أوعز وزير المالية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، بسحب التمويل الحكومي من مسرح السرايا في يافا، بادعاء أن المسرح يعتزم عرض فيلم "فرحة"، حول مجزرة يرتكبها جنود إسرائيليون بحق عائلة فلسطينية إبان النكبة في العام 1948.
وسبق ليبرمان وزير الثقافة والرياضة الإسرائيلي، حيلي تروبِر، الذي طالب اليوم بسحب التمويل الحكومي من المسرح العربي. وتبين من بيان تروبر أنه لم يشاهد الفيلم وإنما اعتمد إلى "تقارير"، وبعد شكوى قدمته منظمة إسرائيلية يمينية متطرفة.
وتأتي خطوة ليبرمان وتروبر بالرغم من أن كتب التاريخ الإسرائيلية مليئة بتوثيقات حول المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي والميليشيات الصهيونية بحق الفلسطينيين، وبضمنهم الأطفال والنساء والمسنين.
واعتبر ليبرمان أن عرض مسرح السرايا للفيلم هو "قرار لا يقبله العقل ويستوجب اتخاذ كافة الخطوات الممكنة، وبضمنها سحب ميزانيات، وذلك ربما أيضا بهدف منع عرض الفيلم الصادم المذكور أو أفلام مشابهة في المستقبل". وتابع أن "دولة إسرائيل ليست مكانا لتشويه سمعة الجنود الإسرائيليين وقوات الأمن".
وقال تروبر إنه "عُلم صباح اليوم أن مسرح السرايا يعتزم عرض الفيلم الأردني ’فرحة’، هذا المساء، والذي يحتوي بموجب تقارير فريات كاذبة تجاه الجنود الإسرائيليين، ويصف مجزرة بحق عائلة ومقارنتها بسلوك النازيين أثناء المحرقة". وطالب المسرح بالتراجع عن عرض الفيلم.
وسيعرض فيلم "فرحة" للمخرجة دارين سالم في "نتفليكس" غدا. وتجري أحداث الفيلم في العام 1948، حين تتعرض قرية فلسطينية للاجتياح فيلجأ الأب إلى إخفاء ابنته البالغة من العمر 14 عاماً وترى من مخبئها السري ما يقلب حياتها رأساً على عقب ويغير قراراتها المستقبلية.
الأستاذ علاء حليحل: "تنافس محموم من جمعيات اليمين لممارسة التهديدات المالية ضدّ المؤسسات الثقافيّة"
وفي حديث لموقع بكرا مع الأستاذ الكاتب والصحافي علاء حليحل قال:
"من الواضح أنّ هناك تنافسًا محمومًا بدأ منذ سنوات من طرف جمعيات ونواب اليمين الإسرائيليّ لممارسة التهديدات المالية ضدّ المؤسسات الثقافيّة، بهدف السّعي إلى تدجينها وترويضها".
وأضاف: "وفي سياق هذا الفيلم تحديدًا، نرى أنّه يغيظهم لأنّ الفلسطينيّين يتجرّأون على منازعة الإسرائيليّين واليهود على رواية آنا فرانك، التي اختبأت في عليّة بأمستردام أثناء الهولوكوست، والتشبيه الضمني الذي رأوه بين ممارسات الحركة الصهيونية المسلحة أثناء النكبة وبين النازيين. أمّا الأمر الثاني الذي يغيظهم في هذا السياق، وهو الكشف عن الممارسات الإجراميّة التي رافقت النكبة والتي تُعتبر جرائم حرب، فإنه يتصل مع قرارات التعتيم وأغلاق الأرشيفات الإسرائيليّة أمام الباحثين، و"قانون النكبة"، وما حدث في مأساة/ مهزلة إغلاق مسرح الميدان، وتعزيز الرقابة الذاتية في مؤسّسات فلسطينية بارزة في الداخل، وعملية التخلص من لبنى زعبي المديرة السابقة لمديرية الثقافة العربية".
وتابع خلال حديثه مع موقع بكرا: "لكن، وللأسف الشديد، ما زلنا في الداخل عاجزين عن تشكيل موقف جماعيّ واضح وحادّ بخصوص التمويلات الحكوميّة، وقد سبق وأُغلِق المسرح العربيّ الأكبر لدينا من دون أن يكترث أحد في نهاية المطاف. يجب ألّا يُترك مسرح السرايا وحده في المعركة، وثمة حاجة مصيريّة لتضافر الجهود بين القيادات السياسيّة والنُخب الثقافيّة من أجل وضع خطة عمل لتمويلات بديلة، خصوصًا في ظلّ ما ينتظرنا من مدّ فاشي مُستشرٍ في السنوات القادمة".
محمود ابو عريشة: "ملتزمون وملتزمات بالدّفاع عن حقّنا في الوجود والتّعبير"
كما تحدث موقع بكرا مع الأستاذ محمود ابو عريشة مدير مسرح السرايا، وعقب بقوله: "ردّنا على التحريض والتّشويه بتمكين عرض الفيلم في وقته وموعده".
وأَضاف: "أما ردّ الجمهور فجاء بالتفاف واسع مرّة أخرى حول السّرايا". وتابع: "ملتزمون وملتزمات بالدّفاع عن حقّنا في الوجود والتّعبير، ملتزمون وملتزمات بحرّية الفن، كل فنّ".
[email protected]
أضف تعليق