من مظاهر تكريم الأم الاحتفاء بها وحسن برها والإحسان إليها، ومع احتفالات يوم الأم والتي توافق شهر رمضان الكريم بروحانياته ومعانيه البليغة يحلو الحديث عن خير نساء العالمين أمهات المؤمنين، فلن نجد قدوة للأمهات أفضل منهن، فأمهات المؤمنين رضي الله عنهن لهن منزلة كبرى لدى عموم المسلمين، وأخذ الدروس من حياتهن والوقوف على مناقبهن وفضائلهن واجب على أمهات المسلمين؛ لحسن الاقتداء بهن.
في سيرتهن الكثير من المواقف المشرفة والأحداث الهامة
إن الدين الإسلامي حضّ على تكريم الأم في كل يوم وفي كل دقيقة، حيث تعتبر أمهات المؤمنين قدواتٍ للجيل الحالي والأجيال المقبلة، فهنّ النساء اللواتي أبدعن في رعاية الأسرة والمجتمع، وقد أسهمن في بناء الأمة الإسلامية بحكمتهن وعلمهن وصبرهن، وفي سيرتهن الكثير من المواقف المشرفة والأحداث الهامة التي تنفع سائر المسلمين ويقدمن لهم مثلاً صادقاً على سلوك المرأة المسلمة المجاهدة في سبيل الله، والمحافظة لبيتها وزوجها.
أمهات المؤمنين أمهات النقاء والطهر والعفاف
لقد ضربت أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهنَّ، أروع الأمثلة في العفاف والنقاء والطهر، ولا عجب؛ فهنَّ الطَّيبات اللاتي اختارهنّ الله سُبحانه زوجات لرسوله أطيب الخَلق صلي الله عليه وسلم، قال سُبحانه: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} ومن الثابت أن أمهات المؤمنين الطاهرات المُطهَّرات العفيفات، حيث قال سبحانه في مُحكَم كتابه: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا.
يطلق على زوجات النبي "صلى الله عليه وسلم" أمهات المؤمنين؛ تكريمًا لشأنهن وإعلاء لقدرهن، فأمهات المؤمنين لهن منزلة كبرى لدى كافة المسلمين، ويُشار إلى هذا اللقب في سورة الأحزاب في القرآن الكريم، حيث يُقرَّ الله بأن النبي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأن زوجاته هن أُمَّهَاتُهم، وأنهن يحظين بفضل ومزية عن بقية النساء، وقد شرفهن الله - تعالى - بذلك فقال: "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ". والمسلمون جميعًا يدينون لزوجات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذكرى احتفالات عيد الأم 2024 نتذكرهن فهن المعلمات الأوليات وهن القدوة صاحبات الشورى، فللأم منزلة كبرى لدى الإنسان، فلها معظم البر وفقًا للشرع الإسلامي وهي الأقرب لولدها من نفسه، ومع ذكرى احتفالات يوم الأم 2024. لا توجد قدوة للأمهات أفضل من أمهات المؤمنين والقدوة الحسنة.
من أمهات المؤمنين:
أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد
تزوجها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمكة وهو ابن خمس وعشرين سنة، وهي أول امرأة آمنت من هذه الأمة، وبقيت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أن أكرمه الله برسالته، فآمنت به ونصرته، فكانت له وزير صدق، وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين، وكان أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعًا كلهم منها إلا إبراهيم ـ عليه السلام ـ وهم القاسم وعبد الله وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة ومن عظيم خصائصها أن الله ـ عز وجل ـ بعث إليها السلام مع جبريل ـ عليه السلام ـ فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: (أتى جبريل عليه السلام فقال: يا رسول الله، هذه خديجة أتتك بإناء فيه طعام، أو إناء فيه شراب، فإذا هي أتتك، فاقرأ عليها من ربها السلام) "بشر النبي صلي الله عليه وسلم السيدة خديجة رضى الله عنها-أم المؤمنين- ببيت في الجنة من قصب"، والقصب فُسر باللؤلؤ المجوف، وليس قصب الدنيا المعروف، وإنما هو قصب آخر من اللؤلؤ.
السيدة سودة بنت زمعة
وهي أول من تزوج بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة خديجة رضي الله عنها، وظل معها حوالي ثلاث سنوات أو أكثر حتى تزوج بعائشة، وكانت رضي الله عنها كما يصفها الذهبي في سير أعلام النبلاء "سيدة جليلة نبيلة ضخمة"، وكان قد سبق لها الزواج قبل النبي صلى الله عليه وسلم من السكران بن عمرو العامري، وأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم ليخطب سودة بعد أن انتهت عدتها، وكان ذلك في السنة العاشرة من البعثة، ويقول الذهبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد هم بطلاقها، لكنها جلست على طريقه وقالت: أنشدك بالذي أنزل عليك كتابه لم طلقتني؟ ألموجدة؟ قال: لا، قالت: فأنشدك الله لما راجعتني فلا حاجة لي في الرجال ولكني أحب أن أبعث في نسائك، فراجعها، فلما راجعها النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فإني قد جعلت يومي لعائشة.
السيدة عائشة بنت أبي بكرـ رضي الله عنهما
تزوجها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي بنت ست سنين قبل الهجرة بسنتين، وبنى بها بالمدينة وهي بنت تسع سنين، ومات عنها وهي بنت ثماني عشرة سنة، وتوفيت بالمدينة، ودفنت بالبقيع، ومن خصائصها أنها كانت أحب أزواج النبي إليه "صلى الله عليه وسلم" وكان الوحي ينزل عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو في لحافها دون غيرها، ومن خصائصها أن الله برأها مما رماها به أهل الإفك، وأنزل في براءتها وحياً يتلى إلى يوم القيامة، وقد تُوفي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بيتها، وعلى صدرها، ودفن في حجرتها.
السيدة صفية بنت حيي
السيدة صفية بنت حيي إحدى أمهات المؤمنين الفضليات، وكانت تتمتع بـ «حصافة وعقل وفهم ونظر وإنصات»، وقد روت عن النبي أحاديث عديدة، ودخلت بعد ذلك في إسناد صحيح عن رسول الله. وأم المؤمنين أم سلمة كانت صاحبة رأي ثاقب يوم الحديبية، واستطاعت بلغة العصر أن تخمد فتنة تتعلق بالشأن العام حينها، وكانت تحظى بمكانة كبيرة لدى رسول الله حيث كانت أكبر زوجات النبي عند وفاته.
السيدة زينب بنت حجش
و التي كان لها عند النبي "صلي الله عليه وسلم" مكانة عالية، فقد روى مسلم بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها من حديث طويل، وفيه: «فأرسلت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أر امرأة قط خيراً في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثاً، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالاً لنفسها في العمل الذي تصدق به وتقرب به إلى الله تعالى»، ففي ما تقدم من كلام عائشة رضي الله عنها فضيلة ظاهرة ومنقبة عالية لأم المؤمنين زينب رضي الله عنها وأرضاها.
السيدة ميمونة بنت الحارث
وتزوجها مواساة لفقد زوجها، واعترافاً بفضلها، وتحبيباً لقومها في الإسلام، وهي آخر من تزوج من أمهات المؤمنين، وهي خالة عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما، وكانت ـ رضي الله عنها ـ مثلاً عالياً للصلاح والتقوى، حتى شهدت لها أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ بقولها: ".. أما أنها كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم".
ولقد كانت زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم خير قدوة للمؤمنات فأمهات المؤمنين هن خير الأمهات فقد كن عونًا للرسالة ضد أعوان الضلالة، وكن في بيت سيد الأنام صائمات قائمات، لم يعشن مترفات، كن حقًا راضيات في قليل من طعام وكثير من صلاة، قد تخيرن السلامة ونعيمًا في القيامة، ما تخيرن حياة أو أمورًا زائلة، وقد عاشت زوجات النبي ـ صلى الله عليه وسلم، أمهات المؤمنين في غرفهن الصغيرة بجوار المسجد النبوي، يستمعن لأحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويشتركن في بيان تعاليم الإسلام وأحكامه، خاصة في شئون المرأة.
[email protected]
أضف تعليق