بعد مماطلة استمرّت لأيام، وقبل انعقاد الجلسة بأقل من 48 ساعة؛ قدّمت الدولة ردّها للمحكمة العليا الإسرائيلية في التماسٍ قدّمه مركز "عدالة" باسم أهل الشّهيد الأسير وليد دقة، على احتجاز مصلحة السجون لجثمانه لأكثر من شهرين، وذلك في تجاوز سافر للقانون. في ردّها، أوضحت الدولة أن المجلس الوزاري المصغّر (الكابينت) صادق على استمرارية احتجاز جثمان الأسير دقّة، وأنها تنوي أن احتجاز جثامين أخرى لمواطنين الداخل الفلسطينيين، حتّى يقرّر المجلس عكس ذلك.

تنعقد غدًا الخميس، الموافق الثّالث عشر من حزيران/يونيو، في تمام السّاعة التّاسعة صباحًا، جلسة استماع في المحكمة العليا الإسرائيلية من أجل التداول في التماسٍ قدّمه مركز "عدالة" باسم عائلة وليد دقّة، والذي تحتجز السلطات جثمانه بعد استشهاده في الأسر بتاريخ السّابع من نيسان/أبريل 2024. ورد في ردّ الدولة الّتي أرسلت مساء أمس الأربعاء، 11.06.2024، أن المجلس الوزاري المصغّر صادق يوم الأحد (9 حزيران/يونيو) على قرار وزير الدفاع، يوآف غالانت، باحتجاز جثمان دقّة كورقة مساومة الى حين التوصل إلى اتفاق مستقبلي مع حركة حماس. وأضافت الدولة أيضًا أنه على الرغم من أن هذا القرار اتّخذ على أساس أن الاحتفاظ بجثمان دقّة هو "حالة استثنائية للغاية" تبرر الانحراف عن سياسة عدم الاحتفاظ بجثامين مواطنين إسرائيليين، إلا أن مجلس الوزراء قرر الاستمرار في الاحتفاظ بمزيد من الجثامين في أيدي السلطات حتى تتخذ قرارًا مختلفًا في هذا الشأن. منذ السّابع من تشرين الأول/أكتوبر، أفرجت الشرطة عن جثمانيَن لمواطنيَن فلسطينيين من الدّاخل، وهما المرحومين وسيم أبو الهيجا ووهب شبيطة، وكان ذلك قبيل جلسات عيّنت في المحكمة العليا للالتماساتٍ سابقة كان قد تقدّم بها المركز من أجل استراجعهما للدفن.


وجاء في ردّ الدولة أنه يجب رفض التماس عائلة الشّهيد دقّة، لأنه لا يوجد سبب لتدخل المحكمة العليا في قرار وزير الدفاع. وبحسب موقف الدولة فإن القرار المتخذ بشأن احتجاز الجثمان هو قرار متناسب ومعقول "يجسد التوازن السليم بين كافة الاعتبارات وظروف الوضع، فالغرض هو إدراج جثمانه كورقة مساومة في مفاوضات تبادل أسرى ومفقودين خلال هذه الحرب، وهذا الاعتبار هو الأول والأسمى ويتعالى عن أي اعتبار سياسي-أمني آخر في هذا الشأن، وعن المساس بكرامة المتوفى وعائلته من المواطنين الفلسطينيين في هذه القضية”. وأوضح مركز عدالة أن ليس لمجلس الوزراء سلطة في اتخاذ قرار من هذا النوع مما له عواقب وخيمة للغاية على مفهوم المواطنة ويمس بشكل غير متناسب بالحقوق الدستورية الأساسية للمتوفى وأفراد أسرته. وسيتم تقديم موقف تفصيلي خلال جلسة المحكمة غدا غدا.


تسلسل الأحداث منذ تقديم الالتماس:

قدّم مركز "عدالة"، بتاريخ 16.04.2024، ممثلًا بمديرة الوحدة القانونية، د. سهاد بشارة، والمدير العام د. حسن جبارين، التماسًا أكّد على أن كلّ من مصلحة السجون الإسرائيلية وشرطة إسرائيل يؤخرّان بشكل غير قانوني وغير دستوري تسليم جثمان الفقيد إلى أجل غير مسمّى، منتهكين بذلك الحقّ في الكرامة لكلّ من الفقيد وأسرته بلا أي صلاحية وخلافًا لسلطة القانون.

في ردّها الأوّلي، بتاريخ 21.04.2024، طالبت النيابة العامة الإسرائيلية بالإبقاء على جثمان دقة قيد الاحتجاز من أجل تداول الأمر بين السلطات لغاية الخامس من أيّار حتّى يتسنّى لها النظر في سياسة تحرير جثامين الأسرى الفلسطينيين مواطني الدولة بشكل مبدئي من جديد، بما في ذلك إمكانية تفعيل أنظمة الطوارئ الانتدابية في شأنهم.


وبناءً على هذا الرّد، طالبت المحكمة ممثلي الدولة بأن يقدموا تحديثًا بشأن رسم ملامح سياسة جديدة تقتضي باحتجاز مواطني الدّاخل الفلسطينيين، كورقة للمفاوضة مع "حماس". وبعد تأخيرات عديدة، قامت النيابة العامّة بتقديم تحديث بتاريخ 19.05.2024، مفاده "أن السياسة الحالية التي تقضي بعدم احتجاز جثامين مواطنين فلسطينيين من أجل التفاوض على صفقات لن تتغير، طالما لا يوجد رأي مختصّ يدعم ذلك"، وبمقابل ذلك، أوضحوا أنه سيتم فحص الأمر في "حالات استثنائية جدًا"، كما وأضافوا أنه بالنسبة للحالة العينيّة لوليد دقة، يرون أنه من المناسب عقد جلسة للمجلس الوزاري المصغّر بهذا الشأن"

وبناءً على هذا الموقف، قضت المحكمة العليا بتاريخ 20/5/2024 بعقد جلسة بشأن الالتماس أمام هيئة قضاة، بعد أن تلقت من الدولة تحديثاً بشأن الحالة العينية لجثمان دقة بتاريخ 30/5/2024. ، والتي يمكن لمقدمي الالتماس الرد عليها حتى 48 ساعة قبل موعد جلسة الاستماع التي سيتم تحديدها. تم تحديد موعد الجلسة في 13 حزيران/يونيو 2024، وبعد ثلاث تمديدات، قدم مكتب المدعي العام أخيرًا ردّه قبل ساعات قليلة من بداية عيد الأسابيع في 11 حزيران/يونيو 2024. يأتي هذا البيان، بعد تسريبات لوسائل الإعلام في اليوم السابق، مفادها أنه كان هناك نقاش عاصف في جلسة مجلس الوزراء يوم الأحد (9.6) واجه فيها رئيس الوزراء والوزير بن غفير رئيس المخابرات (الشّاباك) ووزير الدفاع، يؤاف غالانت، بشأن هذه المسألة. وجاء في الرّد أن الوزير قرر تكليف القائد العسكري بممارسة صلاحياته بموجب "أنظمة الدفاع" من أجل الاستمرار في احتجاز جثمان دقة. ولم يكتف إعلان الدولة بتحديث القرار نفسه، بل شرح بالتفصيل سبب استيفاء شروطه، الموقف الذي سوف يقوم مركز عدالة بالرد عليه بشكل مفصل خلال جلسة المحكمة يوم غد 13/6/24.

وعليه، يدعو مركز "عدالة" الصحافيين لحضور جلسة الاستماع المنعقدة صباح غد الخميس، الموافق الثّالث عشر من حزيران/يونيو 2024، في تمام الساعة التّاسعة، في القاعة جيم، الطابق الثاني، في المحكمة العليا في القدس.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]