تقود المملكة العربية السعودية جهود إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وهي سياسة تتعارض بشكل مباشر مع محاولات الغرب المستمرة لعزل الرئيس السوري بشار الأسد ودائرته الداخلية بفرض عقوبات.
وتريد المملكة تسريع هذه الخطوة قبل انعقاد القمة العربية في الرياض الشهر المقبل، وهي خطة تدعمها الإمارات، التي قادت جهود التطبيع مع الأسد من خلال إعادة فتح سفارتها في دمشق عام 2018.
ستمثل عودة الرئيس الأسد إلى التكتل العربي تتويجًا لسياسة الغرب الفاشلة تجاه سوريا ونصرًا دبلوماسيًا، ليس فقط له، ولكن أيضًا لداعميه في روسيا وإيران الذين دعموا دمشق على مدار أكثر من عقد مضى، وفقا لتقرير صحيفة "التلغراف" البريطانية.
وقالت صحيفة "عكاظ" السعودية الأسبوع الماضي، إنه بعد خطوة استعادة العلاقات المفاجئة مع إيران الشهر الماضي، تريد الرياض الآن أن تكون في طليعة الدول المبادرة إلى تهدئة بؤر الصراع الإقليمية مثل سوريا، وضمان عدم تعطيل أي شيء للجهود الطموحة لتغيير اقتصادها.
وبينما تواصل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تحذير الحلفاء من التطبيع مع الأسد، إذ قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن أي تعامل مع سوريا يجب أن يفيد الشعب السوري "وليس نظام الأسد"، ليس من الواضح أن القوى الإقليمية تستمع.
واتفاقا مع ذلك التقرير، أكدت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، نقلا عن ثلاثة أشخاص على دراية بالمناقشات السعودية وشخص مقرب من الحكومة الإماراتية التي تدعم الخطة، أن السعودية تواصل حاليًّا اتخاذ الخطوات التي ستسمح فيها الجامعة العربية بوقف تعليق عضوية سوريا مع اقتراب موعد القمة المقرر عقدها في السعودية منتصف مايو المقبل.
وقالت المصادر إن الولايات المتحدة على معرفة بالخطط لكنها تعي عدم قدرتها على وقفها.
وبحسب التقرير فولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يريد تقديم بلاده على أنها الزعيمة السياسية والاقتصادية للعالم العربي، إلا أن المصالحة مع سوريا ستكون ضربة للتأثير الأمريكي في المنطقة وتعزيزا للانقسام بين القوى الإقليمية والولايات المتحدة، وفقا للتقرير.
وفي أحدث مؤشر على عودة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بشكل رسمي، أعطى الرئيس التونسي، قيس سعيد، تعليماته بالشروع في إجراءات تعيين سفير جديد لدى دمشق، قائلا "ليس هناك ما يبرر ألا يكون هناك سفير لتونس لدى دمشق وسفير للجمهورية العربية السورية لدى تونس"، مشيرا إلى أن "مسألة النظام في سوريا تهم السوريين وحدهم وأن تونس تتعامل مع الدولة السورية ولا دخل لها إطلاقا في اختيارات الشعب السوري".
وكان وزراء الخارجية العرب علقوا عضوية سوريا في الجامعة، بعد اجتماع طارئ بالعاصمة المصرية القاهرة في نوفمبر 2011 بعد نحو 8 أشهر من اندلاع احتجاجات في سوريا.
وإثر صدور القرار الذي وافقت عليه 18 دولة عربية، مقابل رفض سوريا ولبنان واليمن، فُرضت عقوبات اقتصادية وسياسية على الحكومة السورية.
ولا يحتوي ميثاق الجامعة العربية على عقوبة تجميد العضوية، لكن المادة الـ"18" منه، نصت على إمكانية اعتبار مجلس الجامعة أي دولة لا تقوم بواجبات الميثاق منفصلة عن الجامعة، بقرار يصدر بإجماع الدول، باستثناء الدولة المشار إليها.
ومنذ تحديد هذه العقوبة لم تُطبَّق أبدًا بسبب صعوبة التوصل لإجماع حول الفصل، فاتجهت الجامعة العربية نحو التجميد، وهو ما جرى في حالات سابقة لسوريا أيضًا، ومنها مصر، التي تم تجميد عضويتها، ونقل مقر الجامعة منها إلى تونس، بين عامي 1979 و1990، إثر توقيع القاهرة اتفاقية "كامب ديفيد" للسلام مع إسرائيل.
[email protected]
أضف تعليق