وقف رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على “منصة الشهود”، اليوم الثلاثاء، للمرة الأولى في محاكمته بتهمة الفساد، وهي نقطة محورية في الإجراءات القضائية المطولة التي تأتي في الوقت الذي تتواصل فيه حرب الإبادة في غزة ويواجه مذكرة اعتقال دولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وتزامنًا مع انطلاق الجلسة، وصل العشرات من اهالي الرهائن في غزة للتظاهر ضد نتنياهو، فيما وصل العشرات من مؤيدي نتنياهو وبينهم وزراء للتضامن معه.
**القاضية تحذر نتنياهو مع بداية شهادته: "مُلزم بقول الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة".**
ردّ نتنياهو قائلاً: "أولاً، شكراً. انتظرت هذه اللحظة ثماني سنوات لأقول الحقيقة كما أتذكرها، وهي أمر مهم من أجل تحقيق العدالة. فلا عدالة دون الحقيقة".
وأضاف: "هذه فرصة بالفعل لدحض هذه التهم الباطلة، التي يجب أن أقول إنني عندما قرأت المواد شعرت بالدهشة من حجم العبثية. هذا محيط من العبث، وأريد التحدث عن ذلك، وآمل ألا تتم مقاطعتي كثيراً هنا".
وتابع نتنياهو قائلاً: "أنا أيضاً رئيس وزراء، أدير دولة، وأقود دولة إسرائيل وجيشها في حرب على سبع جبهات - ومع ذلك، كنت أعتقد أنه يمكن القيام بالأمرين معاً. لكن قبل أيام قليلة حدث هنا شيء زلزالي، وزلزالي يعني هزة أرضية، لكنه زلزال لم يحدث منذ 100 عام، منذ اتفاقية سايكس-بيكو (في إشارة إلى انهيار نظام الأسد). هذا الحدث يغيّر الواقع، لقد غيّرنا وجه الشرق الأوسط ولهذا تداعيات تاريخية".
وأردف رئيس الوزراء: "جميع القوى العظمى متورطة في هذا الأمر، وهو ذو نطاق عالمي. هذا يتطلب إدخال ملاحظات وتركيز اهتمامي، والتوازن بين متطلبات المحاكمة التي أعترف بها واحتياجات الدولة - التي أنا متأكد أنكم توافقون عليها".
أشار نتنياهو إلى أنه عند توليه أول منصب عام له في واشنطن، نُشرت عنه مقالة في صحيفة "هآرتس" جاء فيها: "ما الذي يفهمه؟ لقد كان مجرد بائع أثاث". وعلّق رئيس الوزراء قائلاً: "لم أنم أسبوعاً بعد هذه المقالة. لماذا يقولون عني ذلك؟".
وأضاف: "مع تقدّم تعييني، أصبحت المقالات أكبر، وتعلّمت أن هذا الأمر ليس مهماً حقاً. ما يهم هو السياسات التي أروّج لها والإنجازات التي يمكنني تحقيقها لدولة إسرائيل".
ويحاكم نتنياهو بتهمة الاحتيال وخيانة الأمانة وتقاضي رشى في ثلاث قضايا منفصلة. وينفي نتنياهو ارتكابه مخالفات، لكن ظهوره على منصة الشهود سيكون نقطة بائسة في حياته السياسية التي استمرت عقوداً، حيث يقف على النقيض من صورة رئيس الوزراء المتطور والمحترم التي حاول غرسها.
وستستغرق المحاكمة جزءاً كبيراً من وقت نتنياهو، وستكون هذه هي المرة الأولى التي يقف فيها رئيس حكومة للاحتلال بصفة متهم جنائي.
وسعى نتنياهو بشكل متكرر إلى تأجيل الإجراءات القضائية بذريعة الحروب التي يخوضها الاحتلال في المنطقة والمخاوف الأمنية، في حين أمر القضاة باستئناف المحاكمة الثلاثاء، ونقلوا المرافعات إلى غرفة سرية في محكمة في تل أبيب في إجراء احترازي أمني.
وفي وقت سابق الاثنين، طلب 12 وزيراً إسرائيلياً تأجيل مثول نتنياهو أمام المحكمة في تهم فساد، وذلك بداعي “الوضع الأمني الاستثنائي”. وقالت القناة “12” الإسرائيلية (خاصة): “قبل يوم من بدء شهادة نتنياهو، وقَّع 12 وزيرا في الحكومة رسالة بعث بها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى المستشارة القانونية للحكومة غالي بهاراف ميارا ومديرية المحاكم، يطلبون فيها تأجيل شهادة رئيس الوزراء”.
وذكرت صحيفة معاريف أن محاكمة نتنياهو ستعقد في قاعة حوكم فيها رؤساء منظمات إجرامية كبرى في إسرائيل.
جاء ذلك في تقرير نشرته الصحيفة، أن نتنياهو سيمثل أمام المحكمة أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس من كل أسبوع لمدة 4 ساعات في اليوم الواحد، وإنه تم اختيار القاعة 512 في تل أبيب للمحاكمة.
وأوضح أن هذه القاعة التي بنيت عام 2016 وهي مخصصة لتلقي شهادات رؤساء أكبر المنظمات الإجرامية في إسرائيل، وذلك بسبب الخوف من هروبهم من العدالة ومن استفزاز أتباعهم أو محاولة ترهيب المحامين.
وتابع أنه بالإضافة إلى التصميم المعماري الخاص للمحكمة، فإنها توفر جميع الاحتياجات لنظام أمني آمن يقطع الاتصال بين المتهم والبيئة الخارجية، وهو ما دفع جهاز الأمن العام (الشاباك) إلى اختيارها لمحاكمة نتنياهو.
ويقع مكان المحاكمة في الطابق الثاني السفلي لموقف سيارات المحكمة، وهو مصنوع بالكامل من الخرسانة المسلحة ومن دون نوافذ، وذلك لإحباط ومنع أي تهديد أو خطر أمني من الوصول إلى نتنياهو.
وفق تقرير معاريف، فإن القاعة بأكملها محاطة بكاميرات مراقبة وزجاج مضاد للرصاص، مع فصل كامل بين المصاعد المؤمنة ومداخل القاعة التي يتم الوصول لها من خلال ممرات معقمة تم إنشاؤها خصيصا للقضاة وشهود الدولة، وذلك لغرض عزلهم عن الجمهور.
يشار إلى أن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيخاي مندلبليت أعلن نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2019 قراره تقديم لائحة اتهام رسمية ضد نتنياهو ومحاكمته بـ3 تهم فساد في 3 قضايا منفصلة. وسعى نتنياهو مرارًا إلى تأخير الإجراءات، متحججا بالحرب المستمرة على قطاع غزة وبالمخاوف الأمنية، بيد أن القضاة أمروا باستئناف المحاكمة الثلاثاء ونقل الإجراءات إلى غرفة تحت الأرض في محكمة تل أبيب، في إجراء أمني احترازي.
[email protected]
أضف تعليق