يوافق اليوم الثالث من نوفمبر، الذكرى الـ 66 لمجزرة خان يونس التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلية عام 1956 أثناء اجتياحها لقطاع غزة خلال العدوان الثلاثي، وارتقى خلالها مئات الشهداء والجرحى من المدنيين العزل.
ومذبحة خان يونس التي استمرت عدة أيام، تعد واحدة من كبرى المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق اللاجئين الفلسطينيين جنوبي قطاع غزة.
ووفق تسلسل الأحداث، جاءت المذبحة بعد قرار الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس عام 1956، وفي اجتماع سري وافقت بريطانيا وفرنسا والكيان الإسرائيلي على شن هجوم مشترك ضد مصر وقطاع غزة التي كانت تتبع للحكم المصري حينها.
وبدأ الهجوم بضربة إسرائيلية على مواقع مصرية في شبه جزيرة سيناء في 29 أكتوبر من ذلك العام.
وردًا على المقاومة التي أبداها سكان خان يونس بقطاع غزة قصف الجيش الإسرائيلي المدينة بسلاح المدفعية، مما أدى إلى خسائر فادحة في أرواح المدنيين.
المذبحة
بدأت خيوط المذبحة في الثالث من نوفمبر بإلقاء الاحتلال الإسرائيلي منشورات من الطائرات تحذر السكان من مقاومة القوات الإسرائيلية، قبل أن تدفع بآلياتها العسكرية بشوارع خان يونس وتطالب عبر مكبرات الصوت بخروج الذكور من عمر 16 وحتى 50 عاماً.
استيقظ السكان على مكبرات صوت مركبات الاحتلال العسكرية تنادي بخروج جميع الشبان والرجال، واقتادتهم قوات الاحتلال إلى الجدران والساحات العامة ثم أطلقت عليهم النيران دفعة واحدة من أسلحة رشاشة سقط على أثرها مئات الشهداء في اليوم الأول.
وتواصلت المذبحة حتى الثاني عشر من نفس الشهر حيث واصلت قوات الاحتلال مجازرها بحق المدنيين من سكان خان يونس ومخيمها وقراها وقوات الجيش المصري التي كانت تدافع عن المدينة حيث ارتقى المئات من الشهداء والجرحى.
روايات صادمة
وبينما أطلق الجنود الرصاص على المتجمعين بالساحات العامة بشكل عشوائي، لم ينج من بقوا بمنازلهم من القتل أمام أعين عائلاتهم.
حسن صادق ابن الثلاثة عشر عاماً آنذاك أحد الذين عايشوا هذه المذبحة روى أنه اختبأ خلف حصيرة مستندة على الحائط وظل يشاهد عمليات إطلاق الرصاص على أبناء عمومته وجسمه يرتعش من الخوف.
وذكر صادق في شهادته على المذبحة أن عمته قبلت أيدي وأقدام أحد الجنود من أجل عدم قتل ابنها خليل ذي الستة عشر ربيعا، وأحضرت أوراقا ثبوتية بأنه طالب مدرسة لكن من دون جدوى، حيث أطلق الرصاص عليه قبل أن يجلب الجنود ثلاثة فتية من أقاربه كانوا بغرفة مجاورة ويطلقوا الرصاص عليهم.
ومن بين ما تزخر به ذاكرة صادق من تفاصيل لعمليات الإعدام، عبارة قالها جندي إسرائيلي لآخر عندما همّ بقتل كلب حاول منعه من إطلاق الرصاص، "أيها اليهودي إذا وجدت كلبا يتمرغ بالطين فحاول أن تنقذه، وإذا وجدت عربيا يتمرغ بالطين فضع قدمك على رأسه حتى يموت".
لم يدرك أهل خانيونس آنذاك حجم المجزرة التي اقترفها جنود الاحتلال إلا عندما سمح لهم بدفن الجثث لاحقاً لتتكشف أعداد الضحايا.
ويوثق الباحث إحسان خليل الأغا في كتابه "خان يونس وشهداؤها"، الصادر عام 1997، أسماء 520 ضحية ارتقوا في إعدامات ميدانية أو في القصف العشوائي الجوي أو البحري في مذابح متسلسلة.
ووفق رواية الأغا، فإن المذبحة نُفذت على مرحلتين وراح ضحيتها 1600 شهيداً، حيث نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي مذبحة بحق الفلسطينيين في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة راح ضحيتها أكثر من 250 فلسطينيا ً وبعد تسعة أيام من المجزرة الأولي وفي 12 / 11 / 1956 نفذت وحدة من الجيش الإسرائيلي مجزرة وحشيه أخري في نفس المدينة راح ضحيتها نحو 275 شهيدا من المدنيين العزل.
وكانت وحدات الجيش الإسرائيلي أعدمت 55 شرطياً في مذبحة اقترفتها بحق أعضاء الشرطة الفلسطينية بعد أن هاجمت مركز شرطة مدينة خانيونس قبل هاتين المجزرتين بفترة قصيرة.
يُذكر أن هذه الوحدات كانت تعتمد في تنفيذ هذه المجزرة على أسلوب جمع الشباب ورصهم على الجدران ثم إطلاق الرصاص عليهم بدم بارد كما هاجمت سوق مدينة خانيونس ومركز التموين بالطائرات وهذه المجزرة تُعتبر واحدةً من أكبر وأكثر مذابح الاحتلال وحشيةً بحق الفلسطينيين.
والجدير ذكره، وفق ما يرويه الأغا أن شهداء مجزرة خانيونس بلغ عددهم 1600 شهيد وليس 600 كما يعتقد البعض ذلك، " لأن أعداء الأمة يحاولون تظليل التاريخ عد العدد الحقيقي لشهداء المجزرة محاولة منهم التقليل من هول المجزرة".
ووثقت الأمم المتحدة مقتل 250 فلسطينيا في خان يونس، ولم تتحدث عن مذبحة اقترفها جيش الاحتلال بحق المدنيين أو تحمله أي مسؤولية، وبالتالي لم تقدم مذكرات قانونية لإخضاع أي من قادة الاحتلال للمساءلة بارتكاب جرائم حرب منذ المذبحة وحتى الآن.
[email protected]
أضف تعليق