تُواجه الديمقراطية الإسرائيلية تحديات غير مسبوقة مع دفع الائتلاف الحكومي بسلسلة من مشاريع القوانين التي تهدد نزاهة الانتخابات. هذه القوانين، وفقاً لتحقيق نشره معهد "شومريم"، تهدف إلى تقليص تمثيل العرب واستبعاد أصواتهم، إلى جانب السيطرة على الإعلام وتعزيز نفوذ الحكومة.

استهداف العرب وتشريعات مثيرة للجدل

ومن أبرز هذه القوانين هو تعديل على قانون أساس الكنيست، الذي اقترحه رئيس الائتلاف أوفير كاتس، والذي يوسّع أسباب استبعاد قوائم أو مرشحين، خصوصاً من العرب. يتيح القانون المقترح استبعاد مرشحين بناءً على "تعبير عن تعاطف" حتى لو كان لمرة واحدة مع أفراد أو قضايا يعتبرها القانون داعمة للإرهاب، دون الحاجة إلى موافقة المحكمة العليا، ما يمنح لجنة الانتخابات سلطات شبه مطلقة.

كما أشار التحقيق إلى أن مشاريع القوانين تستهدف فقط العرب، حيث يُستثنى دعم الإرهاب اليهودي من هذه القوانين، مثل تصريحات دعم قُدمت في السابق لإرهابيين أدينوا بجرائم ضد الفلسطينيين.

تشريعات تقوض المؤسسات الديمقراطية

يشمل التشريع أيضاً قوانين تقلل من إمكانية الطعن في قرارات لجنة الانتخابات أمام المحكمة العليا، ما يُضعف إشراف القضاء ويترك قرارات حاسمة بأيدي لجنة انتخابية ذات طابع سياسي. بالإضافة إلى ذلك، اقترح نواب من الائتلاف قوانين تزيد من القيود على النواب العرب، مثل منعهم من الترشح إذا دعوا لمقاطعة إسرائيل أو منتجات المستوطنات.

إعلام تحت السيطرة وخنق المعارضة

إلى جانب التشريعات الانتخابية، يعمل الائتلاف على تعزيز هيمنته الإعلامية من خلال تمويل قنوات موالية للحكومة مثل قناة 14، ومحاولات إغلاق هيئة البث العام "كان" التي تُعرف بطرحها المستقل. كما تم تقليص دعم وسائل إعلامية ناقدة مثل صحيفة "هآرتس".

وفي السياق، يرى خبراء مثل البروفيسور آدم شنير أن هذه التشريعات تُمثّل محاولة ممنهجة لتكريس سلطة الائتلاف الحالي، وتحويل الانتخابات إلى أداة صورية لتعزيز السيطرة. وأشار إلى أن "الديمقراطية لا تعني فقط إجراء انتخابات، بل ضمان المنافسة العادلة"، مضيفاً أن الحكومة تستغل الخوف من الإرهاب لتقويض الديمقراطية عبر استهداف العرب بشكل خاص.

ويأتي ذلك، في الوقت التي تعاني فيه الأحزاب العربية من تراجع ثقة الجمهور، خاصةً بعد تصاعد مشاعر الإحباط والنفور لدى الشباب منذ اندلاع الحرب الأخيرة. رغم ذلك، تدعو القيادات العربية إلى التكاتف والمشاركة الفعّالة لمنع هذه التشريعات من تحقيق أهدافها، مشددين على أن هذه المعركة لا تتعلق فقط بتمثيل العرب، بل بمستقبل الديمقراطية في إسرائيل.

تشابه مع نموذج المجر

وقارنت البروفيسورة تمار هوستوفيسكي براندس بين ما يحدث في إسرائيل وما حدث في المجر، حيث استخدمت الحكومة قوانين وسياسات لتقليص التعددية والسيطرة على الإعلام، مما أضعف الديمقراطية هناك. وأضافت: "الخطر في إسرائيل لا يقتصر على تقويض المؤسسات الديمقراطية، بل يمتد إلى إضعاف القيم الأساسية مثل المساواة وحرية التعبير".

رغم التأكيد على استمرار الانتخابات في إسرائيل، يثير الخبراء تساؤلات حول مدى نزاهتها وعدالتها في ظل هذه التشريعات. كما أشاروا إلى أن إلغاء الانتخابات بالكامل ليس السيناريو المتوقع، بل تحويلها إلى أداة لصيانة السلطة، كما هو الحال في دول ذات ديمقراطية متآكلة مثل روسيا والمجر.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]