هل تشعر بالضيق والقلق الشديد عندما يرنّ هاتفك المحمول؟ أو تشرع في الدعاء سرًّا عند الاضطرار إلى إجراء مكالمة هاتفية ألا يجيب الطرف الآخر على مكالمتك؟ فحتى مع محاولاتك لتجنب المكالمات عبر الهاتف، قد تضطر أحيانا إلى ذلك. ولا يقتصر القلق على إجراء مكالمات رسمية فقط، ولكن أيضا عند التحدث مع الأصدقاء أو حتى لطلب الطعام عن طريق الهاتف حين لا يعمل تطبيق الطلبات.
Advertisement


هذا النوع من الخوف شائع بين الانطوائيين ومن يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي، ويمكن أن يشعر به الآخرون أيضا، ويسمى "رهاب الهاتف" (Telephobia)، فبينما لا يفضل كثير من الناس إجراء المكالمات الهاتفية أو استقبالها، فإن ذلك يختلف عن الرهاب.


وقد يبدو الأمر غريبا، إذ تمثل الهواتف جزءا أساسيا من حياتنا وملازمة لنا معظم الوقت، لكن الخوف من المكالمات أمر شائع وتتعدد الأسباب وراءه، وبتحديد الأسباب يمكن التغلب عليه ببعض الخطوات البسيطة.

ما السبب؟
أظهرت دراسة أجريت عام 2019 في المملكة المتحدة أن ما يقرب من 80% من جيل الألفية يشعرون بالقلق عندما ترنّ هواتفهم المحمولة، وذلك مقابل 40% فقط من الأجيال التي تسبقهم.

ونتيجة لذلك الخوف، لا يرد جيل الألفية على أكثر من 60% من المكالمات، لتجنب التحدث عبر الهاتف، فمع وجود تطبيقات الرسائل تبدو المكالمات لهم "تطفلية"، حسب ما وصفت صحيفة "ذا غارديان" (The Guardian)، ويتكرر السؤال: "لماذا نتحدث عبر الهاتف ويمكننا المراسلة فقط؟".

وتتعدد أسباب رهاب الهاتف، منها أن المكالمات الهاتفية تحدّ من القدرة على التواصل الكامل، فكل ما تستقبله من الشخص هو صوته فقط، ولا يمكنك ملاحظة تعابير الوجه ولغة الجسد والإيماءات أو فهم ظروفه وما يشعر به، وانطباعاته على ما تقوله، وذلك ما يعيق البعض عن التحدث بحرية.

وبينما لا يمكنك ملاحظة لغة جسد الآخرين أيضا عند التواصل بالرسائل النصية، فإن المراسلة تعطيك إحساسا بالسيطرة فلا تشعر بالضغط، فأنت لست مضطرا إلى الرد على الفور، ويمكنك الانتظار والتفكير والرد بما يناسبك.

ويشعر البعض بالخجل من صوتهم، وهو ما يجعلهم قلقين جدا من التحدث مع الغرباء عبر الهاتف.

ويخاف آخرون بوجه عام من أحكام الناس عليهم، سواء من يرونهم وهم يتحدثون، ويستمعون لما يقولونه، أو أحكام من يتحدثون معهم.

كما تجبرك المكالمات الهاتفية على التفكير والرد السريع على الشخص الآخر، وذلك قد يثير مشاعر القلق لديك.


ويعاني المصابون بقلق الهاتف من بعض الأعراض؛ بعضها عاطفية تشمل تجنب إجراء المكالمات واستقبالها، والتأخر في الرد، وكذلك التفكير الزائد قبل المكالمة بما سيقولونه وكيف يمكنهم إنهاء المحادثة إذا شعروا بالرغبة في ذلك.

وقد تظهر بعض الأعراض الجسدية أيضا مثل زيادة معدل ضربات القلب، وضيق التنفس، والتعرق، والارتجاف، وصعوبة التركيز.

وللتغلب على هذه المشاعر السلبية والأعراض التي يمكن أن تكون معطلة لحياتك الشخصية والمهنية، هذه بعض الخطوات البسيطة التي يمكنها مساعدتك:

ردّ على هاتفك
نعم، الخطوة الأولى هي مواجهة ما تخشاه، وكلما حاولت أكثر ستشعر بقلق أقل، وتكتسب مهارات أكثر للرد بسرعة مناسبة، وستتعلم كيفية إنهاء المكالمة بطريقة لبقة إذا أردت ذلك، وستتدرب على اكتساب الثقة بنفسك وقدرتك على فهم الآخرين حتى من دون رؤيتهم وملاحظة لغة جسدهم.

تأكد من استعداد الشخص الآخر
إذا كنت قلقا من إزعاج الشخص الآخر، يمكنك إرسال رسالة له قبل التحدث معه، وإذا أردت الاتصال العاجل يمكنك سؤال الطرف الآخر إذا كان الوقت مناسبا له أم لا.

وإن اعتذر الشخص عن التحدث لانشغاله، لا يعني ذلك شيئا شخصيا تجاهك، لكنه ببساطة لديه شيء آخر يشغله، فلا تفرط في تحليل مشاعر الآخرين وأفعالهم وأنك أزعجتهم.

ارسم ابتسامة صغيرة
قبل إجراء المكالمات واستقبالها، ارسم ابتسامة بسيطة على وجهك.



قد يبدو ذلك مزعجا، لكنه يساعدك بشكل فعال على الاسترخاء ويعطيك شعورا بالسعادة والإقبال على ما تود فعله.

وباستخدام تعابير وجهك ولغة جسدك، يمكنك التظاهر أنك وجها لوجه مع الشخص الذي تتحدث إليه، فيمكنك الجلوس مستقيما، أو الوقوف بثقة، والحفاظ على تعابير وجهك هادئة لتتمكن من التحدث بهدوء وإدارة مشاعرك.

حضر نفسك
يمكنك تحضير ما ستقوله قبل إجراء مكالمة، فقط فكر بشكل عام بما تريده من المكالمة وما ستقوله، لكن لا تفرط في التفكير في كل التفاصيل، فدائما هناك احتمال ألا تسير الأمور كما توقعت، لذلك كن منفتحا لحدوث ما لم تتوقعه، وحاول التعامل معه من دون فزع.

وإذا كانت هناك نقاط مهمة تحتاج إلى مناقشتها، يمكنك كتابتها والاحتفاظ بها بجانبك حتى لا تسير المحادثة في طريق آخر وتنسى ما تود معرفته.

وكذلك بعد المكالمة، لا تنغمس في تحليل ما حدث بينك وبين الشخص الآخر، وضع في اعتبارك أن هناك العديد من الأشياء التي يمكن أن تؤثر على الشخص الآخر، كذلك فطريقة تحدثه لا تعكس مشاعره تجاهك أنت.

استعن بالطرق العلاجية
يمكنك الاستعانة بمهارات العلاج السلوكي المعرفي (CBT) للمساعدة على التغلب على أفكارك التي تسبب لك القلق، وتحديد التشوهات الفكرية التي يمكن أن تسهم في شعورك بالقلق، والتغلب عليها، واستبدال الأفكار السلبية ببدائل بنّاءة أكثر.

كافئ نفسك
إذا كنت على موعد مع محادثة هاتفية مهمة وتشعر بالقلق الشديد، كافئ نفسك بعدها بقضاء بعض الوقت في فعل شيء تستمتع به، فيمكنك تناول مشروبك المفضل، أو حتى الجلوس بهدوء بعض الوقت للاحتفال بقدرتك على مواجهة ما يقلقك. "الجزيرة" 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]