حظي الإعلان عن نجاح أول تجربة لاختبار طائرة بدون طيار مصنوعة بالمغرب تحمل اسم ATLAS ISTAR باهتمام المتخصصين في الشأنين العسكري والأمني، موازاة مع مختلف الخطوات التي قامت بها المملكة منذ سنوات فيما يتعلق بموضوع توطين الصناعات العسكرية بالبلاد.
وكشفت شركة Aerodrive Engineering Services ، مؤخرا، عن نجاح التجربة الأولى لطائرة “أطلس” بدون طيار، معتبرة أن “هذا الإنجاز يشكل مرحلة مهمة في رحلة تطوير نظام جوي غير مأهول متقدم ومصمم للعمليات العسكرية في مجال الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخباراتية”.
كما ذكرت الجهة الواقفة وراء هذه التجربة أن الأشهر من الاختبارات الدقيقة أثمرت “نظاما يوفر قدرات في الوقت الحقيق في مجالات الاستخبارات والمراقبة واكتساب الأهداف والاستطلاع في الظروف الجوية الحرجة”.
ويظهر من خلال هذه التجربة، وفق المتابعين للموضوع، “سعي القطاع الخاص المغربي إلى الانخراط في الورش الوطني للتصنيع العسكري بعدما عبرت الدولة خلال السنوات الماضية عن توجهها لتوطين صناعات عسكرية بالمملكة، إذ كانت البداية بالشق التشريعي، قبل الوصول إلى تحديد منطقتين صناعيتين في مجال صناعات الدفاع مؤخرا”.
وكان المجلس الوزاري، المنعقد في فاتح يونيو الماضي، قد صادق على مشروع مرسوم بإحداث منطقتين للتسريع الصناعي للدفاع، والذي يروم توفير مناطق صناعية تحتضن الصناعات المتعلقة بمعدات وآليات الدفاع والأمن وأنظمة الأسلحة والذخيرة.
وقال محمد شقير، مختص في الشؤون الأمنية والعسكرية، إن “المشروع المغربي لتوطين الصناعات العسكرية يعرف مجموعة من المراحل؛ بداية من الترسانة القانونية، قبل المرور نحو تخصيص منطقتين عسكريتين، إلى جانب البدء في التعاقد مع شركات اجنبية متخصص في صناعة العتاد العسكري من أجل تطبيق استثماراتها في المغرب”.
وأضاف شقير، في تصريح لهسبريس، أن “المشروع المغربي للتصنيع العسكري يظهر أنه لا رجعة فيه ويرتبط بمسألة الوقت لا غير، حيث إن خطوة تبرز إلى العلن ترتبط بهذا المشروع الوطني والمهم؛ فهناك مناخ قانوني وصناعي، وهناك كذلك سعي إلى تشجيع القطاع الخاص من أجل الانخراط في هذا الورش الوطني الذي يروم خلق صناعة عسكرية وطنية”.
انخراط القطاع الخاص المغربي في هذا الصدد يمكن أن يتم، وفق شقير، من خلال طريقتين؛ “الأولى تتعلق بالاستثمار إلى جانب القطاع العام، في حين أن الطريقة الثانية ترتبط بتجربة الدخول في إطار شراكات مع القطاع الخاص الأجنبي الذي سيلتحق بهذا المشروع الوطني كذلك”.
وأشار الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية إلى أن “الأمر يتطلب رساميل كبرى في نهاية المطاف؛ غير أنه يمكن للقطاع الخاص المغربي البدء في صناعات عسكرية خفيفة قبل المرور إلى الانخراط في صناعات أكثر دقة، ما يعني أن التدرج في انخراط القطاع الخاص للمملكة في هذا المشروع مهم جدا”.
من جانبه، اعتبر الحسين أولودي، باحث في الجغرافيا السياسية والقضايا الأمنية، أن “الانخراط الوطني في الصناعات العسكرية يأتي بفضل الضرورة التي يفرضها السياق العام، حيث إن التقنيات المتطورة صارت اليوم حلا للتفاعل مع مجموعة من العمليات الإرهابية التي يمكنها أن تشكل خطرا على الأمن الداخلي؛ فالقوات المسلحة الملكية تعتمد بشكل كبير على الطائرات بدون طيار”.
وقال أولودي، في تصريح لهسبريس، إن “نجاح تجربة تحليق طائرة “أطلس” يمثل مؤشرا دالا على إمكانية الوصول عما قريب إلى نجاحات أكثر وضوحا، بعدما اتضح أن المملكة تهتم بشكل كبير بالصناعات العسكرية، سواء على مستوى توفير المتطلبات التشريعية أو تشجيع الشراكات مع القطاع الخاص الأجنبي”، موردا أن “الوصول إلى هذه المرحلة هو بمثابة جني ثمار مختلف المجهودات التي بذلتها الدولة في هذا الصدد”.
كما ذكر الباحث في الجغرافيا السياسية والقضايا الأمنية أن “المؤسسات الاقتصادية الخاصة بإمكانها أن تساعد على إنجاح هذا الورش الوطني، خصوصا أنها تتوفر على مجموعة من الكفاءات التي يمكنها المساهمة من جانبها في هذا الإطار؛ فالطائرات بدون طيار باتت جزءا لا يتجزأ من الترسانة التي تعتمد عليها القوات المسلحة الملكية في التجاوب مع مختلف التحركات غير البريئة ضد أمن التراب الوطني”.
[email protected]
أضف تعليق