لا يستوي الحديث عن منضدة التسريح، قطعة الأثاث النسائية، التي تسمح بالجلوس أمامها، ومعاينة تفاصيل الوجه، أثناء التبرج، من دون ذكر «مدام دي بومبادور»، خليلة لويس الرابع عشر، إذ يرجع إليها فضل نشر هذه القطعة من الأثاث في أوروبا.

في عهد لويس الرابع عشر، سُمح للسعاة ومجموعة صغيرة من المحظيين المختارين بمشاهدة الملك، فيما هو يتجهز لارتداء الملابس الرسمية، صباحاً، في جناح غرفة النوم. كان الطقس المذكور يستغرق وقتاً طويلاً، ويشاهده نحو مئة شخص، الأمر الذي كان يتسبب بالملل للسيدة دي بومبادور. لذا، هي كلّفت مصمم الأثاث الشهير جان فرنسوا أوبن بتصميم منضدة تسمح لها بكتابة الرسائل، أثناء معاينة المحظيين للملابس، فلبى المصمم طلبها. وما لبث أن تطور التصميم عام 1781، حينما قام جان هنري ريزنر، صانع الموبيليا الشهير آنذاك، بدمج جزء علوي لـ«منضدة الرسائل» قابل للانزلاق للخلف والسحب للأمام، مع جعل الجزء المذكور يضم مرآة، وتكبير حجم المنضدة لتتسع لمقصورتين إضافيتين. بذا، اكتمل تصميم منضدة التسريح التي استخدمتها ماري أنطوانيت في فرساي، في القرن الثامن عشر.
خلال هذه الحقبة، كانت طاولة التسريح رمزاً للمكانة الاجتماعية، إذ كانت قطعة الأثاث المذكورة تتضمن شعار النبالة الخاص بكل عائلة أعلى التصميم. ومع تخصيص المنازل الأوروبية في ما بعد غرفاً معينةً من المسكن للنوم، شاع استخدام منضدة التسريح، في صفوف العامة.
تضمنت منضدة التسريح القديمة بعد تطويرها آنذاك، سطحاً قابلاً للطي ومغسلة حيث يمكن للمستخدم غسل الوجه. لكن، مع انتشار التصميم في فرنسا والولايات المتحدة، هو أصبح أكثر عصرية.
في العصر الحديث، تطور تصميم منضدة التسريح، وتحديداً خلال حقبة «الآرت ديكو»، في بداية القرن العشرين، عندما أصبحت قطعة الأثاث أنثوية، بامتياز.






منضدة التسريح في غرفة الملابس (الصورة من أعمال المهندس المعماري أحمد الشريف )

حسب المهندس المعماري المصري أحمد الشريف، فإن تصميم منضدة التسريح لا يكف عن التطور. بعد زيارة معرض الأثاث في ميلانو Salone del mobile، لاحظ الشريف أنه بالاتساق مع عشق الإيطاليين الأناقة، فإن مناضد التسريح لا تغيب عن معروضات شركات الأثاث الإيطالية المحلية والعالمية. عن ذلك، يُعلّق، قائلاً: «أكثر ما شد انتباهي هو جمال وعملية التسريحات، على الرغم من تصاميمها البسيطة للغاية».
وعن منضدة التسريح، في مساحة غرفة النوم الضيقة؛ يقول إن «التصميم المذكور، في هذه الحالة، عبارة عن سطح مثبت على الجدار، ومزود بدرج فأكثر لحفط مستحضرات التجميل. تعلو السطح مرآة مستطيلة معلّقة»، مضيفاً «أن تنفيذ التصميم المذكور لا يُكلّف الكثير».
لناحية مواد التصميم وألوانها، فإنها تتبع ديكور المساحة وطريقة تأثيثها؛ الهدف حسب المهندس والمصمم، هو تحقيق التناغم بين كل عناصر غرفة النوم، بما في ذلك التسريحة، ولو أن التوجه أخيراً هو نحو الدرجات اللونية الدافئة. في شأن مواد التسريحة، في التصميم الكلاسيكي، الأخشاب كثيرة الاستخدام؛ أمّا في التصميم «المودرن»، فإن مجال المواد أوسع، ويشتمل في إطار تنفيذ التسريحة، على «الستاينلس ستيل» والأخشاب المصنعة، والجلد أحياناً.
وعن المرآة المرافقة للتسريحة، يوضّح الشريف أنه «من الدارج أخيراً أن تُصمّم المرآة، بصورة تشغل عرض وطول الجدار الذي يحملها، من دون أن تتصل بقطعة الأثاث».
من جهة ثانية، تحل التسريحة في غرفة النوم وغرفة الملابس وحتى الحمّام؛ عن الاختلافات بين التصاميم، تبعاً لكل حيز، يلفت المهندس والمصمم إلى أن «التسريحة التي تشغل غرفة النوم ترتفع إلى مصفى القطعة الفنية، من دون الغوص عميقاً في مدى عملية القطعة، أما في غرفة الملابس، العملية هي أساس التصميم، مع الحرص على أن لا تتخذ المنضدة مساحة فسيحة. في تصميم تسريحة الحمام، فإن التجانس التصميمي أساس».
من جهة ثانية، يثير الشريف ملاحظة، مفادها أن «تصميم المنضدة المدمج بخزانة الملابس يُناسب الرجل، لكن مستحضرات المرأة أكثر، وهي تقضي وقتاً أطول في التبرج، لذا من المهم لحظ راحتها، أثناء استخدام التسريحة في تصفيف الشعر والتبرج، ما يجعل قطعة الأثاث المذكورة المنفصلة أو القائمة بذاتها مفضلة». ويدعو إلى أن تكون الإنارة خاصة بالمنضدة، بصورة تفتح عند الاستخدام، ما يتيح رؤية التفاصيل، وصولاً إلى الأدق منها. وينصح بأن تكون الإنارة بيضاء، بالانسجام مع ديكور الإنارة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]