السؤال
توفي والدي -رحمه الله-، وفي حياته تحدث مع أحد الأشخاص العاملين في الأعمال والمشروعات الخيرية عن إمكانية تبرعه بقطعة أرض من أملاكه، لإقامة مدرسة. وبعد وفاته، علمنا برغبته هذه، فتشاورنا نحن الورثة، واتفقنا على التبرع بهذه الأرض بعد وفاته، تحقيقًا لرغبته. وبالفعل، قمنا بالتبرع، ولكن هناك بعض المشكلات تعيق إقامة المدرسة على هذه الأرض. ومن المفترض أنه إذا لم يتم إنشاء المدرسة خلال سنتين، فإن الأرض تعود إلينا كورثة.
أنا وإخوتي نرغب في جعل هذه الأرض وقفًا على روح والدنا، في حال لم تُقم المدرسة، بحيث يُصرف ريعها لروحه. ولكن أخي الأكبر يرى ضرورة إضافة شرط في عقد الوقف ينصُّ على أنه إذا احتاج أحد الورثة إلى نصيبه من أرض الوقف، بسبب ضرورة، أو ظروف قهرية، فيحق له بيعه. فهل يجوز الرجوع في الوقف بعد إقراره؟ علماً أن أخي الآخر يرى أن تُجعل هذه الأرض وقفًا من أملاك والدي مباشرةً، بحيث تسجل باسمه كوقف، وليس باسمنا نحن الورثة. فهل يجوز ذلك؟ لأن أخي الأكبر يرى أن يتم تقسيم الأرض بين الورثة أولًا، ثم يقوم كل واحدٍ منا بإخراج جزء من نصيبه كوقف لوالده. فما هو الرأي الصحيح؟ وهل يمكن تقليل مساحة الأرض الموقوفة في حال لم تُقم المدرسة عليها؟ وهل يجوز الرجوع في الوقف وبيع الأرض، سواء للضرورة، أو لأي سبب آخر، أو استعادتها لتصبح ضمن نصيبنا من الميراث؟
جزاكم الله كل خير.


الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوقف عقد لازم عند جمهور الفقهاء، وهو المعتمد في المذاهب الأربعة، فمتى وُجد بشروطه، لزم صاحبه، وخرج الموقوف عن ملك الواقف، وزال عنه حق التصرف فيه.

فإذا كان أبوكم قد أوقف هذه الأرض بالفعل في حياته، وصح ذلك منه، فقد خرجت الأرض عن ملكه في حياته، ولا تدخل في تركته، وليس لورثته حق فيها. وكذلك إن أوصاكم وصية صحيحة بفعل ذلك بعد وفاته، لزمكم إنفاذ وصيته، وإخراج قدر الوصية قبل قسمة التركة إن كانت لا تزيد عن الثلث، فإن زادت، فلا تنفذ فيما زاد على الثلث إلا بإذن الورثة، تبرعاً منهم.
وأما إن كان أبوكم نوى وقف الأرض، أو التبرع بها، ولكن مات قبل أن يفعل ذلك، فهي على ملكه، وتكون لورثته من بعده، ولا يلزمهم أن يتبرعوا بها، أو أن يوقفوها تنفيذًا لرغبة مورثهم، ولكن يستحب لهم ذلك؛ براً بأبيهم، وفعلاً للخير، وطلبا للأجر. ولا حرج عليهم حينئذ في أن يزيدوا أو ينقصوا في قدر الأرض، أو أن يخرجوها قبل قسمة التركة، أو يؤخروا ذلك ليخرج كل وارث حصة من سهمه في الميراث. ولكن من أوقف حصة من سهمه، فليس له الرجوع بعد ذلك في وقفه، كما قدمنا في صدر الجواب.
والله أعلم.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]