في تجربة فريدة ومثيرة في آن واحد قدمت أوركسترا فلسطين للموسيقيين الشباب، يوم الثلاثاء الماضي، عرضاً موسيقياً بهيجاً ونابضاًبالحياة هو الأول من نوعه في صالة بيار بوليز العالمية في قلب العاصمة الألمانية برلين. وقد اشتمل العرض على ثلاث معزوفات زخمةللموسيقار العالمي موتسارت قدمتها الأوركسترا على مدى ساعتين متواصلتين حافظت خلالها على مستوى عال من الأداء المتقن، الأمر الذيمكنها من انتزاع إعجاب الجمهور الألماني.
وقد شارك في العرض الموسيقي ٤٠ عازفة وعازف من مدن الضفة الغربية والقدس ومدن فلسطين الداخل إلى جانب موسيقيين وموسيقياتفلسطينيين شباب يدرسون الموسيقى في مدن أوروبية كبرلين ووارسو وفيينا وبراغ، جمعتهم أوركسترا فلسطين للموسيقيين الشباب تحتسقف واحد. ولم يكن لهذا الإنجاز الفريد أن يتحقق، لولا البراعة التي ميزت قائد الاوكسترا الماسيترو الألماني من أصول مصرية نبيلشحادة، والذي استطاع هو الآخر وعلى مدى ساعتين أن يبث المشاعر الايجابية بين الموسيقيين، وأدار بعيونه ويديه، وقبل كل ذلك تعابيروجهه البهيج، هذا الحفل الموسيقى الرائع.
وبهذا الصدد يقول قائد الأوركسترا المايسترو نبيل شحادة: "تمثل الموسيقى لهؤلاء الشباب بطريقة ما بوابة إلى العالم، ويحذوهم الأمل فيالعزف بشكل احترافي ليتمكنوا من الحصول على منحة دراسية والدراسة في أكاديمية بارنبويم سعيد في برلين".
أما صحيفة تاغز شبيغل البرلينية، فقد كتبت عن العرض: "غالباً لا يكون للفلسطينيين صوتهم الخاص، أما هذا المساء فكان هناك أكثر من٤٠ صوتاً يصدح باسم فلسطين في قلب العاصمة برلين". وتحت عنوان "شعاع نور يسطع من منطقة أزمات"، أضافت الصحيفة ذاتهاواسعة الانتشار: "في فلسطين لا يوجد صراع وقمع وعنف فحسب، بل هناك أيضاً اوركسترا شبابية رائعة قدمت نفسها بمهنية عاليةللجمهور في برلين وأسرت قلوب الحضور".
وتعتبر أوركسترا فلسطين للموسيقيين الشباب أحدث البرامج التي انبثقت عن تلاقى رؤى المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد والموسيقارالعالمي دانييل بارنبويم اللذان وقفا خلف تأسيس أكاديمية بارنبويم سعيد للموسيقى في العام ٢٠٠٣ والتي تطورت على مدى العشرين سنةالماضية لتصبح احدى أهم أكاديميات تعليم الموسيقى الكلاسيكية على مستوى العالم. وتوفر الأكاديمية فرصة لتعلم الموسيقى وتقدم منحدراسية لعدد من الموسيقيين الناشئين من فلسطين. ويشكل معهد بارنبويم سعيد للموسيقى في رام الله فرعاً خارجياً أو توأماً للاكاديمية فيفلسطين وتقوم على إدارته عازفة التشيلو الفنلندية لينا ليجالا بدعم من وزارة الخارجية الألمانية.
وحول الحفل الموسيقي في برلين تقول لينا ليجالا: "كان من المؤثر للغاية أن أرى كل شيء وقد اجتمعت أجزاؤه في شكل فسيفساء اتضحتمعالمها بشكل جلي في صالة بيار بوليز في برلين، هذه القاعة الموجودة في أكاديمية بارنبويم سعيد، المؤسسة الشقيقة لنا في برلين. فعندمابدأت بتأسيس أوكسترا فلسطين للموسيقيين الشباب عام ٢٠١٥ كانت فكرتي هي جمع موسيقيين شباب فلسطينيين من المنطقة بأكملها ومنالشتات وتمكينهم من العزف في إطار أوركسترا عالية المستوى في معهد بارنبويم سعيد للموسيقى. لقد كان الطريق طويلًا، ولكنه كان مفيدًاجداً لي وللموسيقيين وللمؤسسة بأكملها." وتضيف لينا ليجالا واصفة العرض الموسيقى بالمفاجأة السارة، إذ: "قدم الموسيقيون الشباب أداءًرائعاً ينم عن احتراف. وأعتقد أن هذه كانت مفاجأة سارة للجمهور. فليس من المعتاد أن يتلقى الناس في ألمانيا أخباراً جيدة من المنطقة،وأعتقد أن هذا الأداء الرائع قد خلق حيزاً جديداً في أذهان الناس، حيز يحتل مساحة كبيرة منه أمل بمستقبل واعد لهذا الجيل.
شكل الحفل الموسيقي في برلين شهادة احترافية جديدة لفلسطين في الحقل الثقافي وتحديداً في الموسيقى الكلاسيكية. ففلسطين التيكانت تصدر البرتقال إلى ألمانيا والقطن إلى فرنسا في القرون الماضية، أضحت اليوم تنافس عبر أداء موسيقي أحترافي تصل أصداؤه إلىأماكن قريبة وبعيدة. وما الدعوات لإرسال بناتها وأبنائها لتقديم عروض موسيقية على أشهر المسارح العالمية وفي عواصم تعتبر امهاتالموسيقى الكلاسيكية سوى تجاوب مع هذا الصدى
[email protected]
أضف تعليق