تواصل السلطات الاسرائيلية احتجاز جثمان الطبيب الفلسطيني عدنان البرش الذي استشهد بسبب التعذيب،  ا  مثلما ترفض أيضاً الكشف عن ملابسات وفاته رغم استجوابها من قبل جهات حقوقية.

وكان الجيش الاسرائيلي  قد اعتقل الدكتور عدنان البرش داخل مستشفى “العودة” في جباليا، خلال كانون أول/ ديسمبر الماضي، وبعد أربعة شهور أعلنت السلطات الإسرائيلية عن وفاته داخل المعتقل، دون الكشف عن ظروف استشهاده.

وتنقل صحيفة “هآرتس”،   عن شهود شاهدوه داخل معتقل لجانب مدينة بئر السبع في النقب داخل أراضي 48، وقالوا إنه بدا لهم أنه يتعرّض للتعذيب، وأنه في الجحيم، مشددين على أن موته يثير الكثير من الأسئلة.

وحسب نادي الأسير الفلسطيني، فقد استشهد الطبيب البرش داخل سجن عوفر، وملابسات وفاته غير واضحة، فيما ترفض السلطات الإسرائيلية الكشف عنها. وهذا ما تكشف عنه “هآرتس”، اليوم، بقولها إن الجهات الإسرائيلية المتعلقة بأسره، كالجيش وسلطات السجون، رفضت الرد على سؤالها، والكشف عن أيّ معلومة حول سبب الوفاة، وهي ترفض أيضاً تسليم جثمانه.

وتنوّه “هآرتس” بأن الجيش اعتقل البرش في 19 ديسمبر، بعدما استُدعي هو والطاقم الطبي للنزول لساحة المستشفى، ومنذ ذلك اليوم لم يشاهَد داخل القطاع.

وحسب الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي، فقد اعتقل الطبيب البرش داخل منشأة اعتقال، قبل نقله لسجن كيشون في جوار حيفا، ومن وقتها خرج عن صلاحية الجيش، وبات بيد “الشاباك” وسلطة السجون.


وتنقل “هآرتس” عن مصدر أمني قوله إنه بعد التحقيق معه نقل البرش إلى سجن عوفر، قريباً من رام الله، تحت سيطرة سلطات السجون، نافياً أن يكون قد مات خلال التحقيق.

من جهتها رفضت سلطات السجون النفي أو التأكيد على أيّ معلومة حول البرش، بذريعة أنها لا تتطرق إلى معلومات حول أسرى أمنيين ليسوا مواطنين في إسرائيل. وتنقل الصحيفة العبرية عن أشخاص التقوا الدكتور البرش خلال اعتقاله وأكدوا أنه عانى وضعاً صحياً سيئاً، وتنوّه إلى اعتقاد عائلته أيضاً بأنه توفي نتيجة التعذيب.




يشار إلى أن البرش ابن لعائلة فلسطينية مهجّرة من يافا منذ نكبة 1948، استقرت داخل مخيم اللاجئين جباليا، الذي تعرّض أهله للتهجير مرة تلو المرة منذ النكبة خلال الحروب الإسرائيلية على غزة، علماً أن “عروس فلسطين”- يافا كانت قد احتُلت في مثل هذه الأيام من مايو/أيار 1948 باستهدافها بمدافع الهاون من جهة تل أبيب وغيرها، والتي سقطت على المنازل، وقتلت وأصابت الكثير من سكانها ضمن مشاهد قصف تذكّر بالقول “ما أشبه اليوم بالبارحة”.


وتنقل “هآرتس” عن أسرى محرّرين من غزة، من بينهم أطباء، قولهم إنهم التقوه داخل معتقل قريباً من بئر السبع، و”بصعوبة تعرّفنا عليه”.

وقال أحد زملاء البرش من الأطباء المعتقلين المفرج عنهم: “كان واضحاً لنا أنه يتعرّض للجحيم وعمليات تعذيب وتنكيل وحرمان من النوم والغذاء فقد كابدَ أوجاعاً. حاولنا تهدئته، بيد أنه كان بحالة صدمة وبدا خائفاً وموجوعاً جداً. هذا ليس الطبيب البرش الذي نعرفه، بل هو ظلّه. علماً أنه كان إنساناً منيعاً رياضياً يداوم على السباحة واللياقة، وعندي قناعة أنه مات تحت التعذيب”.

وقال طبيب آخر إنه أصيب بالصدمة عندما شاهد البرش بحالته البائسة، فطالما كان بالنسبة لنا الطبيب القدوة، وإذا به يبدو “أداة مكسورة، بالكاد يتكلم، وبالكاد يفهم ما الذي يدور حوله، ولاحقاً نتلقى بلاغاً بأنه مات”.

وحسب معطيات وزارة الصحة الفلسطينية، قتلت إسرائيل، منذ بدء الحرب على غزة 496 طبيباً وعناصر أطقم طبية، وأصابت 1500منهم، فيما اعتقلت 309 آخرين. وتوضح “هآرتس” أن 30 أسيراً فلسطينياً استشهدوا داخل معتقلات الاحتلال منذ بدء الحرب على غزة، خاصة في معتقل الجيش “ساديه تيمان”، الذي أكدت منظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان” أن الأسرى الفلسطينيين يتعرضون داخله للضرب والتعذيب والحرمان وأيديهم مكبلة، وأحياناً أرجلهم مكبلة، وفقد بعضهم أطرافه نتيجة القيود المدمية.

طبيب جراح

عمل الشهيد البرش طبيباً جراحاً، ومديراً لقسم العظام في مستشفى “الشفاء” داخل القطاع، ومع اقتراب قوات الاحتلال من المستشفى انتقل للمستشفى الأندونيسي في بيت لاهيا، وعندما تحول هذا لساحة حرب انتقل مجدداً لمستشفى “العودة” داخل مستشفى جباليا.


وكان البرش قد أنهى دراسة الطب بتفوق في الأردن، وعاد للعمل في القطاع، بعد سنوات من العمل في مستشفيات أردنية.

وتوضح زوجة الطبيب الفلسطيني المغدور ياسمين البرش لصحفيين فلسطينيين أن زوجها لم يعد لبيته في جباليا منذ بدء الحرب، عدا أيام الهدنة.




وتتابع: “كان يتحدث معي بالهاتف عندما يتمكّن من ذلك، وكان دائم السؤال عن أولاده الستة، وطلبت منه العودة للبيت، وكان يرفض مصمّماً على البقاء مع المرضى والجرحى”.

يشار إلى أن العشرات من أبناء عائلة البرش في جباليا قد استشهدوا وأصيبوا بالهجمات الإسرائيلية المتوحشة على جباليا في الشهور الأخيرة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]