كشفت دراسة جديدة أعدتها شركة الاستشارات "تِفِن" حجم الأضرار البالغة التي تعرضت لها الصناعة الإسرائيلية في المناطق الجنوبية والشمالية نتيجة الحرب. وتوضح الدراسة أن 60% من أصحاب المصانع في هذه المناطق أكدوا تدهور أوضاعهم الاقتصادية بشكل كبير، ما يعكس تأثيرًا طويل الأمد يتجاوز التداعيات الفورية للصراع.
الحرب لم تكن سوى عامل إضافي عمّق أزمات هيكلية موجودة مسبقًا في القطاع الصناعي، كالنقص في العمالة الماهرة وتراجع الطلب على المنتجات. وفقًا لما صرّحت به ملي بيتسور-فرانس، مديرة شركة "تِفِن"، فإن الصناعة كانت تعاني بالفعل قبل الحرب من تراكم مشكلات تتعلق بزيادة القوانين التنظيمية، ونقص حاد في الكوادر المؤهلة، ما أدى إلى تدهور القدرة الإنتاجية حتى في القطاعات الأساسية مثل الصناعات الدفاعية.
ورغم أن بعض المصانع حصلت على تعويضات مالية، إلا أن هذه الحلول لم تفلح في معالجة جذور الأزمة. تشير بيتسور-فرانس إلى أن تعزيز التعليم والتدريب يشكل ضرورة قصوى للخروج من هذه الأزمة، مؤكدة أن المهندسين المؤهلين أصبحوا نادرين في إسرائيل، ما يدفع الشركات للتوجه نحو الخارج. وتشدد على أهمية إطلاق برامج تدريب مهنية سريعة ترفع من كفاءة العمالة المحلية، إلى جانب وضع خطط تعليمية طويلة الأمد تبدأ من المراحل الدراسية الأولى.
رؤية استراتيجية
وترى بيتسور-فرانس أن تحسين الوضع الصناعي يتطلب رؤية استراتيجية تتضمن إنشاء قواعد بيانات وطنية تربط بين المصانع لتسهيل الوصول إلى الموارد المحلية بدلًا من الاعتماد على الموردين الأجانب. كما تؤكد أن الدولة بحاجة إلى التدخل بشكل مباشر لتأهيل العمالة وتوفير فرص عمل في القطاعات الحساسة، مشيرة إلى أن مثل هذه الخطوات لا تتطلب إنفاقًا كبيرًا ولكنها تسهم بشكل كبير في تحسين القدرة التنافسية للصناعة الإسرائيلية محليًا ودوليًا.
الدراسة التي شملت 1,500 مصنعًا في الجنوب والشمال، توضح أن 30% من المصانع تعاني من تراجع الطلب على منتجاتها، وهو ما يُتوقع أن يتفاقم في المستقبل القريب. بيتسور-فرانس حذرت من أن غياب تدخل حكومي شامل سيؤدي إلى تفاقم الأزمة، خاصة مع استمرار العقوبات الدولية التي تؤثر على الصادرات الإسرائيلية، مما يجعل معالجة القضايا الهيكلية أمرًا لا يحتمل التأجيل.
بهذا، يصبح واضحًا أن إعادة بناء القطاع الصناعي في إسرائيل تتطلب جهودًا تتجاوز الدعم المالي، لتشمل إصلاحات عميقة في نظم التعليم والتدريب، واستراتيجيات طويلة الأمد تُعزز الإنتاج المحلي وتعيد القوة إلى أحد أعمدة الاقتصاد الإسرائيلي.
[email protected]
أضف تعليق