أكد رئيس دولة فلسطين محمود عباس، رفضه أن تبقى المياه الفلسطينية رهن الاحتلال أو السيطرة أو الاستغلال غير القانوني.

وقال الرئيس في كلمته أمام المؤتمر العربي الرابع للمياه، الذي تنظمه دولة فلسطين في جامعة الدول العربية في العاصمة المصرية القاهرة، برعاية سيادته، ألقاها نيابة عنه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو، "سنتوجه إلى الجهات الدولية المختصة لوقف عدوان الاحتلال على مياهنا".

وأضاف سيادته في المؤتمر الذي جاء بعنوان: "الأمن المائي العربي من أجل الحياة والتنمية والسلام"، أن البحر الميت يشكل نموذجاً آخر للاعتداء على مياهنا، إذ إنه يتقلص عاماً بعد عام، بسبب تحويل مياه الأنهار أو حبسها، وغياب الاتفاق، حول التخصيص والإدارة، بما يتوافق مع مبادئ وأعراف القانون الدولي.

وعلى الصعيد العربي، قال سيادته: إن مياه الوطن العربي العابرة للحدود هي قضية عربية، ومسألة أمن قومي عربي.

وأعرب عن سعادته بأن ترعى دولة فلسطين هذا المؤتمر، الذي يعقد في ذكرى اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وحقوقه غير القابلة للتصرف.

وتقدم الرئيس بالشكر لجمهورية مصر العربية لاستضافتها المؤتمر على أرض الكنانة، وجامعة الدول العربية، وشبكة خبراء المياه العرب على تنظيمهم لهذا المؤتمر بالشراكة مع المؤسسات والمنظمات الدولية.

وأكد أن حل قضية نقص المياه في وطننا العربي يقتضي وضع استراتيجية عربية موحدة وشاملة تدافع عن الحقوق التاريخية في المياه العربية في مواجهة الاحتلال، أو الاستغلال، أو التغوّل عليها، ووضع الخطط لمواجهة العجز المائي والغذائي في ظل التحديات القائمة.

وأشار إلى أن الأمن المائي العربي يشكل تحديا كبيرا لقرابة 453 مليون مواطن عربي، وهو قضية تستحوذ على اهتمام دولنا العربية، كما تمثل ذلك بقرار جامعة الدول العربية بإنشاء مجلس وزراء المياه العرب.

وشدد على ضرورة الاستجابة للطلب المتزايد على المياه والغذاء، اللذين يشكلان تحديا كبيرا في ظل محدودية المصادر في وطننا العربي، وفي ظل الجفاف، والتصحر، وسوء الاستخدام، وأيضاً استخدام المياه كسلاح، وتعاظم النزاعات، خاصة على المياه العابرة للحدود.

ودعا الرئيس الى التوصّل لاتفاق قانوني ملزم بين مصر والسودان وإثيوبيا، اتساقا مع البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن في سبتمبر (أيلول) 2021، وذلك على النحو الذي يكرس التعاون ويرسخ المصالح المشتركة بين شعوب المنطقة.

وفيما يلي نص كلمة سيادة الرئيس في المؤتمر:

السادة رؤساء الوفود المشاركة

السيدات والسادة، الحضور الكريم،

إنّه لمن دواعي سروري واعتزازي، أن ترعى دولة فلسطين، مؤتمركم الرابع للمياه تحت شعار "الأمن المائي العربي من أجل الحياة والتنمية والسلام"، هذا المؤتمر الذي يعقد في ذكرى اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف، والذي يُحتفى به في أماكن عدة في العالم.

نتقدم بالشكر في البداية لجمهورية مصر العربية لاستضافتها المؤتمر، على أرض الكنانة، وجامعة الدول العربية، وشبكة خبراء المياه العرب، على تنظيمهم لهذا المؤتمر، بالشراكة مع المؤسسات والمنظمات الدولية.

كما نُهنئ فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وجمهورية مصر العربية، على تنظيمها ورعايتها وقيادتها لمؤتمر الاطراف الـ27 للتغيّر المناخي، والذي عقد في شرم الشيخ، ولما تحقق من نجاح ونتائج لمواجهة الاحتباس الحراري، ووقوف الدول إزاء التزاماتها، وهو ما يؤكد أهمية دور مصر دوليا، وإقليميا، وعربيا.

السيدات والسادة،

يشكّل الأمن المائي العربي تحديا كبيرا يواجه قرابة 453 مليون مواطن عربي، وهو قضية تستحوذ على اهتمام دولنا العربية، كما تمثل ذلك بقرار جامعة الدول العربية انشاء مجلسكم الموقر، مجلس وزراء المياه العرب.

ولقد بات لزاما علينا الاستجابة للطلب المتزايد على المياه، وبالطبع الغذاء، اللذين يشكلان تحديا كبيرا في ظل محدودية هذه المصادر في الوطن العربي، وفي ظل الجفاف والتصحر وسوء الاستخدام، وأيضا، استخدام المياه كسلاح، وتعاظم النزاعات خاصة على المياه العابرة للحدود.

إن حل قضية نقص المياه في وطننا العربي يقتضي وضع استراتيجية عربية موحدة وشاملة، تدافع عن الحقوق التاريخية في المياه العربية في مواجهة الاحتلال، أو الاستغلال أو التغول عليها، ووضع الخطط لمواجهة العجز المائي والغذائي في ظل التحديات القائمة.

إن مياه الوطن العربي العابرة للحدود هي قضية عربية ومسألة أمن قومي عربي، فمياه النيل من مصبِّه وعلى طول مجراه، هي أمن قومي مصري وسوداني وعربي، ونحن نقف مع أشقائنا في مصر والسودان في مطالبهما في كلّ ما يتعلق بموضوع سد النهضة، وفي ضمان عدم المساس بأمنهما المائي، أو الزراعي، أو ذلك المتعلق بالطاقة.

إننا ندعو الى التوصّل لاتفاق قانوني ملزم بين مصر والسودان وإثيوبيا، اتساقا مع البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن في سبتمبر (أيلول) 2021، وذلك على النحو الذي يكرِّس التعاون ويرسِّخ المصالح المشتركة بين شعوب المنطقة.

وينطبق موقفنا هذا على مصادر المياه العربية كافة، وخاصة في فلسطين، حيث تقوم دولة الاحتلال بسرقة الأرض وبناء المستوطنات عليها، وسرقة مياهنا وبيعها لنا، ما خلق أزمة مياه خانقة لدينا، انعكست آثارها على تقليص حجم الزراعة والتنمية والتطور في بلدنا بشكل عام، وعلى الجوانب الصحية والبيئية لحياتنا على حدٍ سواء.

ويشكّل البحر الميت نموذجا آخر للاعتداء على مياهنا، إذ إن هذا البحر يتقلص عاما بعد عام، بسبب تحويل مياه الأنهر أو حبسها، وغياب الاتفاق حول التحصيص والادارة، بما يتوافق مع مبادئ واعراف القانون الدولي. نحن نرفض أن تبقى مياهنا رهن الاحتلال أو السيطرة أو الاستغلال غير القانوني في الأنهر من منابعها الى مصباتها، وفي الاحواض الجوفية العابرة للحدود، وسوف نتوجه إلى الجهات الدولية المختصة لوقف هذا العدوان على مياهنا.

أيتها السيدات والسادة،

كما تعلمون، إن الصراع بيننا وبين الاحتلال لا يقتصر على المياه، أو على مواردنا الطبيعية التي تنهبها دولة الاحتلال العنصري، أو طمس روايتنا الوطنية، بل يشمل هذا الصراع وجودنا المادي والوطني على أرضنا، أرض فلسطين بعاصمتها القدس الشريف. ونحن ندرك أننا لن نحصل على حقنا في مياهنا طالما ظل هذا الاحتلال العنصري جاثما على صدورنا. ولذلك فإن دحر هذا الاحتلال يشكّل الأولوية القصوى بالنسبة لنا.

السيدات والسادة،

في ظل النقص الحاد في المياه في دولنا، فإننا ندعو إلى التعاون العربي المشترك في هذا المجال، وإيجاد المصادر البديلة للمياه في مشاريع كبرى يستفيد منها الجميع.

اننا نتطلع الى دعمكم من أجل نيل حقوقنا المائية في فلسطين. فنتيجة للسيطرة الاسرائيلية على مصادرنا المائية وسرقتها، تصل حصة الفرد في فلسطين بمعدلها العام الى قرابة 87 لترا يوميا، وفي بعض التجمعات لا تتجاوز الحصة 20 لترا، بالمقارنة مع معدل ما يستهلكه المستوطن الاستعماري الإسرائيلي الذي يصل إلى 580 لترا يوميا. أما أهلنا وشعبنا في قطاع غزة، فمياههم شحيحة، وغير صالحة للاستهلاك البشري، بشهادة تقارير الامم المتحدة والمنظمات الدولية.

وهنا أتقدم بالشكر لكم وللدول المانحة لكل الدعم المالي والفني، الذي يمكنّنا من بناء شبكات وخطوط المياه، ومحطات الصرف الصحي، ومحطات التحلية والدعم الفني، وهو ما يساعدنا على الصمود والبقاء، لأننا شعب مصمم على الصمود والبقاء.

ومن دواعي سرورنا أن سلطة المياه الفلسطينية، وبدعمكم ودعم أصدقائنا من الدول المانحة والمنظمات الدولية، قد حدَّت من تلوث البحر وتنظيف وادي غزة، وحدَّت من تصريف المياه العادمة الى الحوض الجوفي والى البحر، وإن شاء الله سوف نتمكن بعد الخطوات الهامة التي تحققت مع الشقيقة مصر للاستفادة من آبار غاز غزة، من زيادة إمدادات الطاقة والكهرباء، وبما يساعدنا على توفير كميات أكبر من المياه لأبناء شعبنا.

وأتقدم بالشكر لمجلسكم الموقر، مثمنا دعمكم الدائم والمتواصل لدولة فلسطين وقطاع المياه فيها، وأيضا تأسيسكم لشبكة خبراء المياه العرب تنفيذا لتوصيات مؤتمر المياه العربية تحت الاحتلال، ولقرار المجلس الوزاري العربي للمياه الخاص بممارسات الاحتلال في سرقة المياه العربية في فلسطين والجنوب اللبناني والجولان السوري المحتل.

معالي الأخ الأمين العام لجامعة الدول العربية،

الحضور الكريم،

أتمنى لمؤتمركم هذا النجاح في مناقشة قضية الأمن المائي العربي، وأن يخرج بالتوصيات التي تضمن تعزيز الأمن المائي العربي والوطني، والأدوات اللازمة لذلك، ومعا وسويا من أجل ترسيخ الأمن المائي العربي، والتعاون الاقليمي من أجل ازدهار شعوبنا وترسيخ السلام والاستقرار لشعوب أمتنا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ــ

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]