أطلقت مؤسسات وهيئات حقوقية نداءً للهيئات والمنظمات الدولية ونقابات المحامين للتحرك والتدخل الفوري لوقف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المعتقلين والمحتجزين.
وطالبت المؤسسات والهيئات خلال مؤتمر صحفي، عُقد اليوم الخميس، في مقر نقابة المحامين بمدينة رام الله، مجلس حقوق الإنسان بتشكيل لجنة تحقيق دولية في جرائم الاحتلال بحق المعتقلين، كما طالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بإصدار موقف واضح حول جرائم الحرب المرتكبة بحقهم، والضغط من أجل إلزام سلطات الاحتلال باحترام دور اللجنة والمواثيق الدولية الخاصة بالمعتقلين.
ودعت المؤسسات، الدول الأطراف في اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 إلى عقد مؤتمر طارئ، لبحث سبل ضمان هذه الدول تطبيق أحكام الاتفاقية، واحترامها بشأن ضمانات المعتقلين الفلسطينيين وحقوقهم، والمساءلة عن انتهاكها أو تعطيل عمل من سلطات الاحتلال الإسرائيلي بها.
وشددت، على ضرورة تحمل المنظمات الحقوقية ونقابات المحامين في العالم مسؤولياتهم القانونية لمواجهة الانتهاكات والممارسات الإسرائيلية بحق المعتقلين، وإخضاعهم الممنهج للتعذيب، عبر تفعيل المساءلة والملاحقة والمحاكمة لمرتكبي هذه الجرائم أمام محاكمهم الوطنية.
وناشدت، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب، واللجنة الفرعية لمناهضة التعذيب، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بالتحرك العاجل لمواجهة الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحق المعتقلين، واستخدام كل الآليات والصلاحيات المتاحة لوقف ما يتعرض له المعتقلون من قتل عمد وتعذيب.
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس، إن سلطات الاحتلال صعدت جرائمها المتواصلة بحق المعتقلين، عبر الوقف وتعليق العمل بالحقوق والضمانات الممنوحة لهم بمقتضى القانون الدولي، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
وأشار، إلى أن حملات الاعتقال الممنهجة تصاعدت حتى طالت كل فئات شعبنا، لإرهابه والتأثير في صوته وتحركاته السلمية والنضالية في التعبير عن رفضه لما يتعرض له أبناء شعبنا من جرائم حرب، ورفضه لعمليات القمع والتنكيل التي تتعرض له مختلف مدن الضفة، التي باتت "كونتونات" ومعازل تُظهر حقيقة الوجه القبيح لدولة الاحتلال.
ولفت قدورة إلى أن المؤسسات المعنية بالأسرى والمعتقلين، وثقت (3200) حالة اعتقال في الضفة بما فيها القدس بعد تاريخ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر حتى تاريخ منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، من بينهم أكثر من (100) من النساء، و(145) طفلا، فيما لم تتوفر معطيات دقيقة حول المعتقلين من غزة، إذ رفض الاحتلال تزويد اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأي معطيات واضحة عن أعدادهم، وهوياتهم، وأماكن احتجازهم، ووضعهم الصحي، إضافة إلى أن الاحتلال أصدر (1464) أمر اعتقال إداري منذ بدء العدوان على قطاع غزة.
وبين أن عدد المعتقلين في سجون الاحتلال بلغ حتى منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر أكثر من (7000) معتقل، بينهم نحو (80) معتقلة، فيما بلغ عدد المعتقلين الأطفال ما يزيد على الـ250 طفلا، وبلغ عدد المعتقلين الإداريين حتى اليوم (2200)، وبلغ عدد المعتقلين من غزة (105).
ونوه فارس إلى أن مؤسسات الأسرى والمعتقلين، وثقت العشرات من الشهادات الأولية، من معتقلين جرى الإفراج عنهم بعد اعتقالهم بفترة وجيزة، وكذلك عائلات المعتقلين الذين استُهدفوا خلال حملات الاعتقال بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تُظهر حجم الاعتداءات والسياسة الممنهجة في التنكيل بالمعتقلين، وانتهاك حقهم في الحياة وإخضاعهم للتعذيب، كما وصلت إلى حد تهديدهم بإطلاق النار بشكل مباشر، والضرب المبرح، والتحقيق الميداني معهم، والتهديد بالاغتصاب، واستخدام الكلاب البوليسية، واستخدام المواطنين كدروع بشرية وغيرها من الانتهاكات الوحشية بما فيها التعرية من الملابس، فضلا عن تعمد الاحتلال الامتناع عن علاج المعتقلين المرضى، وتعمد تركهم دون أي رعاية صحية.
وأوضح أنه في إطار هذه الجرائم، تابعت المؤسسات الفلسطينية، تعمد قيام جنود الاحتلال تصوير فيديوهات للمواطنين الذين يتم اعتقالهم، وكيفية الاعتداء الجسدي عليهم بعد تجريدهم من ملابسهم، كما استخدمت سلطات الاحتلال العائلات والنساء كرهائن للضغط على أفراد من العائلة لتسليم أنفسهم إلى المحتل، إذ سُجلت عدة حالات اعتقال واحتجاز لنساء وأطفال.
ووثقت المؤسسات المعنية بالمعتقلين والأسرى تصاعدا كبيرا في الإجراءات الانتقامية الممنهجة بحق المعتقلين، وخاصة بعد توقف اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن عملها في زيارة أماكن الاعتقال الإسرائيلية، ومنع العائلات الفلسطينية من زيارة ذويها، إذ شرعت إدارة سجون الاحتلال بفرض إجراءات انتقامية جماعية بحق المعتقلين، بما فيها عمليات اقتحام واسعة لأقسام المعتقلين وزنازينهم، ووضعهم في عزل جماعي ومضاعف، وتحويل غرفهم إلى زنازين بعد تجريدهم من كل مقتنياتهم، والاستيلاء على كل الكهربائيات البسيطة التي كانوا يستخدمونها، لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وتنفيذ وحدات القمع اعتداءات واسعة بحق المعتقلين من خلال الضرب المبرح، مستخدمة العصي والهراوات، تسببت بإصابة العشرات بصفوفهم، وتعمدت بعد ذلك تركهم دون علاج.
ووفق هذه المؤسسات، فإن هذه الإجراءات مسّت مقومات الحياة الأساسية من الطعام، والماء، والعلاج، والكهرباء، وتم قطع الكهرباء عن أقسام المعتقلين، وتقليص كمية المياه وساعات توفرها لهم، وضيقت بشكل غير مسبوق على المعتقلين المرضى، وضاعفت سياسات الحرمان من العلاج القائمة أصلا بحقهم، وأوقفت نقل المعتقلين إلى عيادات السجون والمستشفيات، وفرضت عملية تجويع، بعد إغلاق (الكانتينا)، والاستيلاء على ما تبقّى مع المعتقلين من مواد غذائية (كالمعلبات)، وقلصت وجبات الطعام إلى وجبتين.
كما نفذت عمليات نقل جماعية بحق الأسرى، وعزلت العديد منهم انفراديا بعد الاعتداء عليهم بالضرب المبرح، ولعل أخطر الممارسات والانتهاكات تمثلت في استهداف المعتقلين في عمليات اغتيال ممنهجة بحق المعتقلين وعن سبق إصرار، فاستُشهد ستة معتقلين بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر نتيجة التعذيب، إضافة إلى إصابة العشرات بكسور ورضوض في كل أنحاء أجسادهم نتيجة الضرب المبرح وتركهم دون علاج، كما قتلت سلطات الاحتلال العشرات من المعتقلين المحررين ومنهم من أُبعد خلال السنوات الماضية إلى غزة، في إعدام خارج القضاء، وذلك في إطار عمليات الإبادة الجماعية.
يشار إلى أن الكنيست الإسرائيلية أصدرت قانونا يسمح لإدارة السجون بعدم الالتزام بساحة العيش المقررة لكل معتقل، وذلك حسب ظروف الزنازين ومساحاتها، بما يسمح باحتجاز المعتقل دون سرير في الحالات التي لا يمكن فيها توفير السرير، الأمر الذي انعكس على المعتقلين، إذ أصبح هناك اكتظاظ كبير في الزنازين، إضافة إلى نوم المعتقلين على الأرض، كذلك إصدار أمر عسكري آخر حمل الرقم (2148)، مدد بموجبه مدة إصدار أمر الاعتقال من 72 ساعة إلى 6 أيام، وأيضا ومدد مدة تأجيل إطلاق سراح المعتقل إداريا من 72 ساعة لتصبح 6 أيام، كما مدد المراجعة الفضائية لأوامر الاعتقال الإداري من 8 أيام لتصبح 12 يوما، وهو ما يظهر التعسف في احتجاز المعتقلين لمدد طويلة دون محاكمة أو تهمة، كما يتيح إصدار أوامر الاعتقال لعدد أكبر من المعتقلين، وهذه المدد الطويلة تعطي فرصة لإدارة السجون بالتنكيل بالمعتقلين، وتحول دون تمتعهم بالحد الأدنى من حقوقهم.
[email protected]
أضف تعليق