قدّم مركز عدالة ولجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، التماسًا للمحكمة العليا يطالب فيه بإلغاء التعديل رقم 37 لقانون الشرطة، كونه غير قانوني.
وجاء الالتماس بعد أن صادقت الكنيست يوم 27.12.2022 على اقتراح تعديل قانون الشرطة، الذي قدمه عضو الكنسيت العنصري إيتمار بن جفير، تمهيدًا لتولّيه منصب وزير الأمن القومي (وزير الأمن الداخلي سابقا)، المُفوّض من قِبَل الحكومة على جهاز الشرطة. حيث يقوم التعديل بتوسيع صلاحيات وزير الأمن القومي لتحديد عمل الشرطة وسياساتها وأسس عملها، خاصة في كل ما يتعلق بالتحقيقات و"تحديد الأولويات".
وكان مركز عدالة قد اعترض أمام لجان الكنيست على اقتراح التعديل في حينه، واليوم يتم تقديم الالتماس في ظل الإجراءات السياسية التي اتخذها الوزير طوال هذه الفترة، والتي تؤكّد ما قاله مركز عدالة في الاعتراض على مشروع القانون.
كما يوضّح الالتماس، الذي قدّمه كل من المحامي عدي منصور والمحامية ناريمان شحادة زعبي، أنّ للشرطة تاريخ حافل بالسياسات العنصرية ضد الفلسطينيين. كتجسيد لسياستها العدائيّة – البنيويّة، تقوم الشرطة بقمع الفلسطينيين والاعتداء عليهم، وفي حالات عدّة، تقتلهم دون آلية محاسبة لأفراد الشرطة المجرمين (كما حدث في ملف استشهاد يعقوب أبو القيعان، محمد كيوان، إياد الحلاق، ومؤخّرًا محمد العصيبي). بالمقابل، تتخاذل الشرطة بمواجهة الجريمة المنظّمة، وتسمح بتفشّيها داخل البلدات العربيّة. وهذا ليس بجديد إذ ذكرت جرائم الشرطة قبل نحو عقدين في تقرير لجنة أور، والتي شُكّلت عقب هبة أكتوبر 2000 حين قتلت الشرطة الإسرائيلية 13 فلسطيني أثناء الانتفاضة الثانية: "على الشرطة أن تكف على التعامل مع العربي كعدو".
إلا أن التعديل يعمل على قوننة هذه العنصرية، فما كان سابقا ممارسة سياسيّة عدائيّة للشرطة، سوف يصبح بعد التعديل قانونيًّا، ليتيح المجال لتسييس إضافيّ للشرطة وتوظيفها لتنفيذ سياسات الحكومة الإسرائيليّة. من هذا المنظور، يدّعي الملتمسون أن التعديل غير قانوني كونه يمنح صلاحيات واسعة وغير محددة للوزير، والتي يمكن استغلالها لأهداف سياسية، إذ يؤدي تسييس الشرطة إلى مزيد من الانتهاكات للحقوق الدستورية التي انتهكت بالفعل من مجرد تفعيل هذه الصلاحيات. وأوضح الالتماس أن مجرد إخضاع الشرطة لجهة سياسيّة تتصرف من اعتبارات لا تتماشى بالضرورة مع الاعتبارات المهنيّة للشرطة، يسمح بانتهاك الحقوق الدستورية، ومنها الحق بالحريّة، الحياة والتظاهر، بتناقض مباشر مع أحكام بند التقييد في قانون أساس: حرية الإنسان وكرامته، وبالتالي، يحتّم إلغاء التعديل على الفور.
وأكد عدالة ولجنة المتابعة العليا على أن المطالب الواردة في الالتماس لا تعني أن الشرطة لم تعمل في السابق بطريقة عنصرية، ولم تميز في سياساتها ضد المواطنين الفلسطينيين قبل إقرار التعديل، لكن مع ذلك، يكشف الالتماس جملة من السياسات التي بادر إليها الوزير بن غفير منذ تعيينه، المعروف بتطرّفه وعدائيّته للفلسطينيين، والتي تحمل عواقب بعيدة وقريبة المدى وتشكل خطرًا متزايدًا على المواطنين الفلسطينيين في الداخل. ومن بين هذه السياسات منع رفع العلم الفلسطيني في الحيز العام وتسريع عمليات هدم المنازل في القدس المحتلة. ويُضاف إلى ذلك تصريحات الوزير المتطرف عن نيّته إجراء تغييرات جذرية في عمل الشرطة بكل ما يتعلق بالفلسطينيين في الداخل، ومن بينها أوامر إطلاق النار .
كما يؤكّد مركز عدالة على أنّ منح الصلاحيات لوزير الأمن القومي من خلال تعديل قانون الشرطة لا ينبغي فصله عن السياق العام لمخطط الوزير بن غفير لفرض تطبيق عنصري تجاه المواطنين الفلسطينيين، وهو نتيجة حتمية للاتفاقات الائتلافية الموقعة بين حزب "الليكود" وحزب حزب "عوتسما يهوديت".
[email protected]
أضف تعليق