أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أن القاهرة بدأت بالفعل في تنفيذ خطوات عملية لتدريب قوات الأمن الفلسطينية، في إطار رؤية مصرية تهدف إلى تمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من بسط سيطرتها على كل من قطاع غزة والضفة الغربية تحت إدارة واحدة موحدة. وأوضح مدبولي، خلال مشاركته في اجتماع "اليوم التالي ودعم الاستقرار في غزة" على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أن مصر على استعداد للتوسع في هذا التدريب بدعم من المجتمع الدولي، باعتباره مدخلاً أساسياً لإعادة الاستقرار ومنع تجدد العنف.
مدبولي شدد على أن تمكين أجهزة الأمن الفلسطينية واحتكارها للسلاح هو الشرط الضروري لإنهاء الفوضى، موضحاً أن القاهرة ترحب بأي دعم دولي يساعد على بناء قدرات السلطة الشرعية، على أن يتم ذلك ضمن إطار سياسي واضح يؤدي إلى تجسيد الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية. وأكد أن مصر تدعم أي مبادرة لوقف إطلاق النار فوراً، وإطلاق سراح الأسرى والرهائن ضمن صفقة تبادلية، وتهيئة المناخ لإعادة إعمار غزة في إطار الخطة العربية الإسلامية لإعادة الإعمار، وكذلك ما تم التوافق عليه في مؤتمر حل الدولتين برعاية فرنسا والسعودية.
وبالتوازي مع التحرك الميداني لتأهيل كوادر فلسطينية قادرة على إدارة الأمن، جددت القاهرة رفضها القاطع لكل الضغوط السياسية والاقتصادية التي مورست عليها في الأسابيع الأخيرة من جانب قوى غربية بغرض القبول بتهجير سكان قطاع غزة إلى الأراضي المصرية. وكشفت مصادر دبلوماسية أن عروضاً غربية تضمنت حوافز مالية ومنحاً أوروبية غير مستردة واستثمارات خليجية، إلا أن الرد المصري جاء حاسماً بالرفض، مؤكداً أن أي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير غير مقبولة، وأن مصر لن تكون طرفاً في نقل الفلسطينيين من أرضهم.
وفي هذا السياق، أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مشاورات مكثفة مع مسؤولين أوروبيين، شدد خلالها على ضرورة أن تتحول الاعترافات المتزايدة بالدولة الفلسطينية إلى خطوات عملية لوقف الحرب، وقطع الطريق على مشاريع الضم في الضفة الغربية. كما تحركت القاهرة مع عدد من الدول الأفريقية والآسيوية لدفعها إلى رفض مقترحات إسرائيلية تسعى لتوفير "وطن بديل" للفلسطينيين.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نفسه كان قد أوضح بجلاء في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السنغافوري أن "تهجير الشعب الفلسطيني ظلم لا يمكن أن نشارك فيه"، مؤكداً أن الموقف المصري ثابت ولا يرتبط بالظروف السياسية أو الاقتصادية.
وبهذا تجمع القاهرة بين موقف سياسي حاسم يرفض التهجير والتصفية، وتحرك عملي على الأرض يتمثل في تدريب قوات الأمن الفلسطينية، في رسالة واضحة بأن مصر ترى الحل الحقيقي في تمكين الفلسطينيين على أرضهم، وتوحيد غزة والضفة في إطار السلطة الشرعية، وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
[email protected]
أضف تعليق