في أعقاب اعتقال النائبة السابقة حنين زعبي من منزلها في الناصرة، أجرى موقع “بكرا” مقابلة خاصة مع المحلل السياسي محمد دراوشة، الذي عبّر عن قلقه العميق من تصاعد السياسات القمعية تجاه المواطنين العرب في الداخل، واستخدام أدوات القانون كوسيلة لإخراس الأصوات المعارضة.
بكرا: كيف تقرأ اعتقال النائبة السابقة حنين زعبي اليوم؟
دراوشة: هذا الاعتقال ليس حدثًا منفردًا، بل هو حلقة جديدة في مسلسل طويل من الملاحقات السياسية التي تستهدف الرموز العربية. الاعتقال يهدف إلى ترهيب الجماهير العربية وصرف النظر عن جرائم الحرب في غزة. زعبي لم تُعتقل بسبب خطر أمني حقيقي، بل لأنها تُجسّد نموذجًا للصوت العربي الحر، وهو ما تسعى المؤسسة الإسرائيلية إلى محوه.
بكرا: هل ترى أن هناك تصعيدًا ممنهجًا منذ أكتوبر 2023؟
دراوشة: بالتأكيد. منذ السابع من أكتوبر، دخلت إسرائيل مرحلة جديدة من التصعيد، ليس فقط في ساحات القتال، بل داخل المجتمع المدني. المئات من المواطنين العرب تم اعتقالهم بسبب منشورات أو تعبيرات تضامن مع غزة. ما يثير القلق هو الفجوة بين عدد المعتقلين وعدد لوائح الاتهام الفعلية، مما يكشف عن استخدام الاعتقال كأداة ردع جماعي، لا كإجراء قانوني يستند إلى أدلة.
بكرا: هل هناك أرقام توثق هذا التصعيد؟
دراوشة: نعم. بحسب تقرير نُشر في “معاريف”، تم فتح 158 ملفًا جنائيًا خلال عشرة أيام فقط من بداية الحرب. وفي عام 2024، قُدمت أكثر من 140 لائحة اتهام، وفي 2025 استمرت الاعتقالات بوتيرة متصاعدة، شملت طلابًا وفنانين وحتى أفرادًا من عائلات المعتقلين، دون لوائح اتهام في كثير من الحالات.
بكرا: وماذا عن تصريحات النيابة العامة؟
دراوشة: في مقابلة مع صحيفة “كلكليست”، كشف شلومي أبرامسون، رئيس قسم الأمن في النيابة، أن الحملة كانت مشروعًا متكاملًا لمنع تكرار هبة الكرامة عام 2021. اعتمدوا سياسة “صفر تسامح”، حتى تجاه رموز تعبيرية مثل الابتسامة أو علم فلسطين. الأخطر أنه أقر بأن بعض الاعتقالات تمت فقط لملء خانات في صفقات تبادل أسرى مع حماس.
بكرا: كيف ترى دور الحكومة في هذه الحملة؟
دراوشة: هذه الحملة تخدم أجندة حكومة نتنياهو اليمينية، وتمنح إيتمار بن غفير منصة لتنفيذ رؤيته المتطرفة. الشرطة تحولت إلى ذراع سياسية تنفذ تعليماته، وتُظهر الولاء لنهجه العنصري. الهدف هو إعادة تشكيل العلاقة بين الدولة ومواطنيها العرب على أساس الخوف، لا الحقوق.
بكرا: هل هناك أمثلة على تجاوزات الشرطة؟
دراوشة: كثيرة. التحقيق مع الفنانة دلال أبو آمنة بسبب منشور ديني، اعتقال طالبة بسبب صورة لطبق شكشوكة وعلم فلسطين، والتحقيق مع بروفيسورة نادرة شلهوب-كيفوركيان بسبب مقالات أكاديمية. كل ذلك دون تدخل قضائي، بينما يُغض الطرف عن التحريض العلني من قبل مواطنين يهود.
بكرا: ما هو تأثير هذا الواقع على الحريات الأساسية؟
دراوشة: الاعتقال لم يعد وسيلة قانونية، بل عقوبة مسبقة تُفرض على من يعبّر عن موقفه. حرية التعبير تُقوّض بشكل ممنهج، ويُعاد تعريفها وفق معايير أمنية تمييزية. الدولة تدّعي حماية الديمقراطية، لكنها تُقصي الصوت العربي وتحصر المجال السياسي بالرواية الرسمية.
بكرا: ما الرسالة التي يحملها اعتقال زعبي؟
دراوشة: الرسالة واضحة: كل من يرفع صوته خارج حدود الرواية الرسمية يُعامل كتهديد. هذه ليست ديمقراطية، بل نظام يُعيد تعريف المواطنة وفق الولاء، ويقصي كل من يرفض الخضوع.
[email protected]
أضف تعليق