في جلسة عاصفة داخل الكنيست، أثار عضو الكنيست موشيه سعاده موجة من الغضب بعد أن ألقى خطابًا وصف فيه الأطباء العرب بأنهم يحظون بـ"تفضيل مصحح" وظروف قبول خاصة في كليات الطب، على حساب طلاب آخرين. الخطاب، الذي امتلأ باتهامات وادعاءات اعتُبرت كاذبة ومحرضة، لم يمرّ مرور الكرام، إذ سارع مركز "مساواة" لنشر بيان مفصل يفند فيه تلك الادعاءات ويعرض صورة واقعية ومقلقة عن التمييز الذي يعاني منه الأطباء العرب في إسرائيل.
تمييز ممنهج
وفقًا لمركز مساواة، فإن الواقع مغاير تمامًا لما عرضه سعاده. فالأطباء العرب لا يحظون بأي امتيازات خاصة، بل على العكس، يواجهون تمييزًا ممنهجًا وإقصاءً من مواقع اتخاذ القرار في الجهاز الصحي. المركز أشار إلى أن نسبة تمثيل المواطنين العرب في المناصب الإدارية العليا لا تتجاوز 3%، مقابل هيمنة شبه تامة لصانعي القرار من اليهود في وزارة الصحة، صناديق المرضى والمستشفيات.
وأضاف التقرير أن الغالبية العظمى من الأطباء العرب – نحو 90% خلال العقدين الأخيرين – اضطروا إلى دراسة الطب في الخارج، بتمويل ذاتي ومن مدخرات عائلاتهم، رغم التكاليف المرتفعة التي تصل في بعض الأحيان إلى 80,000 شيكل سنويًا. ومع ذلك، تُظهر المعطيات أن هؤلاء الأطباء يحققون نسب نجاح عالية جدًا في امتحانات وزارة الصحة، خاصة خريجي الجامعات الأردنية والفلسطينية، إذ تصل نسبة النجاح إلى 98%، وهي أعلى من خريجي دول أوروبية.
حواجز وعقبات
مركز مساواة شدد على أن الطلاب العرب لا يحظون بأي "تفضيل مصحح" في الجامعات الإسرائيلية، بل يواجهون حواجز إضافية في اختبارات القبول، خصوصًا المقابلات الشخصية التي تُجرى بالعبرية والتي تمثل عائقًا كبيرًا للكثيرين، بالإضافة إلى الصعوبات اللغوية في امتحان البسيخومتري.
كما تطرق المركز إلى مفارقة لافتة، إذ أشار إلى أن الحكومة، التي ينتمي إليها سعاده، ترفض دعم إنشاء كليات طب جديدة في الجامعات العامة، وتفضل في المقابل تمويل مستوطنات ومدارس دينية. بدلًا من توسيع فرص التعليم، وافقت الحكومة على إقامة كلية طب خاصة في جامعة رايخمان، حيث تبلغ تكلفة الدراسة السنوية حوالي 100,000 شيكل – مبلغ لا يستطيع تحمله معظم الطلاب العرب.
وأضاف المركز أن سياسات الحكومة الحالية تكرّس التمييز بدلًا من تصحيحه، حيث يحصل المهاجرون اليهود الجدد على برامج دعم وتأهيل في مجالات الطب والتمريض، بينما يُستثنى المواطنون العرب من هذه البرامج. ونتيجة لهذا الإقصاء، يعاني مئات الأطباء العرب – خريجي الداخل والخارج – من بطالة قسرية رغم اجتيازهم بنجاح امتحانات التأهيل الرسمية.
في ختام البيان، وجه مركز مساواة رسالة مباشرة إلى عضو الكنيست سعاده، قال فيها: "نتمنى لك الشفاء يومًا ما على يد طبيب عربي، علّه يُشفيك من داء العنصرية، ويدفعك لفهم الحقيقة: هؤلاء الأطباء، الذين دفعوا أثمانًا شخصية ومادية باهظة، يعالجون يوميًا، بمحبة وتفانٍ، مئات المرضى من كل أطياف المجتمع، يهودًا وعربًا على حد سواء."
[email protected]
أضف تعليق