دعا فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، المجالس التشريعية والمجامع الفقهية والمؤسسات الحقوقية للتصدي لظاهرة الضرب وخاصة ضرب الزوجات.
وكشف فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، خلال حديثه اليوم في الحلقة الثالثة عشر من برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب"، عن أن قانون المساواة بين الرجل والمرأة يستلزم المساواة بينهما في أحكام "النشوز"، مؤكدا أن الزوجة كما توصف بالنشوز، يوصف به الزوج أيضا، وهو الأمر الذي لا يلتفت إليه الكثيرون، حتى من أهل العلم.
وأضاف شيخ الأزهر أن أمر المساواة لايقتصر على اشتراك الزوجين في وصف "النشوز"، بل يتعداه إلى اشتراكهما في العقوبة، إلا أن العقوبة فيما يتعلق بنشوز الزوج يتولاها الحاكم أو القاضي، الذي من حق الزوجة أن ترفع أمر نشوز زوجها إليه، ليعزره على نشوزه، موضحا أن للقاضي أن يقر على الزوج الناشز عقوبة التعبير، وهي عقوبة مفتوحة يقدرها القاضي، بداية من توجيه الموعظة مرورا باللوم، وانتهاء بالسجن، فإن أصر الزوج بعد التعزير على عناده ونشوزه، ورضيت الزوجة بالبقاء معه رغم نشوزه، فإن القاضي يأمرها بهجر زوجها في المضجع، فإن لم يفد الهجر وأصر على عناده ضربه القاضي تعزيرا، - كما يقول العلماء في ذلك- وبعضهم قال: بسجن الزوج بدل ضربه".
ورد الإمام الأكبر على دعاة تطبيق التماثل المطلق بين الزوجة وزوجها من حيث تنفيذ الزوجة عقوبة النشوز على زوجها بدلا من القاضي، موضحا أن الذي يجيب به واقع الرجل والمرأة وطبيعتهما التي لا تتبدل ولا تتغير، هو: "أن المرأة لو أقدمت على ضرب زوجها الناشز الكاره لها؛ فإنه سينقلب من فوره -لا محالة- إلى وحش ضار، وستكون هي الضحية في آخر المطاف، لذا عهد بالزوج إلى سلطة تستطيع تنفيذ العقوبة عليه بوسائل لا يستطيع هو مواجهتها وهو القاضي".
ولفت فضيلة الإمام الأكبر إلى أن الفقهاء اشترطوا مجموعة من الشروط الشرعية التكليفية والتي تكاد تفرغ المقصود من قوله "واضربوهن" من أية شبهة للإيذاء، وتبقيه وكأنه مجرد رمز يعبر عن رفض الزوج لسلوك زوجته للحفاظ على مستقبل الأسرة، داعيا فضيلته من لا يطيقون سماع كلمة "ضرب" الواردة في القرآن، ولا يطيقون صبرا على فهم معناها البسيط الذي يدركه العامة والخاصة على السواء؛ للنظر إلى الحكم الشرعي الذي يقرر أن الزوج إذا ضرب زوجته ضربا مؤلما؛ فإن من حق الزوجة الناشز، أن تطلب التطليق، وعلى القاضي أن يمكنها من ذلك، ولها كل حقوق المطلقة بسبب الضرر.
كما دعا فضيلته المنصفين إلى النظر إلى ما هو أبعد من ذلك في أحكام شريعة المساواة والعدل في هذا الأمر، وهو: أنه إذا ترتب على هذا السلوك أي خدش أو جرح أو كسر؛ فللزوجة حق طلب التطليق وحق القصاص من الزوج، حيث أن الشريعة لا تجيز ضرب الزوجة ضربا يؤلمها أو يؤثر في جسمها أو يخيفها، حتى لو كان الزوج على يقين من أن هذا النوع من الضرر سوف يصلح من حالها، موضحا أن ذلك يأتي إعمالا لقاعدة الإسلام في تحريم إلحاق الضرر بالمخلوقات منعا باتا، والتي يقررها النبي صلَّى الله عليه وسلم بصيغة عموم النفي في قوله: "لَا ضَرَرَ ولَا ضِرار".
وأضاف فضيلة الإمام أن الزوج غير ملزم شرعا بأن يلجأ إلى هذا الأسلوب مع زوجته "الناشز"، وأن له أن يصبر على أذاها وله الأجر من الله، موضحا أن أصل كل ذلك النهي الوارد عن النبي صلَّى الله عليه وسلم باجتناب "الضرب" في مناسبات عدة، كقوله: "لا تضربوا إماءَ اللهِ"، وقوله: "لقد طافَ بآلِ محمَّدٍ سبعونَ امرأةً كلُّهنَّ يشتكينَ أزواجهن، فلا تجِدونَ أولئكَ أخياركم".. وكذلك لكثرة ما ورد في أمهات كتب التشريع من أن العفــو -مع النشوز- أولى.
وفي النهاية لخص فضيلة الإمام حديثه حول مسألة ضرب الزوجة والنشوز في عدة رسائل: "إن كلمة "واضربوهن" في القرآن الكريم ليست أمرا مفتوحا بضرب الزوجة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به ولم يشجعه ولم يمارسه أبدا في حياته، وبحسب الأصل هو محظور، ولا يأمر الشرع الزوج أن يستعمل الضرب بهذا المعنى القاسي، حتى في حالة النشوز لكنه يبيح له نوعا منه استثناء وبشروط وقيود، والفارق كبير بين الأمر والإباحة، وإذا لم يفعل الزوج فإنه يشكر ويؤجر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "خيركم من لا يضرب".
[email protected]
أضف تعليق