منذ 7 أكتوبر وبداية الحرب على غزة، يتعرض المواطنون العرب في البلاد لموجة تحريضات لا حصر لها، خاصة عندما يتعلق الامر بالتعبير عن الرأي على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تم اعتقال أكثر من 160 مواطن عربي بسبب منشورات في مواقع التواصل بحجة انها محرضة على الدولة و"داعمة للإرهاب" او لمنظمات "إرهابية".
وقد طالت هذه الموجة التحريضية المحامين العرب، حيث كان هناك شكاوى ضد محامين واعتقالات لآخرين لنفس الأسباب، كما وتم سحب رخصة مزاولة المهنة لإحدى المحاميات العربيات بحجة التحريض.
ونتيجة لهذه المعاملات التعسفية ضد المحامين، قدم المئات من المحامين العرب واليهود رسالة شديدة اللهجة إلى نقيب المحامين في البلاد، المحامي "عامي بيخر"، يطالبونه فيها باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمنع حملة التحريض التي تقوم بها مجموعة من المحامين اليهود ضد العرب. وأرفقت الرسالة عريضة موقعة من أكثر من 600 محامي ومحامية عرب ويهود، أعضاء نقابة المحامين في البلاد.
لا يوجد ما يسمى بحق التعبير عن الرأي في فترة الحرب
وفي حديثٍ لموقع بكرا مع المحامية تامي اولمان، مسؤولة نقابة المحامين في حيفا قالت: "حق التعبير عن الرأي هو حق أساسي وهام في كل دولة ديمقراطية، طالما لا يحرض على الدولة ولا يدعم الإرهاب. وفي فترة الحروب، لا يوجد ما يسمى بحق التعبير عن الرأي".
وأضافت: "المحامون مرتبطون بالقانون، وتسري عليهم القوانين كما تسري على جميع المواطنين، في حال قاموا بمخالفة القانون، يتم تقديم شكوى دهم ويتم تقديمهم للمحاكمة ويتم معاقبتهم بعقوبات مختلفة وفقًا للمخالفة التي قاموا بها، وقد يصل العقاب الى سحب رخصة مزاولة المهنة لفترة معينة او حتى سحبها مدى الحياة".
التحريض هو تنمر من الدرجة العليا
كما وتحدث موقع بكرا مع المحامي سامر سمارة، أحد المحامين الذين تعرضوا للتحريض، وتم تقديم شكوى ضده لنقابة المحامين بسبب منشورات على الفيسبوك، وبدوره قال: " التحريض امر مرفوض من اي جهة كانت، وانا اعتبره تنمر من الدرجات العليا، وانا نفسي تعرضت للتحريض والهجوم، وحتى انه تم تقديم شكوى ضدي لنقابة المحامين، وكل ذنبي انني نشرت من على صفحتي على الفيسبوك منشورات مناهضة للحرب، وان اطفال غزة ليسوا اقل درجة من اي طفل اخر، ولم اداري انتمائي لشعبي".
تحريض بسبب ترجمة خاطئة
وأضاف سمارة قائلًا: "انا مشترك بإحدى الصفحات المهنية للمحامين فقط على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وكل اعضائها من المحامين، ولاحظت ان من بعد تاريخ الحادثة المؤسفة في غلاف غزة، انه ابتدأ نشر المناشير المحرضة على اهل غزة وعلى غزة، فكتبت منشور ذكرت فيه ان هذه الصفحة هي صفحة مهنية للمحامين ولا مكان باعتقادي بمنشورات سياسية تحريضية، لم تمر سوى دقائق معدودة حتى بدأ بعض اعضاء الصفحة بتصوير منشوراتي مع الترجمة للعبرية " الخاطئة طبعا باغلبها"، مع هجوم كأنهم يتعاملون مع انسان مجرم، وقاموا بنعتي باني داعم لحماس وداعم للإرهاب، ومن بين التعليقات ان اذهب لغزة وانه من العار اني محامي في نقابة المحامين بإسرائيل، وظل الامر على ما هو عليه حتى اليوم التالي من الهجوم والتحريض ضدي".
وأكمل قائلًا: "لم يقف الامر هنا، فبعدها بعدة ايام بدأت تصلني معلومات ان صفحات محرضين يمينيين ينشرون منشوراتي بهدف التحريض علي، ووسمي بداعم الارهاب او أنتم تعرفون ما عليكم فعله، وحتى انني تلقيت عدة رسائل بكلمات بذيئة تجاهي عبر الماسنجر، ووصل الامر ان تلقيت عدة مرات تلفونات من رقم غير معرف بساعات متفاخرة بدون ان يجيبني أحد".
انا اتعرض لمحاكمة تأديبية
وحول تقديم الشكوى ضده قال: "وصل الامر حتى الى تقديم شكوى ضدي في نقابة المحامين بادعاء انني انشر في حسابي الشخصي بالفيسبوك منشورات التي تعتبر دعم لمنظمات ارهابية وتحريض، وتم ارفاق صور لمنشوراتي، وانا معرض الان لمحاكمة تأديبية في نقابة المحامين على امر اتهمني به محامي او محامين زملاء يهود لا يعرفون العربية، واعتمدوا على ترجمة جوجل لاتهامي وإلحاق الضرر بي".
وحول مصيره بعد تقديم الشكوى ضده قال: "موضوع الشكاوى فيما يخص التحريض ودعم منظمة ارهابية ضد محامي امام محكمة النقابة التأديبية هو موضوع جديد خرج علينا في هذه الفترة العصيبة على الجميع، لذا لا يوجد عندي اجابة دقيقة للحكم، واعتقد ان الحكم سيكون منوط بظروف مصاحبة لإعطاء الحكم، كاستمرار الحرب ونتيجتها وهكذا لذا فكل الاحتمالات مفتوحة".
حرية التعبير تُداس بالأقدام
وفي حديث لموقع بكرا مع المحامي رافي مصالحة، الذي أيضًا تعرّض لموجة تحريضية ضده قال: " تغنت محاكم اسرائيل على مدى سنين بما يسمى بحرية التعبير عن الرأي كأهم الحريات التي يستند اليها النسيج الديمقراطي الاسرائيلي المزعوم، لكن وهم هذه الحرية ديس بالأقدام في ظل حرب غزة الاخيرة وصار اي تفوه لأي عربي وكأنه تحريض على الارهاب. الاطباء، الفنانون، وحتى المحامون لم يسلموا من "صيادي" المتفوهين ليلصقوا بهم تهما زائفة بالتحريض على الارهاب، حتى من كتب لا إله الا الله، هو محرض رغم أنفه!".
وصفوني بالمخرب
وأضاف: "تجربتي الشخصية كانت عندما نشرت على حالة الواتس اب فلماً قصيرا (بالإنجليزية) يثبت كذب الادعاءات الاسرائيلية بأن المقاومين قطعوا رؤوس أطفال يهود. وقد قدّم ضدي شخص من النيابة شكوى وقامت الشرطة بالتحقيق معي ثم تحريري لبيتي بعد دقائق. لكني فوجئت يومها بحملة شعواء لمحامين يهود من جميع الالوية يبلغون حوالي 500 يطالبون في مجموعات واتس اب بترحيلي لغزة، سحب المواطنة، سحب اجازة المحاماة، وسجني للأبد. وقد اتفقوا بينهم على ملاحقتي ومضايقتي أينما كنت. في اليوم التالي (يوما بعد قصف المستشفى المعمداني في غزة) انتظرني أحدهم وبدأ بتوجيه الشتائم ووصفي بالمخرب، ثم سارع لتقديم شكوى أخرى ضدي في شرطة الناصرة العليا وقاموا بالتحقيق معي مرة أخرى ثم أطلقوا سراحي لكن حملة التحريض الممنهجة ووصفي بالنازي (وصفي انا بالنازية... لسخافة القدر !!!) وصلت جميع المواقع ووسائل الاعلام العبرية، وتقدموا ضدي بشكوى في نقابة المحامين وقع عليها مئات المحامين اليهود".
ضاعت بوصلتهم
وأكمل: "جميع الموقعين على الشكاوى، برأيي، هم مجموعة من الاغبياء ضيقي الآفاق، الذين فقدوا وعيهم، وضاعت بوصلتهم. بدل أن يحاربوني وينفثوا سمهم تجاهي كان أولى أن يحاربوا عدوا لهم يكمن هناك في الجنوب البعيد. أنا لا أعير جميع شكاواهم أي وزن ولا قيمة. مزاولة المحاماة في محاكم إسرائيل أودت بي الى المرض لانعدام مصداقية قيم العدل والانصاف فيها، فلا اكترث لمسألة استمرار العمل في المحاماة، لكن المنطق السليم لا يبرر أبدا منعي من مزاولة المهنة التي أمقتها أصلا لعرضي فيلما يعرض حقائق لم تدحضها سلطات اسرائيل أبدا ولم اصنعه انا بل بُث في كل الدنيا، في ضوء ما يسمى بحرية التعبير الوهمية في "جزيرة الحريات" في الشرق."
[email protected]
أضف تعليق