نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للمعلق ديفيد إغناطيوس بعنوان “الإمارات العربية المتحدة تحاول تنفيذ اتفاقيات إبراهيم جديدة في غزة”، كشف فيه عن قنوات سرية شاركت فيها الإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة الأسبوع الماضي، برعاية من الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، ورون ديرمر الذي يعتبر من المقربين البارزين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبريت ماكغيرك، مسؤول ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض.
وأضاف الكاتب أنه في الوقت الذي سيلقي فيه نتنياهو خطابه أمام الكونغرس الأربعاء، كان موفده الدبلوماسي الأبرز يستكشف مع الإماراتيين والأمريكيين، مقترحات جديدة وخلاقة حول “اليوم التالي” في غزة. وناقش الدبلوماسيون دورا لسلطة فلسطينية “متجددة” تدعو وتمنح دولا عربية وأوروبية ومن دول العالم النامي “تفويض إعادة الاستقرار” في غزة.
وناقش المجتمعون قائمة لقادة محتملين للسلطة الفلسطينية وعلى رأسها رئيس الوزراء السابق سلام فياض. وتبدو هذه النقاشات مهمة، في ضوء رفض نتنياهو للسلطة الفلسطينية وتجنبه تقديم خطة مفصلة حول اليوم التالي. إلا أنها قد تثير الآمال الكاذبة في ظل الملامح الأخرى من مأساة غزة، حيث لايزال الواقع على الأرض هو قتال وحشي.
ويقول إغناطيوس إن المبادرة تقدمت بها الإمارات التي طورت علاقات وثيقة مع إسرائيل ونتنياهو خلال المفاوضات على اتفاقيات إبراهيم عام 2020. وبطريقة ما، يمكن اعتبار الحوار بأنه “إحياء لاتفاقيات إبراهيم” على حد تعبيره.
وناقش المسؤولون العرب والإسرائيليون والأمريكيون تفاصيل بدون الكشف عن هويتهم. وكان موقع “أكسيوس” قد كشف يوم الثلاثاء عن اللقاء في أبو ظبي.
ويضيف الكاتب أن الإماراتيين بادروا بعقد اللقاء نظرا لإحباطهم من غياب التفكير الخلاق بشأن غزة ما بعد الحرب. وقدم عبد الله بن زايد سلسلة من الأفكار حول إدارة الموضوعات الأمنية والسياسية بعد نهاية ما تراه إدارة بايدن المرحلة الثانية من خطة وقف إطلاق النار. ولخصت الإمارات أفكارها في ورقة بيضاء أرسلت إلى البيت الأبيض يوم الثلاثاء.
وجوهر المقترح الإماراتي هو قيام السلطة الفلسطينية “المتجددة”، وباعتبارها السلطة الشرعية المعترف بها في غزة، بدعوة شركاء دوليين لدعم الأمن والمساعدات الإنسانية في مرحلة “تفويض إعادة الاستقرار”، والتي قد تستغرق عاما. وتدعم الإمارات فياض، رئيس الوزراء ما بين 2007- 2013 كزعيم للجهود الإصلاحية. ويقبل الإسرائيليون على ما يبدو به، لكن فياض لم يرد على أسئلة من الكاتب يوم الثلاثاء.
ويفترض المقترح الإماراتي قدرة السلطة الفلسطينية على طلب الدعم العسكري والأمني من بلدان عدة. ورغم رفض نتنياهو الدائم للسلطة، إلا أن ديرمر أبلغ الحاضرين بأن إسرائيل قد تدعم هذا النهج. ومن الدول العربية التي يمكن ان تشارك وتقدم الدعم هي قطر ومصر والمغرب والإمارات نفسها. وناقشت الأطراف في الاجتماع دعما أمنيا محتملا من دول غير عربية أيضا، بما فيها إيطاليا ورواندا وأندونيسيا والبرازيل ودول آسيا الوسطى.
وستقدم الولايات المتحدة الأمريكية مركز قيادة وتحكم ودعم لوجيستي من قاعدة قريبة في مصر، إلى جانب دعم من متعهدين أمنيين أمريكيين، وهو جزء من الخطة قد يثير الجدل. وناقشت مجموعة القنوات السرية الحصول على دعم لخطة إعادة الاستقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة وليس مجلس الأمن، هربا من الفيتو الروسي أو توقف المفاوضات.
وسيتبع “تفويض إعادة الاستقرار” مرحلة باسم “تفويض إعادة الإعمار” والذي قد يمتد على سنوات. وقدمت الإمارات في الورقة البيضاء، الأفكار الأساسية: فبعد توقف القتال، سترسل السلطة الفلسطينية المتجددة دعوات للجهات التي ستقدم الأمن. ويجب على إسرائيل الموافقة وعدم محاولة تقويض الجهود في غزة من خلال اتخاذ خطوات استفزازية في الضفة الغربية تؤدي لتفجر الوضع هناك.
ويأمل الإماراتيون أن تقدم الولايات المتحدة “خريطة طريق” معدلة تؤدي في النهاية إلى دولة فلسطينية، مع أن إسرائيل لن توافق عليها. وتتصور الخطة الإماراتية توسيعا للمحور المدعوم دوليا والتحرك من الشمال حتى الجنوب، وبمنطقة بعد الأخرى. ويشبه هذا النهج ما اقترحه وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت عن خلق “فقاعات” أمنية، مع أن المبعوث الإسرائيلي لم يتحدث عن هذا. ورفض نتنياهو مقترح غالانت، إلا أن مجرد حضور ديرمر يعني موافقته على نسخة جديدة لخطة وزيره السابقة.
ويقول إغناطيوس إن الإمارات باتت تلعب دورا متزايد في غزة، حيث أقامت مستشفى ميدانيا، ولعبت دورا في الجهود الإنسانية. واعتمدت على شبكة القيادي السابق في السلطة الفلسطينية محمد دحلان الذي يعيش في أبو ظبي.
ويظل دحلان شخصية مثيرة للجدل داخل الأوساط الفلسطينية، وليست لديه نية للعودة إلى قطاع غزة حسب قول المسؤولين. إلا أن الإماراتيين يأملون بمواصلته ومن خلف الأضواء استغلال شبكته من الداعمين القدامى.
ويعلق الكاتب أن مشاركة فريق نتنياهو الذي ظل يتعامل باحتقار مع خطط اليوم التالي، أمر مشجع، لكن المطلب الحقيقي في غزة، الشرط الذي لا غنى عنه هو نهاية الحرب، وحوار أبو ظبي رغم كونه مشجعا لم يفعل أي شيء لإسكات البنادق.
[email protected]
أضف تعليق