في إطار موضة 2023 في التصميم الداخلي التي تتلخص في إعداد أماكن أنيقة وعملية، يُلاحظ أن نقش الأزهار يروج مجدّداً، وهذا الأخير يرتبط بصفات الأنوثة ويقرّب من الطبيعية ويحمل جاذبية تطبع أي مساحة بالحداثة والكلاسيكية في آن واحد. يحل النقش على العديد من العناصر الزخرفية، بما في ذلك ورق الجدران ومنسوجات الأثاث واللوحات الفنية، وحتى تركيبات الإضاءة. وهو يتأثر بأنظمة الألوان الأنثوية الشائعة.

لا يستقيم الحديث عن نقش الأزهار في الديكور، من دون لمحة تاريخية عن الأنسجة المنقوشة به، والمستخدمة في موضة الأزياء في البدء. كان لزهرة اللوتس رمزية، وهي كانت تحل في مواضع شتى في مصر القديمة. في العصور اليونانية والرومانية، كان الناس يزينون ملابسهم بالأزهار الطبيعية. لكن، الفضل لشيوع نقش الأزهار على الأنسجة في العالم يرجع إلى الصين، وتحديداً إلى القرن الثاني عشر. ثمّ، ما لبثت أن اتبعت دول الشرق الأوسط وآسيا هذا الاتجاه. وبفضل طريق الحرير، شقت الموضة المذكورة طريقها إلى أوروبا عبر التجار الإيطاليين.
تطور النقش الذي أصبحت تحمله المخامل المنسوجة في البندقية وفلورنسا، وتنفذه خيوط الذهب والفضة، وذلك في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، مع ملاحظة كبر حجوم الأزهار، بتأثيرات من الإمبراطورية العثمانية التي كانت تكرر نقش الزنابق، على المنسوجات والسيراميك والتطريز في تلك الحقبة.
في فرنسا، حملت خامة الحرير النقوش الموردة، لتنحو بعدها إنجلترا هذا النحو، لكن المصممين هناك اعتمدوا في تصميماتهم على عينات نباتية. ثمّ، دخل متحوّل آخر إلى الأنسجة المنقوشة بالورود، خصوصاً مع عدم قدرة غالبية الناس تكبد تكلفة المخمل والحرير المطرزين بالورود، لينتشر القماش القطني المطبع المسمى Chintz والمستورد من الهند، في أوروبا القرن الثامن عشر، بفضل نشاط التجار البريطانيين والدانماركيين. كانت تتبع تقنية غير معروفة في بريطانيا في إعداد هذا النسيج الزهري المطبوع، حتى 1759. ثم بدأ المصنعون البريطانيون في طباعة الأقمشة بسعر أقل، مع تصاميم تتراوح من الزخارف الزهرية الكبيرة الغريبة إلى الأنماط الزهرية الصغيرة.
زادت الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر من إنتاج الأقمشة المطبوعة عشرة أضعاف، ما جعل أنماط الأزهار المطبوعة على الأنسجة متاحة للجماهير، وخاصة فساتين النساء اليومية. في وقت لاحق من هذا القرن، أثر فنانون على هذا الميل، ومنهم ويليام موريس الذي جعل عباد الشمس عنصراً شائعاً.

لناحية الديكور، كان ورق الجدران المطبوع بنقش الأزهار هو الوحيد الشائع، لكن ازدهر الميل في خمسينيات القرن الماضي، حينما ظهرت الستائر والمفروشات المنقوشة. في الستينيات، أصبحت النقوش أكبر حجماً، واستخدمت في الجدران والأثاث. كما تقدم الأقحوان هذه النقوش.
إلى ذلك، ألهم فن البوب كيفية استخدام صور الأزهار في التصميم الداخلي في السبعينيات، إذ تطور المظهر بشكل أكبر إلى تعبيرات أقل واقعية، مع التركيز على الخردل الأصفر والبرتقالي المحروق وأخضر الأفوكادو.
في الثمانينيات، شاع النقش كثيراً، مع سيطرة ورود الملفوف واللون البنفسجي على اتجاهات التصميم. في هذه الفترة، أصبح مظهر الريف الإنجليزي شديد الأنوثة سائداً مع المصممة لورا آشلي. في التسعينيات، ظلت مطبوعات الأزهار والنباتات في المنازل، خصوصاً على الجدران.
في الألفية الثانية، لم تطرأ تعديلات على النقوش، ومنذ النصف الثاني من عام 2000، أصبحت الأزهار واقعية وداكنة وكبيرة الحجوم. ثم، أضاف المصممون الطيور والمناظر الطبيعية والفاكهة والمزيد إلى مطبوعاتهم القائمة على الأزهار.
لناحية موضة الديكور الداخلي هذا العام، فإن أغطية الأسرة وأنسجة الأثاث وورق الجدران والمزهريات، كلها عناصر قد تحمل «موتيفات» الأزهار. وهذه الأخيرة تبدو كبيرة، مع أهمية التنسيق بين الإكسسوارات والألوان الأخرى في المحيط، لتبدو أحادية، ما يضفي طابعاً أكثر حداثة على الغرفة.

حسب مهندس العمارة كريم عبد المطلب، ينتشر نقش الأزهار راهناً، ويبدو في إطار طرز ديكور مختلفة. مع اختلاف حجوم الأزهار وألوانها، يقول عبد المطلب إن «كل مصمم يستطيع أن يضيف لمسات تزين الفراغ المعماري وتشعر بالراحة النفسية»، مضيفاً أن «النقش قد يبدو في ورق الجدران الذي يكسو مساحة بسيطة، كما في نسيج الأثاث، والاستلهام من طراز «الشابي شيك»، الذي يحمل وسائد وستائر موردة»، مع الدعوة إلى جعل نسيج قطع المفروشات الأخرى سادة. إلى ذلك، هناك نقوش الأزهار، التي تحملها اللوحات الفنية المعلقة على الجدران. في هذا الإطار، ينصح المهندس بمراعاة حجوم الأزهار؛ إذا كان الأثاث كثير التفاصيل، فإن حضور النقش يجب أن يكون نادراً. وبالطبع، على ألوان الأزهار التابعة للنقش أن تتلاءم مع ألوان الغرفة الأخرى لتحقيق التناغم المطلوب.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]