عاد الهدوء صباح اليوم الخميس إلى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، جنوب لبنان بعد اشتباكات مسلّحة وُصِفَت بالأعنف منذ السبت الفائت، خرق خلالها اتفاق وقف إطلاق النار الذي تشرف على تنفيذه لجنة هيئة العمل الفلسطيني المشترك، وأسفرت عن سقوط قتيل محسوب على حركة فتح و4 جرحى.


وقالت مصادر فلسطينية لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع حالياً هادئ، وإن إجراءات الجيش اللبناني مستمرة، وقد فتحت بعض مداخل مخيم عين الحلوة، كما فتحت بعض المحال أبوابها، لنشهد حركة طبيعية نسبياً، لكن مع حذر مستمرّ وترقب لما قد يجري خلال النهار".

وتجدّدت الاشتباكات ليل أمس الأربعاء بشكل مفاجئ بعد ساعات من تثبيت قرار وقف إطلاق النار، وقد استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة من خفيفة ومتوسطة وقذائف صاروخية ومدفعية، وتركزت بشكل أساسي على محور حي البركسات الذي يعد معقل حركة فتح، ومخيم الطوارئ الذي يعد معقل المجموعات الإسلامية المتشددة وعصبة الأنصار، وقد اتسعت رقعتها لتشمل العديد من المحاور.


وقد طاولت نيران الاشتباكات العديد من الأحياء في مدينة صيدا، ولا سيما محيط مستشفى صيدا الحكومي ودوار "الأميركان"، وبعض أماكن تجمّع النازحين الذين فرّوا من جديد بحثاً عن أماكن آمنة للاحتواء فيها، ونقاط عسكرية للجيش اللبناني، ولم يسلم منها كذلك العاملون في مجال الرعاية الصحية.

دعوات لتحييد المدنيين والعاملين بالرعاية الصحية
وعبّر الدكتور مجدي كريّم، المدير التنفيذي لجمعية الشفاء للخدمات الإنسانية والطبية في لبنان، عن القلق من مشاهد العنف المتصاعد الذي يشهده مخيم عين الحلوة.

ودعا كريّم جميع الأطراف إلى تحييد المدنيين والعاملين في مجال الرعاية الصحية عن العنف المسلّح، لضمان تقديمهم المساعدة اللازمة للمدنيين والجرحى من دون تعريض حياتهم للخطر.

وقال مدير مستشفى الهمشري، الدكتور رياض أبو العينين، لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع اليوم هادئ جداً، ولم يسمع أي إطلاق نار منذ ساعات الفجر الأولى"، مشيراً إلى أن الاشتباكات ليل أمس كانت عنيفة جداً، وأسفرت عن مقتل شخص بإصابة مباشرة في الرأس وسقوط 4 جرحى، لافتاً إلى أن العدد الإجمالي أصبح 13 قتيلاً و59 إصابة.


مشاهدات من مخيم عين الحلوة جنوبي لبنان بعد اشتباكات لأيام

وأضاف أبو العينين "لم نفهم ما حدث أمس، أو السبب وراء خرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنت كل القوى والجماعات الفلسطينية الالتزام به.. هناك تبادل اتهامات بين الأطراف حول الجهة المسؤولة عن خرق الهدنة"، لافتاً إلى أن الاشتباكات كانت عنيفة وجرى استخدام مختلف أنواع الأسلحة فيها والقذائف الصاروخية التي سقط العديد منها في مدينة صيدا، و5 قذائف سقطت للمرة الأولى في محيط مستشفى الهمشري.

ولفت أيضاً أبو العينين إلى أن هناك أماكن لتجمّع النازحين أخليت أمس بسبب الاشتباكات التي طاولتها، إذ لم تعد آمنة، خصوصاً مسجد الموصللي الذي جرى إخلاؤه، وقد فتحت مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أبواب مدارسها لهم، مشيراً إلى أن النازحين أصبحوا يتركزون في مدرسة عسقلان، ومخيم المية ومية، ومدرسة نابلس في صيدا.

وأضاف هناك حوالي 600 شخص مع أطفالهم لجأوا إلى المدرستين، مشيرا إلى حرص الفرق الطبية على زيارتهم والقيام بعمليات الإغاثة وتقديم المساعدات المطلوبة ولا سيما الطبية.

وأكد أن عددا كبيرا من النازحين انتقلوا إلى بيوت عوائلهم، خصوصاً أن الوضع ليس آمناً بعد للعودة، كما أن بينهم (النازحون) من تضرّرت منازلهم ولم تعد صالحة للسكن، مشيرًا إلى أن "الأضرار المادية كبيرة جداً في المخيم".

وقالت عصبة الأنصار الإسلامية في بيان صادر حول الأحداث الأخيرة إنها "فوجئت في التاسعة من مساء أمس بهجوم عنيف على مراكزها ومساجدها في حي الطوارئ وحي الصفصاف من قبل عناصر متفلتة من حركة فتح في منطقة البركسات، رغم التزام عصبة الأنصار حتى اللحظة بعدم الرد وتصريحها دائماً بعدم الدخول في الاشتباكات العبثية".

وحمّلت مسؤولية التفلت الموجود للقيادة الفلسطينية مجتمعة التي "كانت على علم بكل التجاوزات"، مشيرة إلى أن القيادة الفلسطينية مطالبة برفع الغطاء ومحاسبة العناصر المتفلتة، والتي تخرق قرار الإجماع الفلسطيني والأمن اللبناني.

وطالبت قيادة الجيش بالقيام بالضغط اللازم على أي جهة "تساهم في الإخلال بالأمن، ووضع حد لشلال الدم القائم والتدمير للمخيم والتهجير لأهله".

وقال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا، أبو إياد الشعلان، "قمنا بوقف إطلاق النار بعد جولة على كلّ مواقعنا في مخيم عين الحلوة، وأعطينا تعليماتنا بوقف إطلاق النار تحت أي ظرف، وهناك التزام شامل وكامل بالوقف".

وأضاف "نقول للإخوة في عصبة الأنصار إنهم جهة صديقة وشريكة في العمل الفلسطيني المشترك، ولن نتعرض أو نشتبك مع أي موقع من مواقعهم".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]