تعيش البلاد أزمة إقتصادية نتيجة الأزمة الأمنية وحالة حرب والتي تنعكس تأثيراتها الاقتصادية على العائلات وبطبيعة الحال على القطاع الخاص. فإن المصالح التجارية المتضررة من جراء الأحداث أغلقت أبوابها وتضرر إقتصادها بسبب عدم قدرتها على الإنتاج والمحافظة على الدخل المُستدام، مما يؤدي إلى خلل في تمويل الإنفاقات والمصاريف والمحافظة على آلية العمل.
هذه التأثيرات الناجمة عن حالة الحرب جعلت السوق الاقتصادي في البلاد غير مستقر وجعلت قسم كبير من المصالح تغلق أبوابها والعديد من خطوط الإنتاج والإمداد توقفت عن العمل، لعدم قدرتها على تزويد جمهور المستهلكين بالمنتجات؛ إن كان السبب في ذلك غياب عوامل الإنتاج (نقص في المواد الخام والأيدي العاملة بسبب الحرب)، أو بسبب قيود ناجمة عن حالة الطوارئ التي أعلنت عنها الحكومة.
من جهةٍ أخرى، ومن أجل الملاءمة والمحافظة على التوازن المالي وتفادي خطر الانهيار الاقتصادي، قام قسم كبير من أصحاب المصالح بتسريح قسم من العمال لفترة زمنية محددة بسبب عدم القدرة على تسويق المنتجات وبيعها للعملاء (الزبائن) والانخفاض بحجم العائد المالي الشهري مما يسبب الضرر لآلاف العائلات التي فقدت مصدر دخلها.
كما لحق الضرر الاقتصادي بالعمال والموظفين، بسبب تقليص ساعات العمل أو إقالتهم من أماكن العمل، الأمر الذي سيؤدي إلى رفع نسبة البطالة بشكل متسارع في الفترة القريبة. حيث أعلنت غالبية شبكات تسويق الملابس عن إقالتها لعمالها وتصل نسبة العمال العرب العاملين في قطاع المبيعات الى حوالي 35% من الشباب العرب.
لا شك أن الوصف المطروح أعلاه يقدم استعراضًا جزئيًا لحال المصالح التجارية العربية الصغيرة والمتوسطة التي تعاني الأمرين في هذه الفترة، والعمال العرب من موظفي القطاع الخاص. مع تفشي التحريض المنتشر من قبل رؤساء سلطات محلية في البلدات اليهودية حول عدم السماح للعمال العرب مواطني البلاد العمل في البلدات اليهودية فإن الوضع يتفاقم يومًا بعد يوم، وقد يؤول إلى أزمة اقتصادية غير مسبوقة تنهش بالمستضعفين أساسًا، مع الأخذ بالحسبان أن فئة ليست صغيرة من المجتمع العربي تعيش تحت أو بمحاذاة خط الفقر وعلى دخل لا يتعدى نصف متوسط الدخل العام للعائلة في إسرائيل.
نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي حلت في البلاد. ما هو المطلوب من الحكومة ؟
في أعقاب الجلسات التي عقدتها لجنة الاقتصاد ولجنة المالية البرلمانية. نافشت الشركات والحكومة الخطوات الاستراتيجية المطلوبة لتدعيم الاقتصاد، حيث عرض وزير الاقتصاد والصناعة عدة خطوات يجب على الحكومة اتخاذها بعد المصادقة على اقتراح قانون حالة الطوارئ لدعم المصالح التجارية خلال الأيام القريبة. أهم تلك الخطوات هي:
1- تقديم الدعم المالي للمصالح التجارية من أجل المحافظة على الاستقرار الاقتصادي. من خلال اتخاذ الخطوات التالية:
● تعويض المصالح التجارية التي تعرضت للهبوط في العائد الشهري.
● منح دفعات مالية مسبقة للمصالح التجارية لأجل دفع النفقات الشهرية؛ وتحديدًا أجور العمال بشرط أن يتم التوقيع على اتفاق يضمن عدم فصل أو تسريح أي عامل من مكان عمله.
● توفير قروض بكفالة الحكومة.
● تأخير دفع الالتزامات القانونية مثل ضريبة القيمة المضافة.
2- توفير بديل لاستيراد البضائع والمواد المستهلكة:
● تفحص الحكومة بدائل لنقل البضائع المستوردة التي منعت من دخول الموانئ والمطارات.
● رفع مستوى مخزون البضائع والمنتجات الاستهلاكية.
● مساعدة المصالح المُصنّعة برفع وتعزيز خطوط الإنتاج.
3- إعادة الإعمار الاقتصادي وملاءَمته مع الوضع الراهن:
● تقديم الدعم المالي لإعادة تأهيل وتطوير المناطق الصناعية.
● تقديم الاستشارة للمصالح بهدف إعادة تأهيلها وملاءَمتها للوضع الراهن.
● المشاركة في دعم التدريب المهني للعمال بمواقع العمل.
موقف مركز مساواة:
يحذر مركز مساواة الى أن الوضع الراهن سيؤدي إلى انهيار اقتصادي في المجتمع العربي لأن ذلك الأمر قد ينعكس سلبيًا على العمال، والشركات الصغيرة والمتوسطة وعلى أصحاب المصالح التجارية وعلى نقص المخزونات.
سيؤدي هذا الوضع إلى رفع نسبة الطلب على المنتجات وبسبب النقص الحاد في المواد الخام والمواد المستخدمة بالصناعة ستتحكم الشركات الكبيرة والمستوردة بالأسعار داخل السوق مما سيزيد من معاناة الأسر العربية والأسر المُستضعفة ويضعف قدرتها الاستهلاكية الشرائية وبالتالي يزيد حالتها الاقتصادية سوءًا ويوسع دائرة الفقر والمعاناة.
نذكر الحكومة بأن الخطوات المُقترحة أعلاه، لا تقدم مساعدة كافية للعمال الذين يعملون في القطاع الخاص، إذ أن الهدف الأساس من تلك الخطوات ضمان استمرارية عمل المصالح التجارية، دون اتخاذ أي إجراءات لمساندة وتدعيم وتعزيز العمال الذين قد تضرروا من غلاء الأسعار ومن تغيير ظروف العمل (بسبب الإجازات القسرية دون أجر مثلًا)، وبالتالي سلبهم القدرى على التعامل والصمود بوجه هذه الأزمة الاقتصادية .
نُطالب الحكومة بتقديم مساعدات مالية لدعم الدخل المادي للأسرة. بالاضافة إلى ضمان متابعة العمال العرب لسيرورة عملهم في كافة المجالات دون أي محاولات تحريضية أو إقالتهم من العمل. ونناشد السلطات المسؤولة للتحرك ومكافحة
ظاهرة التحريض على العمال العرب والمصالح العربية والدعوات لمقاطعة المصالح التجارية العربية، وعدم تأجيج الأجواء التحريضية الهجومية أو تشجيع الدعوات للتعدي والمقاطعة والتضييق على المواطنين العرب.
تؤدي الحرب الى ارتفاع حاد في مؤشر ارتفاع الأسعار والى انهيار القيمة النقدية على العملة المحلية (الشيكل) وارتفاع غير مسبوق في العملة الأجنبية (الدولار واليورو) مما يساهم في ارتفاع الأسعار في القطاع الخاص.
وفقا لتقارير المحللين الاقتصادين بان الخسائر والتكاليف المادية التي تتكفل بها الدولة نتيجة الحرب تبلغ على الأقل 4 مليار شيكل في الأسبوع ذلك يعني ان العجز المالي الذي ينتج من الحرب سيتخطى العجز المصادق عليه حسب قانون الميزانية للعام 2023 .
ومن المؤكد ان الازمة الاقتصادية ستؤثر على تمويل قرارات الحكومة بشأن خطط التطوير الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع العربي حيث تخطط وزارة المالية تقليص المفروض رصده لتنفيذ قرارات الحكومة للعامين 2023-2024.
يشارك مركز مساواة في مجموعة العمل الاقتصادية التي شكلتها الهيئة العربية للطوارئ المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية.
[email protected]
أضف تعليق