في وقتٍ يتصاعد فيه العنف في البلدات العربية ويخيّم فيه القلق على العائلات في ظل استفحال الجريمة، تبرز مدينة كفر قاسم كنموذج فريد في التعامل مع هذه الآفة، حيث تنتهج طريقًا مختلفًا قائمًا على العمل المجتمعي وروح التطوع والانتماء.

وفي حديث خاص لموقع "بكرا"، قدّم الشيخ الدكتور كامل ريان، رئيس مركز "أمان" لمكافحة العنف، قراءة معمّقة لتجربة كفر قاسم، والتي يعتبرها "مشروع حياة" أكثر منها مبادرة محلية.

معسكر العمل الإسلامي: عشرات الأيادي تبني الحياة

يقول الشيخ ريان إن معسكر العمل الإسلامي السنوي الذي أُنجز مؤخرًا في كفر قاسم، لم يكن مجرد حملة تنظيف أو صيانة، بل كان حدثًا مجتمعيًا شاملاً استمر على مدار عشرة أيام، وجمع آلاف المتطوعين من جميع الفئات العمرية: "الجميع حمل الأدوات، كأنهم يقولون: هذه مدينتنا، ونحن أولى بحمايتها، لا ننتظر أحدًا".

وأضاف أن هذا المعسكر يعكس انتصار الروح الجماعية والانتماء، وهو سلاح فعّال في مواجهة الجريمة المنظمة التي تنخر في جسد المجتمع العربي.

الانتماء.. أقصر طريق إلى الأمن

يؤمن الشيخ ريان بأن العنف لا يُهزم فقط بالحملات الأمنية أو التدخلات الرسمية، بل من خلال تعزيز الانتماء الحقيقي لدى الأفراد: "أن يرى الإنسان في بلده امتدادًا لقلبه، وأن يشعر أن أي خراب فيها هو خدش في ذاته".

وأشار إلى أن انخفاض معدلات العنف في كفر قاسم مرتبط مباشرةً بثقافة التطوع والمبادرة المجتمعية، حيث يختار الشباب كل يوم أن يبنوا لا أن يهدموا، وأن يحبوا لا أن يكرهوا.

دعوة لتبنّي النموذج القسماوي

وجّه الدكتور ريان دعوة صريحة للبلدات العربية الأخرى بأن تستلهم من كفر قاسم، قائلاً: "إذا كانت كفر قاسم استطاعت رغم التحديات، فما الذي يمنع الآخرين؟ القضية ليست نقص موارد، بل غياب مبادرة وإيمان".

وأكد أن ما يحدث في كفر قاسم ليس مجرد مشروع بلدي، بل رسالة وطنية، ودعوة لتبنّي نموذجٍ بديلٍ في محاربة العنف وبناء مجتمع متماسك.

من معسكر العمل إلى معركة الحياة

واختتم حديثه برسالة واضحة: "في وجه الجريمة، نقيم مشاريع حياة. في وجه اللامبالاة، نرفع راية الانتماء. من كفر قاسم نقول لكل بلدة: جرّبوا أن تحبّوا بلدكم كما أحبّها أبناؤها".

وأشار إلى أن المدينة اليوم لا تحارب من أجل نفسها فقط، بل من أجل مستقبل مجتمع بأكمله يحتاج إلى تقليص المسافة بين الشعارات والواقع.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]