تطرق الباحث والمحلل السياسي، أمير مخول، من مركز تقدم للسياسات، عن التقارير التي تتحدث عن القلق الاسرائيلي من القضايا ضد الجنود وملاحقتهم في دول العالم.
وقال مخول: وفقا لموقع واينت 4/12 فقد صدرت اوامر الى عشرات الضباط والجنود القتاليين الذين شاركوا في الحرب على غزة، بالتراجع عن برامجهم للسفر الى خارج البلاد. كما طلب الجيش ووزارة الامن من الجنود الذين خدموا في غزة بإزالة اشرطة الفيديو الذي اعدوها للتباهي بما ارتكبوه في قطاع غزة. وتلقى الذين سافروا الى الخارج التوجيهات بعدم الصور او تسجيلات عن تجوالهم خارج البلاد. وفقا لمعلومات استخباراتية فقد أكدت المؤسسة الامنية الاسرائيلية نحو 30 حالة تم فيها رفع دعاوى ضد جنود وضباط في بلدان مختلفة استعدادا لاتخاذ اجراءات جنائية بحق كل منهم ويتبين ان ثمانية من بين الذين غادروا البلاد الى كل من قبرص وسلوفينيا وهولندا قد تم ابلاغهم بضرورة مغادة هذه الدول بشكل فوري. بالاضافة الى ما ذكر فقد بلور الجيش سياسة تحول دون سفر الضباط النظاميين الى خارج البلاد. كما يقوم الجيش بحملة واسعة لشطب التغريدات التي نشرها الجنود والضباط على وسائل التواصل الاجتماعي وبامكانها ان تدل على هويتهم او على اماكن خدمتهم في الجيش في الحرب على غزة.
قراءة:
كما كشف الجيش عن ان عشرات المنظمات المناصرة للفلسطينيين قد اعدوا ملفات دعاوى قضائية متكاملة ضد جنود وضباط ممن سافروا خارج البلاد. وهو ما يشير الى ان المؤسسة الامنية بما فيها الجيش والموساد ومجلس الامن القومي، والسياسية برمتها تتعامل مع هذه المسألة من باب الامن القومي والخطر الاستراتيجي.
تظاهرت اسرائيل الرسمية والاعلام والمعارضة البرلمانية بعدم الاكتراث لقرار الجنائية الدولية باعتقال كل من نتنياهو وغالنت، واتهمت الهيئة الحقوقية بـ"دعم الارهاب واللاسامية". كما شنت حملة دولية ادفع دول العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة برفض قرار الجنائية الدولية وفي القبول بوصمها بدعم الارهاب وفقا للرواية الاسرائيلية.
خرجت بعض الاصوات الاسرائيلية الضليعة بالشأن القانوني لتشير الى انه لو وافقت الحكومة على تعيين لجنة تحقيق رسمية لكان بالامكان تجنب قرار الجنائية والسابقة باصدار مذكرا اعتقال. كما حذرت هذه الجهات من احتمالية اصدار مذكرات اعتقال سرية ضد المئات من الضباط والجنود وكذلك ضد وزراء ومسؤولين امنيين وسياسيين اسرائيليين. ثم جاءت تصريحات وزير الحرب السابق يعالون بأن اسرائيل تقوم بعملية تطهير عرقي في قطاع غزة، لتكون شهادة تنقض مجمل الرواية الاسرائيلية وتؤكد مفهوم سياسة التطهير العرقي رسميا.
رغم تظاهرة عدم الاكتراث والغطرسة التي عبر عنها نتنياهو وغالنت، الا انه كان واضحا اعلاميا بأن اسرائيل الرسمية باتت في مأزق دولي وباتت دولة موصومة بالابادة من قبل العدل الدولية وبارتكاب جرائم حرب وجرائم تطهير عرقي ضد اهم مسؤولين اثنين فيها.
كانت قيادة الاركان الاسرائيلية قد حذرت الحكومة في اكثر من حالة من دفع الجيش الى ارتكاب جرائم حرب لا لبس قضائيا فيها، بما في ذلك النزوح القسري والتطهير العرقي في شمال القطاع وسياسات التجويع والتعطيش واستهداف المشتشفيات وملاجيء الايواء للنازحين ومنع عودة اي نازح الى شمال معبر نيتسريم.
وفقا للعقيدة الصهيونية وهي العقد الاجتماعي الاسرائيلي فإن اسرائيل لم تعد قادرة على توفير الحماية لجنودها الذين قد تطالهم قرارات الجنائية الدولية، بل أن الجنود كما الضباط يدفعون ثمنا مباشرا لسياسات حكومتهم في حرب الابادة وبتهم ارتكاب التطهير العرقي وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية.
من المحتمل ان تشدد اسرائيل اجراءاتها لاستهداف منظمات حقوق الانسان الفلسطينية والمنظمات الشريكة في العالم بما فيها بعض المنظمات الاسرائيلية التي ترفع تقاريرها الى الامم المتحدة وهيئاتها وخاصة الى المقرر الخاص بشأن انتهاكات اسرائيل لحقوق الفلسطينيين. باعتبار ان هذه المنظمات تشكل تهديدا قضائيا لمحاسبة اسرائيل كدولة وضباط الجيش فرادا بتهم جرائم الحرب ومما قد ينعكس على مستوى التجند للجيش ويعزز الهجرة الشبابية الاسرائيلية الى خارج البلاد.
كما من المحتمل ان تصعّد اسرائيل الرسمية من سياسة الانتقام من السلطة الفلسطينية وتدفيعها الثمن نظرا لدورها في الدعاوى ومذكرات الاعتقال للقيادة الاسرائيلية وللتكامل بين دورها ودور المنظمات الجحقوقية الفلسطينية.
للخلاصة:
• سطوة الجنائية الدولية على اسرائيل حكومةً وجيشا ومجتمعا باتت واضحة ومؤثرة لا يمكن تجاهلها، وقد تؤثر على مجريات الحرب الاسرائيلية على غزة وتراجع دافعية الجنود للخدمة. كما لها اثر معنوي كبير على الاف الجنود وعائلاتهم.
• يؤكد تقرير الجيش مدى القدرة الفلسطينية التكاملية الرسمية الدبلوماسية وعلى مستوى المنظمات الحقوقية والمنظمات العاملة في غزة حصريا.
• اسرائيل بعد المساءلة القانونية دوليا باتت في وضعية مختلفة عما كانت قبلها مما يؤكد مدى سطوة المساءلة الدولية عليها.
[email protected]
أضف تعليق