يأتي تولي المغرب رئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في دورته الحالية، وسط حالة توتر عالمية، وتوسع دوائر النزاع في مناطق عدة، ما يترتب عليه انتهاكات لحقوق الإنسان، التي فاقمتها التغيرات المناخية والعديد من العوامل الأخرى، وفي مقدمة القضايا التي تطرح تساؤلات مباشرة بشأن دور المجلس.
وتأتي القضية الفلسطينية في المقدمة، حيث يشهد قطاع غزة أوضاعا مأساوية، في ظل انتظار شعبي عالمي لأي دور دولي يمكنه وقف إطلاق النار أو الحد من الانتهاكات الحاصلة هناك.
يترأس الملك محمد السادس لجنة القدس التي تأسست بقرار إسلامي عام 1975، برئاسة الملك الحسن الثاني، الأمر الذي يضع على المغرب مسؤولية كبرى كما العديد من الدول العربية والإسلامية تجاه القضية.
لكن التساؤل الأبرز يكمن حول قدرة المملكة في رئاستها للمجلس على حشد الجهود الدولية لدعم للحد من الازدواجية بشأن حقوق الإنسان التي عهدها العالم مؤخرا.
ما هو المجلس؟
يشار إلى أن مجلس حقوق الإنسان هو هيئة حكومية دولية تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، ويتألف من 47 دولة مسؤولة عن تعزيز جميع حقوق الإنسان وحمايتها في جميع أنحاء العالم، بحسب موقع المجلس.
ويمتلك المجلس صلاحية مناقشة القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان التي تتطلب اهتمامه على مدار العام، ويعقد اجتماعاته في مكتب الأمم المتحدة في جنيف.
"اعترافا بمكانة المغرب"
يقول محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن حصول المغرب على رئاسة المجلس، يشكل اعترافا مهما بمكانة المملكة في مجال حقوق الإنسان، وتنويه بالمجهودات التي بذلتها المملكة في العشرية الأخيرة، خاصة التي بذلك في مستوى حقوق المراة والطفل وذوي الهمم.
وأضاف، في حديثه مع "سبوتنيك"، أن رئاسة مجلس حقوق الإنسان له دور مهم في تعزيز وصون حقوق الإنسان دوليا، وخاصة ما يتعلق بإجراءات الحماية، ومن بينها آليات الاستعراض الدولي لحقوق الإنسان، حيث تقوم الدولة بتقديم حصيلة ما تقوم به، وبالتالي تخضع الحصلية لتقييم الخبراء التابعين لمجلس حقوق الإنسان.
ما الأولويات؟
ويرى الغالي أن الأولويات في الوقت الراهن تتمثل في تجويد وتفعيل احترام الدول التزاماتها فيما يتعلق بمختلف الآليات في هذا الباب، خاصة في ظل التحولات العميقة التي يشهدها العالم وتؤدي إلى انتهاكات جسيمة في حقوق الإنسان، بالإضافة لتأثير التغيرات المناخية التي تؤثر على مجموعات كبيرة في العديد من الدول.
مهام رئيس المجلس
وشدد الأكاديمي المغربي على أن رئاسة المجلس في هذه الظروف تحتاج لمضاعفة الجهود، وتجويد مناهج ومقاربات وتفاعل للتصدي لكافة الطرق التي لا تسعف في حماية وضمان حقوق الإنسان.
ولفت إلى أن رئاسة المملكة للمجلس، لا يعني أن يد المملكة ستكون مطلقة العنان بشأن القضية الفلسطينية، إذ يأتي دور الرئيس في إطار المنسق من أجل توحيد إرادة الدول التي تبلغ 47 دولة، والتي تختلف مصالحها ومواقفها مما يقع في غزة.
ويشدد على أن القضية الفلسطينية وما يقع في قطاع غزة، يستأثر بالأولوية للمملكة المغربية، خاصة أن الملك محمد السادس يترأس لجنة القدس التي تلعب دورا مهما في حماية القضية الفلسطينية.
ازدواجية المعايير
ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن الازدواجية الغربية في التعامل مع قضايا الحقوق الإنسان مستمرة وقائمة في حين أن رئاسة المملكة ستحاول أن تكبح المخاطر الكبرى لهذه الازدواجية بالتنسيق مع مختلف الأعضاء في المجلس.
ولفت أيضا إلى أن قضايا حقوق الإنسان لدى الغرب ترتبط بالمصالح الاستراتيجية والقومية لهذه الدول، وستستمر في ظل المشهد الراهن.
التزام المغرب
من ناحيته، قال محمد الطيب بوشيبة، الحقوقي المغربي، إن رئاسة المغرب للجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة تعكس التزامها بقضايا الحقوق الإنسانية.
ويرى، في حديثه مع سبوتنيك"، أن رئاسة المملكة للجنة يمكن أن تعزز التفاعل البناء وتعزيز حقوق الإنسان داخليا أولا ودوليا.
وبشأن ضمانات نجاح هذه الخطوة، يشير الحقوقي إلى أنه يجب على المغرب تعزيز الحوار والتعاون المحلي والإقليمي والدولي، وتعزيز الشفافية والمشاركة المجتمعية، من خلال دورها، كما يمكن دعم القضايا الإنسانية.
وهناك شيء آخر، يشير إليه الحقوقي المغربي، يتصل بالجوانب الاقتصادية، إذ يمكن لرئاسة المغرب أن تؤثر على تشكيل الرأي الدولي وتعزيز المصداقية الاقتصادية في الشمال والجنوب، لكن ذلك يتطلب التعاون والاحترام المتبادل وإنصاف الشعوب وتمكين مواطنيها من الحقوق كاملة غير منقوصة.
ويشير الحقوقي المغربي إلى أن رئاسة المغرب للجنة حقوق الإنسان تعزز دورها الدولي وتعكس التزامها بالقضايا الإنسانية، مما يسهم في تعزيز الصورة الإيجابية للمغرب على الساحة الدولية.
وبشأن الإصلاحات المطلوبة، يشير الطيب بوشيبة إلى أن الغرب مطالب بتعزيز الحوار والتعاون الدولي، وتعزيز الشفافية والمشاركة المجتمعية، وكذلك تعزيز حقوق الإنسان داخليا، والتعاون مع الدول الأخرى لتحسين الوضع الإنساني عالميا.
ويقول بوشيبة إن الرئاسة المغربية للمجلس تعزز فرص المغرب للمساهمة في حل القضايا الإنسانية، بما في ذلك القضية الفلسطينية، إذ يكن لبلاده دعم جهود التسوية والعدالة والدفع نحو تحقيق التقدم نحو حل سلمي وعادل.
[email protected]
أضف تعليق