اختتمت الأيام السينمائية الفلسطينية في العاصمة العمانية مسقط بعرض لفيلم "لقمة عيش" للمخرجة الفلسطينية مروة جبارة طيبي، وهو من إنتاج الجزيرة الوثائقية، وبحضورها كضيف شرف إلى جانب حضور سعادة السفير التونسي بالسلطنة عزالدين التيس والملحق الثقافي بالسفارة السعودية، وذلك في إطار الفعالية التي نظمتها الجمعية العمانية للسينما والمسرح بالتعاون مع سفارة فلسطين في سلطنة عمان، واستمرت لثلاثة أيام.
وتناول الفيلم في موضوعه رحلة الكفاح والعذاب اليومي التي يخوضها عشرات الألاف من العمال الفلسطينيين الذين يعبرون إلى ما وراء الخط الأخضر، ذهابا وإيابا، وسط المخاطر والصعاب التي تحف بهم بحثاً عن لقمة العيش، كما عُرض في خلفية المشهد واقع الأُسر التي تعتمد في قوتها وحياتها على ظروف العمل القاسية و المجحفة، تحت سطوة الاحتلال، وأبرز الدور الحيوي للمرأة في مواقع العمل المختلفة، وخاصة الإنتاج المنزلي والبيت.
منذ النكبة كان الإنسان الفلسطيني يصدر عبر الإعلام والأدب بوصفه شخصية ملحمية
وفي ختام العرض الذي لقي استحسان الحضور وتصفيقهم، أدار الشاعر العماني سالم الرحبي جلسة حوار ونقاش غنية وطرح العديد من الأسئلة، ولخص ما قامت به مخرجة العمل في هذا الفيلم وسلسلة أعمالها الأخرى بالقول:
"منذ النكبة حتى سنوات متأخرة من عمر القضية الفلسطينية، كان الإنسان الفلسطيني يصدر عبر الإعلام والأدب بوصفه شخصية ملحمية، وظل المتلقي العربي يطالبه دائماً بنوع من البطولة، ودائماً ما كان ينظر للفلسطيني من زاوية جمعية، أي أننا اعتدنا على التعامل معه كجماعة، لكن في أعمال مروة جبارة يحضر الفلسطيني بوصفه فرداً لا جماعة، لديه همومه الشخصية وآماله ومخاوفه وهواجسه العادية، هناك نوع من الانحياز للمأساة الفردية على حساب الشعارات الجمعية".
و من جملة ما قالته مروة جبارة طيبي خلال المقابلة وفي إجاباتها على الأسئلة:
إن عملها وخبرتها من خلال الوكالات الإعلامية والإخبارية الأجنبية، جعلها على قناعة تامة، بأننا نحن، وليس المحتل أو الأجنبي، من يجب أن يكتب عن أحوالنا ومشاكلنا وقضايانا، ونحن من يجب أن يختار المصطلحات والمسميات والتعاريف المناسبة عند صياغة كل خبر وصياغة كل حكاية، كي لا نقع في لعبة الألفاظ البديلة والمدسوسة والروايات المنحرفة التي يحاولون زرعها في عقولنا وعلى ألسنتنا.
وأيضا، أننا لسنا مساكين ولا بؤساء، بل نحن أصحاء وأقوياء و نوابغ وبلغاء، ولن تكون قضيتنا محض أحزان وفواجع وآلام، بل ستكون دائما قصص بطولة وعطاء ونجاح وتفوق، وهذا هو دربنا الذي يسير بثقة واستقامة نحو الأمام.
الاتفاف العماني حول القضية الفلسطينية كان لافتاً بالنسبة لها
كما عبرت المخرجة مروة جبارة طيبي عن سعادتها للاهتمام بالفيلم وعرضه بالعاصمة العمانية، واتاحة الفرصة لها للتعرف على الشعب العماني العظيم، ونوهت بمدى عمق المعرفة والتماهي مع فلسطين. واضافت اسعدني جدا حضور شابات عمانيات من نادي فلسطين من جامعة سحار التي تبعد ساعتين سفر، يتوشحن بالكوفية الفلسطينية لحضور الفيلم واللقاء. ولفت انتباهها عمق معرفة مدير الجلسة في الشان الفلسطيني، كقضيته كما أوضح متماهي وليس متضامن، مشيرة إلى أن الاتفاف العماني حول القضية الفلسطينية كان لافتاً بالنسبة لها وذلك عبر جهود سفارة فلسطين في السلطنة ممثلة بسعادة السفير تيسير جرادات شخصياً الذي لم يألُ جهداً في تعريف المخرجة بثقافة عُمان وحضارتها ولقائها بصناع الحالة الثقافية العمانية من فنانين وأكاديميين.
كما أشارت المخرجة إلى أن مصيرنا نحن من نبتّ فيه، ونأخذ الزمام، ولا نركن لأحد أن ينوب عنا أو يملي علينا كيف يُصنع أو يُصور أو يُحكى عنه. وأننا كلنا أبناء هذا الشعب سفراء له، نعبر عنه ونستقطب لصفه الأنصار والأصدقاء، كل في موقعه وعمله، وأن هذا واجبنا تجاه أنفسنا ومن سبقنا، ومن سيلحق بنا من الأبناء والأحفاد. وأن المطلوب دائما هو الحفاظ على التراث، من الضياع، بحفظ ما نقله لنا الأجداد وتدوينه وتوثيقه قبل أن يتبدد، وكذلك صنع الجديد والفريد، فما نحتاجه أفلام تطرق مواضيع جديدة، وذات مغزى ومعنى، عميق وملهم. وحكت عن تجربها في أفلامها العديدة وكلها عناوين وقصص لافتة وقضايا لها قيمة كبيرة وإن الآتي سيكون بإذن الله أفضل.
وهكذا أجابت ببراعة وبعد نظر عن سائر الأسئلة وجرى في الختام تكريمها من إدارة الجمعية العمانية للسينما والمسرح ممثلة برئيس الجمعية أ. حميد العامري، وجرى التقاط العديد من الصور.
[email protected]
أضف تعليق