسعة، خاصة لدى الأسر العربية.
يعكس الإستقطاب الإجتماعي والإقتصادي
وفي حديث خاص لـ"بكرا"، قال المحلل الاقتصادي د. رمزي حلبي إن هذه الأرقام تكشف عمق الاستقطاب الاجتماعي والاقتصادي في إسرائيل، موضحًا أن الفارق بين العائلات الغنية والفقيرة يتسع بشكل مستمر. وأوضح أن 38% من الأسر العربية تعيش انعدامًا في الأمن الغذائي، بينما لا تتجاوز نسبة الأسر التي تتمتع بأمن غذائي دون مشاكل عتبة الـ10% فقط.
وأشار د. حلبي إلى أن مجموعة من العوامل تقف خلف هذا التدهور، في مقدمتها استمرار الحرب التي استنزفت أكثر من 300 مليار شيكل من الميزانيات العامة، إلى جانب الفائدة المصرفية المرتفعة التي تتجاوز 6%، ما يرفع كلفة القروض والاعتمادات ويثقل كاهل العائلات محدودة الدخل. وأضاف أن التضخم المالي واستمرار ارتفاع أسعار المنتجات الأساسية يضربان بشكل مباشر الأسر الفقيرة، وأن الارتفاع الوحيد في الأجور كان في قطاع الهايتك بنسبة 7.1%، بينما شهدت باقي القطاعات تراجعًا، وخاصة القطاعات التي يعمل فيها العرب مثل السياحة، التجارة والضيافة.
وتابع أن المناخ السياسي يفاقم الصورة، موضحًا أن الحكومة الحالية تتجه إلى تقليص الخطة الخماسية للمجتمع العربي بأكثر من ثلاثة مليارات شيكل لدوافع سياسية، ما ينعكس سلبًا على النمو الاقتصادي ويزيد من معدلات الفقر.
عامان من الحرب
وأكمل د. حلبي لـ"بكرا" موضحًا أن الأسر العربية ذات العدد الأكبر من الأطفال تكون أكثر عرضة للفقر بثلاثة ونصف أضعاف مقارنة بالأسر الصغيرة، معتبرًا أن هذه المعطيات مقلقة وتشير إلى ضعف البنية الاقتصادية بعد سنتين من الحرب، نتيجة تقليص ميزانيات الرفاه والتطوير. وأضاف أن المجتمع العربي، بصفته الشريحة الأضعف اقتصاديًا واجتماعيًا، يتأثر أكثر من غيره بهذه السياسات، بينما يتمتع المجتمع الحريدي بنفوذ سياسي يمكّنه من تحصيل ميزانيات إضافية.
وقال حلبي إنه في ظل وجود أكثر من مليون طفل يعيشون حالة من انعدام الأمن الغذائي، لا يمكن اعتبار أي تحسن طفيف في المعطيات إنجازًا، موضحًا أن التغيير المطلوب يجب أن يكون جذريًا ويشمل وقف الحرب، إعادة توزيع الميزانيات من القطاع الأمني إلى القطاع الاجتماعي، وتنفيذ الخطة الخماسية للمجتمع العربي بشكل مهني وكامل.
وختم بأن إسرائيل تقف على أعتاب انتخابات قد تدفع الحكومة لتغيير سلم أولوياتها، رغم أنه لا يُتوقع أن تعوّل الحكومة الحالية على الصوت العربي في الانتخابات القادمة.
[email protected]
أضف تعليق