في تقرير موسّع نشرته *سكاي نيوز عربية*، كشفت الشبكة عن عمليات تهريب ممنهجة لآثار سورية منذ عام 2011، أدّت إلى خروج أكثر من مليون قطعة أثرية من البلاد، بحسب بيانات المتحف الوطني في دمشق. التحقيق يسلط الضوء على واقع مؤلم: سرقة حضارة وسط صمت دولي وتداخل سياسي وأمني معقد.

**تهريب منظم وظلال نافذين**

بحسب التقرير، لم يكن تدمير المتاحف والمواقع الأثرية نتيجة الحرب فقط، بل ارتبط أحيانًا بجهات داخلية، بينها شخصيات وكيانات مرتبطة بالنظام السوري السابق. وتشير قوائم الإنتربول إلى اختفاء أكثر من 3000 قطعة خلال الأشهر الأولى من الأزمة، ما يعقّد استعادتها لاحقًا بسبب غياب التوثيق الرسمي.

**تخريب منظم ومواقع مستهدفة**

صور الأقمار الصناعية وتحقيقات ميدانية أظهرت حجم الضرر الواسع في مواقع أثرية مثل إدلب وحلب، حيث تم توثيق أكثر من 290 حفرة غير شرعية، بعضها في مناطق مصنفة ضمن التراث العالمي. باحثون أكدوا أن التنقيب لم يكن عشوائيًا بالكامل، بل تم بأساليب سرّية ودقيقة لتفادي الرقابة.

**أدلة وشهادات ميدانية**

شهادات أشخاص عملوا في التنقيب أكدت أن عمليات الحفر كانت تتم ليلًا، بسرية تامة، وغالبًا في ظروف مناخية صعبة، مع اعتماد وسائل بدائية لحفظ القطع الأثرية. أحد المنقبين قال: "حتى أقرب الناس لنا لم يكونوا يعرفون ما نفعل".

**غياب التوثيق الرسمي يعقّد الاسترداد**

أنس حاج زيدان، من المديرية العامة للآثار والمتاحف، قال لـ*سكاي نيوز عربية* إن جهود التعاون مع منظمات دولية تُواجه تحديات، أبرزها غياب توثيق دقيق للقطع قبل عام 2011، حيث تم إهمال ذلك عمدًا، ما سمح بالتزوير وتسهيل التهريب.

**ثلاث مراحل للنهب وفق خبراء أمنيين**

العميد الركن عبد الله الأسعد قسّم عمليات التهريب إلى ثلاث مراحل:

* **قبل 2011**: ارتبطت بجهات رسمية نافذة.
* **ما بعد الثورة**: سيطرت جماعات مسلحة، أبرزها تنظيم داعش، على المواقع وهرّبت الآثار.
* **الحاضر**: عمليات الحفر لا تزال مستمرة في عدة مواقع، دون رقابة واضحة، وباستخدام طرق تهريب متعددة تشمل دول الجوار.

**تراث مفقود وبيع علني**

تنوّعت القطع المنهوبة بين تماثيل، لوحات جدارية، عملات، وأوانٍ نادرة، تعود لحضارات آرامية وآشورية وإسلامية، ظهرت لاحقًا في مزادات علنية بمختلف دول أوروبا.

العميد الأسعد صرّح: "في سوريا، كل حجر تحته حضارة، ونحن نخسرها بصمت".

**جهود متأخرة للاسترداد**

رغم التحديات، تسعى الجهات السورية إلى بناء قاعدة بيانات للقطع المنهوبة، بالتعاون مع منظمات دولية. وتؤكد مصادر مطّلعة ضرورة التحقيق في الحقبة التي سبقت 2011، للكشف عن حجم التهريب الحقيقي وتحديد أماكن وجود الآثار خارج البلاد.

**خاتمة: جرح ثقافي مفتوح**

وسط أزمة إنسانية وسياسية متواصلة، تبقى سرقة التراث السوري من الجرائم المستمرة، فيما تنتظر آلاف القطع المفقودة أن تعود، في وقت تزداد فيه الحاجة لعدالة ثقافية، تحفظ ذاكرة البلاد من الضياع.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]