28 آب 2024، أصدر حملة - المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي دراسةً بعنوان "الأمان الرقمي بين الشباب الفلسطيني في الداخل:
دراسة حول التهديدات والتحديات في ظل الحرب على غزة" كتبها د. سعيد أبو معلا، الباحث والمحاضر في الإعلام الرقمي في الجامعة العربية الأمريكية، وذلك بعد أن أصدر المركز دراسةً سابقةً حول الأمان الرقميّ بين الشباب الفلسطينيّ في الضفة الغربية والقدس، لتسلط الدراسة الجديدة الضوء على مشهد الأمان الرقميّ بين الشباب العربيّ الفلسطينيّ في الداخل خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي أبرزت معطياتها عند تحليل بيانات الاستطلاع الذي تم تنفيذه في الدراسة، أن المستخدمين/ات يعيشون حالةً من الخوف والقلق تَظهر من من خلال امتناعهم عن الانشطة والمشاركة الرقمية، علاوةً على شعورهم/ن بفقدان الثقة الذي تُرجم إلى اللامبالاة والتجاهل التام لكل المخاطر المحدقة بهم/ن. فضلًا عن الحاجة إلى توفير المعرفة الرقميّة والأمان الرقميّ للمؤسسات الأهلية ولمن يتعامل معها.
أظهر الإطار النظري للدراسة نقصًا في الأبحاث التي تغطي تجارب مستخدمي/ات الإنترنت الفلسطينيين/ات في إسرائيل، حيث تُعاملهم الدراسات المتاحة كجزء من المجتمع الإسرائيلي أو الفلسطيني دون اعتبارٍ لخصوصية مواطنتهم وتأثير السياسات المتداخلة على استخدامهم/ن للإنترنت. كما بينت الدراسة أن إسرائيل طورت نظامًا قانونيًا وتنفيذيًا محكمًا لفرض السيطرة على الإنترنت، مما أدى إلى انتهاكات صارخة للحقوق الرقمية وخلق "رعبٍ رقميّ" دفع المستخدمين/ات إلى تقليل التعبير عن آرائهم/ن، إضافة إلى تضاعف الهجمات الرقميّة خاصة الهجمات ذات الخلفية السياسية والوطنية بعد الحرب على قطاع غزة، مثل "انتحال الشخصية" و"التصيد الاحتيالي" و"التحرش والإساءة"، مما زاد من أزمة الثقة، حيث أصبح "التجاهل" هو السلوك السائد لمواجهة الاعتداءات الرقمية، نتيجةً لعدم وجود جهة موثوقة يمكن الاعتماد عليها. يعكس هذا الوضع حالة من الرقابة الذاتية والامتناع عن النشاط الرقميّ التي وصلت إلى 70% من الشباب في الداخل، مما يقلل من استخدام شبكة الانترنت كأداة للنشاط الجماهيري.
فرضت الحكومة الإسرائيلية نمط الرقابة الذاتية لدى المستخدمين/ات الفلسطينيين/ات من خلال سياسات القمع، خاصة بعد هبّة أيار 2021 ولاحقا في الحرب على غزة، حيث أصبحوا يفضلون متابعة الأخبار دون التفاعل معها، إضافة إلى تعزيز إسرائيل لهذا النمط من خلال سن قوانين تستهدف المواقع التي يتردد عليها الفلسطينيون/ات. واستغلت أجهزة الأمن الإسرائيلية الطبيعة الأبوية للمجتمع الفلسطيني للضغط على الناشطين/ات، مما زاد من مخاوفهم/ن، فقد نقلت المشاركات في المجموعات البؤرية تجارب تُبيّن استغلال أجهزة الأمن الإسرائيلية (الشاباك) طبيعة المجتمع الفلسطيني التقليدي الأبوي للضغط عليهن للحد من تعبيرهن عن آرائهن حول الأحداث السياسية أو حول مجريات الحرب على غزة. إضافة إلى أنه قد برزت فروق جندرية في الشعور بالأمان الرقميّ بين الشباب خاصة في المجتمع البدويّ في النقب.
تساهم السياسات الإسرائيلية، التي تشمل المراقبة الصارمة والملاحقة القضائية للشباب الفلسطيني الناشط على الإنترنت في الداخل، بتعزيز حالة الخوف والرقابة الذاتية بينهم/ن. وأدى تصادم الهوية الوطنية مع المواطنة في حياتهم اليومية، خصوصًا على الشبكات الرقمية، إلى زيادة شعور انعدام الخصوصية وفقدان الأمان الرقمي، مما دفع الكثيرين لتجنب التفاعل عبر الإنترنت. في هذا السياق، أكدت مروى حنا، مديرة دائرة تطوير القدرات في مركز حملة على أن "هذه الدراسة تبرز أهمية تعزيز الوعي الرقميّ بين الشباب الفلسطينيّ في الداخل، خصوصُا في ظل التحديات المتزايدة التي تفرضها سياسات الحكومة الإسرائيلية على حرية التعبير والحقوق الرقميّة الفلسطينية. نسعى في حملة إلى تعزيز المعرفة لدى الشباب وتزويدهم بالأدوات اللازمة لحماية حقوقهم/ن الرقميّة وضمان قدرتهم/ن على استخدام الانترنت كمنصة للتعبير والمشاركة الرقميّة الآمنة."
خلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تعزيز الأمان الرقميّ، كإطلاق حملات توعية مكثفة تشمل تدريبات وندوات ومواد تعليمية لزيادة الوعي بمخاطر الأمان الرقميّ ووسائل الحماية الفعالة، وأهميّة تقديم الدعم القانوني والتقني للناشطين/ات وتطوير خطط استجابة سريعة للهجمات الرقمية. كما يجب توثيق الانتهاكات الرقميّة ضد الفلسطينيين/ات ونشر تقارير دورية لتحليل تأثيراتها على الحقوق الأساسية، إضافة إلى التعاون مع لجنة المتابعة العليا والسلطات المحلية لدمج الحقوق الرقمية والأمان الرقميّ في برامج التربية الإعلامية والمناهج الدراسية، والمناصرة مع شركات التكنولوجيا لضمان الاستجابة الفعالة للتهديدات الإلكترونية وضمان الشفافية في التعامل مع المحتوى الفلسطيني، وإجراء دراسات لفهم الفروق الجندرية والثقافية في الاستخدام الرقميّ وتطوير حلول مخصصة لدعم الفئات المختلفة.
[email protected]
أضف تعليق