داخل أروقة مختبر التصنيع الرقمي في المنطقة الزراعية الصناعية بمدينة أريحا، يجلس فريق الأبحاث وبين يديه عينة جديدة من نوعها للتأكد من نجاح التجربة، ضمن المراحل الأخيرة للعمل.
منتج المفتول الفلسطيني سريع التحضير، ابتكره فريق الأبحاث في المختبر بعد التقاطهم لأحاديث الشارع بأهمية وجود منتجات غذائية صحية فلسطينية سريعة التحضير بعيدًا عن تلك المنتجات شبيهة المعكرونة سريعة التحضير التي لا تتطابق مع المعايير الصحية.
وتعد أكلة المفتول من أشهر الأكلات الشعبية الفلسطينية، وهي مرتبطة بالموروث الشعبي الفلسطيني، ولكن مراحل تحضير هذه الأكلة تحتاج إلى وقت وجهد وخبرة غير متاحة للكثير من العائلات في وقتنا الحاضر، ومن هنا جاءت الفكرة، لتصون التراث الشعبي من جهة، وتوفر الوقت من جهة أخرى، هذا بالإضافة إلى الحفاظ شعلى المعايير الصحية، بخلاف الكثير من الأطعمة سريعة التحضير المعروضة في الاسواق المستوردة من خارج البلاد.
وتمكن الفريق من عمل الصيغة والمركبات الطبيعية للمفتول مع البهارات الخاصة وكافة مكوناته في علبة صغيرة محكمة الإقفال، يتم وضع الماء المغلي عليها وتركها لنحو نصف دقيقة، وثم تناول وجبة شهية وصحية.
اطلاق المنتج الجديد
ويستعد الفريق الذي يديره الدكتور إبراهيم عفانة مدير مختبر مركز "بال برو" للأغذية والمياه في مدينة أريحا الزراعية الصناعية، لإطلاق منتجهم الجديد بعد تأكدهم من تخطيه كافة المعايير والمقاييس الغذائية الفلسطينية والعالمية.
لكن يبقى أمام الفريق، الخطوة الأهم ليرى المنتج النور في السوق أمام المستهلك، وهو إيجاد مستثمر يتبنى الفكرة الجاهزة للتنفيذ فورا، وضخ رأس المال في مصنع لتحضير المفتول سريع التحضير.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، احتفلت بإطلاق مشروع خدمات استدامة الأعمال المتكاملة "بال برو"، في مركز ازدهار الأعمال الفلسطيني، بمنطقة أريحا الزراعية الصناعية، وذلك بتمويل من الحكومة اليابانية.
وتنفذ "اليونيدو" المشروع بالشراكة مع وزارة الاقتصاد الوطني وهيئة تشجيع الاستثمار والمدن الصناعية، بهدف تعزيز تخفيض البصمة الكربونية للقطاع الصناعي، وتحسين الأداء الاقتصادي والاجتماعي من خلال مركز ازدهار الأعمال، بالإضافة إلى دعم التنمية المستدامة والقدرة التنافسية للقطاع الصناعي في منطقة أريحا الزراعية الصناعية.
يقول الدكتور عفانة: "جاءت الفكرة عبر التفكير في منتج فلسطيني تقليدي سريع التحضير وصحي، ووصلت الفكرة الينا في مختبر "بال برو" وكفريق عمل تمكنا من تطبيق الفكرة".
يضيف: "وجدنا أن امكانية كبيرة لتنفيذ الفكرة، وتحقيقها، وضعنا المكونات وهي المفتول واللحمة والدجاج وأنواع الخضار المستخدمة مع المفتول والبهارات والصلصة، وقد تم تطبيق 13 تكنولوجيا مختلفة للوصول إلى النتيجة التي وصلنا اليها؛ مفتول سريع التحضير خلال 30 ثانية".
الفكرة جاهزة للتسويق
ويتابع: "الفكرة جاهزة للتسويق والبيع لشركات تريد الاستثمار بها، نحن في المراحل الأخيرة، يوجد الكثير من المشاريع والأفكار التي طرحت، والمطلوب الآن من المستثمرين ورجال الأعمال الاستثمار في المشاريع الوطنية لدعم الشبان، وكذلك هذه المختبرات التي تعمل ليل نهار لابتكار أمور كنا نراها سابقا بعيدة المنال، واليوم هي باتت هنا في مدينة أريحا الزراعية الصناعية".
ويشير إلى أننا بانتظار الغرف التجارية، والجانب الاستثماري في البلد، لربطنا مع الشركات الاستثمارية للاستثمار بالفكرة.
ويوضح الدكتور عفانة أن منتج المفتول بكل مكوناته صالح لمدة سنتين من صنعه، والقيمة الغذائية للمفتول مقارنة مع الأطعمة غير الصحية المتواجدة بالسوق أكثر من 30 ضعف القيمة الغذائية، كما أنه منتج فلسطيني بامتياز، وحول طعمه، وتمت التجربة عليه وتذوقه بشكل داخلي من قبل الزملاء في المدينة.
ويتوقع أن يكون له سوق خارجي كبير لن يقل عن حجم وجودة السوق الداخلي، لأن المفتول بات منتجا عالميا يحبه الكثير ومنتشر.
بدأ العمل على الفكرة منذ أربعة شهور حتى وصلت إلى ما هي عليه بشكلها النهائي وطعمها اللذيذ.
ولأهمية عمل المركز، يقول الدكتور عفانة إن المركز المخصص لدعم صناعة الأغذية، بفضل الشركاء في هيئة تشجيع الاستثمار، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، وجامعة القدس، وبدعم من حكومة اليابان.
ويقول عفانة إن مختبر التصنيع الرقمي يقدم انتاج التصاميم الصناعية الثلاثية الأبعاد، والنماذج الأولية وتطوير المنتجات والتغليف، ويقدم الفحوصات المخبرية وفحوصات الجودة، إضافة إلى تحقيق معايير السلامة الوطنية والدولية.
ويضيف: المركز لا يقتصر عمله على اجراء فحوصات للأغذية بل يفحص المنتج الذي يوجد به مشكلة ويعمل على حلها وإعطاء حلول، وان كان المنتج غير موجود بالسوق يعمل المركز على انتاجه، وتطويره وتقديمه لأي مستثمر.
ويهدف مختبر "بال برو" إلى تحديد المشاكل التي يعاني منها المزارعون وايجاد حلول لها بهدف تحسين الانتاج الزراعي، وتعتبر المدينة الزراعية الصناعية مركزا لتصنيع المنتجات الزراعية والصناعات الغذائية.
وخلال جولة للصحفيين في مدينة أريحا الزراعية الصناعية، تحدث الرئيس التنفيذي لهيئة تشجيع الاستثمار والمدن الصناعية أحمد الحج حسن، أن هذا المشروع استراتيجي على مستوى الوطن وتم الاستثمار بمبالغ كبيرة بهدف تهيئة بنية خاصة للصناعة في فلسطين مثل المياه والكهرباء والشوارع ومحطة لمعالجة المياه ومحطة الطاقة الشمسية التي توفر الكهرباء بسعر منخفض وخزانات المياه وهذا يشجع على الاستثمار فيها.
الإفتتاح
وافتتحت المدينة سنة 2012 على أرض حكومية، كنموذج حي للتنمية الاقتصادية المستدامة في فلسطين بحكم موقعها المتميز في الجانب الشرقي لمدينة أريحا وعلى مسافة 7 كيلومترات من جسر الملك حسين، لتكون البوابة الشرقية والرئيسية لتصدير المنتجات الفلسطينية إلى العالم، حيث تبلغ المساحة الإجمالية للمدينة 615 ألف متر مربع، تم تطوير المرحلة الأولى منها على مساحة 140 ألف متر مربع وتجهيزها ببنية تحتية متكاملة وتوفير مساحات متعددة ومناسبة لمواكبة الاحتياجات الزراعية والصناعية بمختلف أنواعها.
وتوفر المدينة خدمات وحوافز للمستثمرين، وشكلت نموذجا مميزا لتنمية المشاريع التي تسهم في دعم الاقتصاد المحلي وتشغيل الايدي العاملة، وقدمت مجموعة متنوعة من الحلول الصناعية والتسويقية للمستثمرين خاصة مع المميزات المقدمة لهم والتي شكلت عوامل جذب وتحفيز تهدف الى توسيع قطاع التجارة المحلي وتطويره.
كما وفرت المدينة حوالي 300 فرصة عمل مباشرة عدا عن فرص العمل غير المباشرة.
[email protected]
أضف تعليق