لقاء خاص مع الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول لموقع "بكرا": الاضراب العام في إسرائيل صراع على الحرب وعلى هوية الدولة
في لقاء خاص مع موقع "بكرا"، تحدث الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول من مركز "تقدم للسياسات" حول تطورات الحراك الشعبي الإسرائيلي والاضراب العام المرتقب، مؤكداً أن ما تشهده إسرائيل مساء السبت، 16/8/2025، من مظاهرات هو التحضير الأقوى والأوسع للاضراب الشعبي العام المقرر يوم الأحد 17/8/2025.
وقال مخول إن التقديرات تشير إلى أن هذا الإضراب سينجح في تعطيل مرافق أساسية ومجالات كثيرة من الحياة العامة الإسرائيلية. وأوضح أن عشرات النقابات، سواء بشكل كامل أو جزئي، تشارك في الإضراب، إلى جانب حراكات عائلات الأسرى والمحتجزين، وكبريات الجامعات والكليات والطواقم الطبية والمراكز التجارية والمرافق العامة، بالإضافة إلى تجنّد واسع للقطاع الخاص وشركات التكنولوجيا المتطورة.
وأشار مخول إلى أن أثر هذه الخطوة يقاس بمدى تحولها إلى نقطة فارقة في الحراك الشعبي الإسرائيلي من أجل صفقة تبادل الأسرى ووقف الحرب، كما يقاس بالمفاعيل الارتدادية على الرأي العام محلياً ودولياً، وخصوصاً في الولايات المتحدة. ولفت إلى أن السؤال المفصلي يبقى حول ما إذا كان هذا الحراك سيدفع باتجاه إحداث انزياح في القاعدة الشعبية لليمين الحاكم، وخاصة حزب الليكود.
ضعف المعارضة والموقف الأمريكي: معوقات أمام الحراك
وفي السياق ذاته، أشار مخول إلى أن نجاح الحراك الشعبي والإضراب العام يحتاج إلى عاملين أساسيين؛ الأول هو وجود معارضة سياسية قوية ومتناسقة قادرة على قلب الأمور على حكومة نتنياهو، وهو ما اعتبره غائباً حالياً، في ظل ما وصفه بـ"ذروة بؤس وضعف المعارضة الإسرائيلية". أما العامل الثاني – والأكثر حسماً – فهو التحول في موقف إدارة ترامب، الذي يمكنه فرض وقف فوري للحرب، وهو ما لا يستطيع نتنياهو تجاهله، بحسب مخول. لكنه أضاف أن ما تقوم به الإدارة الأمريكية حتى الآن يُفسّر من قبل نتنياهو كضوء أخضر لمواصلة التصعيد الحربي على الوجود الفلسطيني، وفقاً لقرارات "الكابينت" الأخيرة.
وربط مخول التصعيد الاحتجاجي في إسرائيل وزيارة "ويتكوف" الأخيرة، موضحاً أن التوقعات كانت تشير إلى إعلان وشيك لصفقة تبادل وإنهاء الحرب، لكن خيبة الأمل من الموقف الأمريكي بعد تلك الزيارة دفعت الحراك إلى اعتماد مسار جديد، قائم على الاعتماد على قوته الذاتية وتحريك المجتمع نحو برنامج طويل الأمد لتشويش الحياة العامة حتى كسر التوجه الحكومي.
صراع الهويات داخل المجتمع الإسرائيلي
وأضاف مخول أن هذا التحول في الحراك الشعبي يعكس صراعاً داخلياً عميقاً على هوية الإسرائيليين أنفسهم، في مواجهة قيم الصهيونية الدينية المتسيّدة وأقصى اليمين الحاكم. وأوضح أن الحراك يدعو إلى التضامن من أجل أولوية عودة الأسرى والمحتجزين، ومنع مقتلهم، كما يعزز شعار رفض الخدمة العسكرية في غزة.
ووفق مخول، فإن هذا الحراك يتقاطع مع مواقف الأحزاب الحريدية في مسألة إنهاء الحرب وتبادل الأسرى، إلا أن الخلاف حول الخدمة العسكرية يؤدي إلى إضعاف أثر هذا التقاطع. ولفت إلى أن حالة الاستنزاف بين الجنود، وخاصة جنود الاحتياط، قد تلعب دوراً لصالح الحراك عبر التأثير على استدامة الحرب، وهو ما تسعى إليه حكومة نتنياهو.
الجيش الإسرائيلي في أزمة: تآكل الروح القتالية واحتكار اليمين
وفي هذا السياق، استشهد مخول بتحليل للصحفية سيما كدمون نشر في موقع "واينت" بتاريخ 16/8، حيث كشفت عن تحولات جوهرية في تركيبة قوات الاحتياط، التي تتشكل بشكل متزايد من المنتمين إلى تيار الصهيونية الدينية. وأشار إلى أن هؤلاء يمتثلون بنسب عالية لأوامر الاستدعاء، بينما يعتمد قسم آخر من "المحترفين" على الخدمة في الاحتياط كمصدر رزق، رغم الأزمات الاقتصادية التي يعانون منها.
وأوضح مخول أن ما كشفته كدمون من أن كل فرقة عسكرية لم يتبقَ منها سوى كتيبتين، يشير إلى وجود حالة رفض فعلي وإن لم تكن معلنة، بسبب الاستنزاف والانهيار الاقتصادي وعدم القناعة بالحرب. كما أشار إلى تعمق الأزمة الائتلافية بين نتنياهو والحريديم الرافضين لخدمة أبنائهم في الجيش، مما يضعف دافعية جنود الاحتياط ويؤثر على الخطة الحكومية بشأن غزة.
وخلص مخول إلى أن هذا المعطى قد يكون لصالح حراك إنهاء الحرب والضغط نحو إبرام صفقة التبادل، رغم أن التجند الواسع من قبل الصهيونية الدينية يشير إلى طغيان "الروح الإبادية"، ما يعكس هوية الجيش المستقبلية، بحسب تعبيره. وأكد أن هؤلاء الجنود يؤمنون بأولوية "النصر الرباني"، حتى لو كان ذلك على حساب حياة الأسرى والمحتجزين، ما يعزز نهج حرب الإبادة ضد الفلسطينيين.
وفي ختام اللقاء، شدد أمير مخول على أن الإضراب العام الشعبي قد يشكل حدثاً مفصلياً يؤسس لمرحلة جديدة من المواجهة مع حكومة نتنياهو–سموتريتش–بن غفير، وقد يتطور نحو العصيان المدني. لكنه لفت إلى أن الحراك، رغم زخمه وتحوله الجاد، لا يزال يفتقر إلى الدعم الحقيقي من المعارضة الإسرائيلية، وإلى الحزم الأمريكي الذي يبدو حتى الآن أبعد مما كان متوقعاً قبل أسابيع.
وختم مخول حديثه بالتأكيد على أن هذا الإضراب يشكّل صراعاً مكشوفاً وصدامياً على هوية الإسرائيليين ودولتهم، وهو صراع ما زال بعيداً عن الحسم، حيث لا تزال الكفة الفعلية – وإن لم تكن العددية – تميل لصالح أقصى اليمين وسلطته.
هل ترغب أيضاً بإخراج هذا النص بصيغة مقال صحفي جاهز للنشر بتنسيق مختلف (مثل افتتاحية وخاتمة محرر)؟
Get smarter responses, upload files and images, and more.
Log in
Sign up for free
Attach
Search
[email protected]
أضف تعليق