تنطلق الانتخابات وتنطلق معها السيارات لتجوب النقب شرقا وغربا شمالا وجنوبا، بحثا عن كل امرأة يحق لها الادلاء بصوتها، للوصول بها الى صناديق الاقتراع، فصوت المرأة في هذا الوقت غنيمة كبيرة، سواء ادلت به برغبتها او عنوة، وغالبا ما تضع الصوت في صندوق الاقتراع بناء على رغبة الرجل في العائلة الذي يوصلها للصندوق في هذا اليوم، والذي يحدد لها من هي الشخصية او الجهة التي عليها اختيارها، ولكن لا احد يضع المرأة النقباوية على سلم الاولويات عندما يكون الحديث عن تشكيل قوائم الانتخابات، سواء كان الحديث عن الانتخابات للسلطات المحلية او الانتخابات للكنيست.

مهمشة في الكنيست ومحليا

مره اخرى تجد المرأة النقباوية نفسها مهمشة تماما في كل ما يتعلق بانتخابات الكنيست، رغم ان هذه الحالة شبه عامة في المجتمع العربي في البلاد، الا انها في أسوأ صورها في النقب، حيث ان دور النساء يقتصر فقط على الادلاء بأصواتهن، فجمهور النساء في النقب يعاني للاسف الشديد من التغييب الكامل عن الساحة السياسية، حيث اننا لا نرى النساء في تشكيلة اي من المجالس المحلية على وجه العموم، وايضا لا نرى النساء من النقب في اي تشكيلة للقوائم العربية التي ستخوض انتخابات الكنيست، او التي خاضتها من قبل، وكانها رسالة تقول: ليس هنالك متسع أو كفاءة لأي امرأة من النقب حتى الان للدخول الى معترك الحياة السياسية بقوة لاثبات جدارتها، على الرغم من ان العديد من النساء من النقب اثبتن جدارتهن في العديد من المواقع، سواء كنا نتحدث عن مراكز أكاديمية علمية عالية، او في قيادة وتنظيم نشاطات جماهيرية، او التميز في المجالات الاقتصادية وغيرها، او حتى داخل المجالس المحلية التي همشتها في قضية تشكيلة قوائم المنافسة في الانتخابات، واليوم ومع الحديث عن انتخابات الكنيست المقبلة نجد ان القوائم العربية همشت نساء النقب تماما وبعضها همش الرجال والنساء على حد سواء، وكانه لا يوجد في النقب من يستطيع تمثيله كما يجب، حيث اتضح من الانتخابات الداخلية لثلاثة احزاب ان لا مكان للنقب كما ينبغي، وان كانت القائمة الموحدة قد منحت موقعين احدهما شبه مضمون للنقب هما الثالث والخامس، الا ان اي منهما لم يكن من نصيب امرأة من النقب، ليس الامر تقليلا من قدرة الرجال على خوض غمار هذه المعركة، ولكن ايضا على الاقل يجب منح المرأة فرصتها لايصال صوت النساء المقموعات و المتعرضات للعنف وهدم البيوت والضائقة الاقتصادية وغيرها الكثير من صنوف المعاناة، والتي تواجهها المرأة في النقب غالبا اكثر من الرجل، وتتعرض لذلك مباشرة قبل الرجال في معظم الاحيان، ورغم ان هنالك الكثير من الجهود المبذولة من عده جهات نسوية في النقب من اجل زيادة حضور وتأثير النساء في الحياة العامة والسياسية المحلية، الا ان ذلك لم يحظى بالقبول في المجتمع حتى هذه اللحظة كما ينبغي، ان ما هو قبول صار كذلك بصورة خجولة حتى هذه اللحظة، حيث ان الغالبية تقول ان لا مكان للنساء في السياسة، هذا الامر يحتاج الى زيادة الوعي لدى الجمهور لزيادة التمثيل الفعلي للنساء في السلطات المحلية بداية، ومن ثم في الكنيست، ورفع الوعي لدى النساء والمجتمع حول اهمية وجود النساء في دوائر اتخاذ القرار، لانه يعزز من مكانة المرأة ووضع المجتمع عامة، وهو تحدٍ مباشر للواقع المجحف الذي لا تزال المرأة العربية فيه تعيش حالة تهميش واقصاء عن الساحة السياسية، وحضورها في افضل حالاته رمزي او شكلي في اسوئها، ويعود هذا التهميش للمرأة الى الموروث الثقافي الذي تخضع له، والذي يرفض مشاركتها في السياسة، يضاف إلى ذلك المنافسات الحمائليّة والطائفيّة التي يضيع في صخبها صوت المرأة وحقها في المشاركة الفعّالة في التمثيل السياسيّ.

حق 

ويمكن اعتبار الجهود المبذولة على مستوى البلاد عامة والنقب خاصة وان كانت ضعيفة من بعض الجهات لعدم تهميش المرأة سياسيا، جهودا تعكس دورها الطبيعي في المجتمع، إلى جانب كونه حقا ديموقراطيا وواجبا وطنيا ونسويا من الدرجة الأولى، وهو إيمان بقدرة النساء على التأثير على السياسات العامة والقرارات التي تهم مختلف شرائح المجتمع، بما في ذلك النساء.

 على مستوى العالم علينا أن نتذكر دائما أن اكتساب النساء الحق في التصويت جاء بعد نضال طويل، دفعت العديد من النساء في العالم حياتهن ثمناً لهذا الحق، وهناك من لا يزلن يناضلن ويدفعن ثمناً باهظاً من أجل الحصول عليه، وبالتالي فإن هذا الحق يصبح بالنسبة للنساء العربيات في البلاد بشكل خاص وفي النقب بشكل اكثر خصوصية واجبًا أخلاقيًا، والتفريط به يعني عدم الوفاء لنضال الحركة النسوية ولمئات نسويات المجتمع العربي اللواتي يناضلن من أجل تحقيق المساواة الكاملة في الحياة والتمثيل السياسي، التفريط بهذا الحق يعني الرجوع الى المربع الأول، وهو استخفاف بما حققته الحركة النسوية ومناصروها من الرجال ايضا من إنجازات عامة ونسوية كأقلية عربية فلسطينية في البلاد.

تهميش جارف

تقول المربية ايات الاعسم معقبة على تجاهل المرأة تماما في التمثيل السياسي:" عموما كما هو معروف من ناحية منطقية ان عدد النساء ذوات حق الاقتراع اكثر من عدد الرجال ذوي حق الاقتراع، سواء للمجالس المحلية او الكنيست، نسبة لعدد النساء العام الذي يفوق عدد الرجال، ولكن مع ذلك ورغم هذا العدد المرتفع الذي ممكن ان يحدث تغييرا جذريا غي مسار الانتخابات بشكل عام، الا ان هنالك تهميشا جارفا لحق النساء في الترشح، مثلا لو تحدثنا عن ترشح النساء للكنيست فالاحزاب العربية لا يذكر وقد يكون كرسي احتياط ان وجد وذلك لاسباب سياسية، وحتى في الانتخابات الداخلية لكل حزب لل نرى نسبة مرشحات كبيرة، وان تحدثنا عن النقب فهنالك تهميش خارق ولا يوجد حتى حديث عن مرشحات من النقب للانتخابات الداخلية لكل حزب، وذبك نظرا للتهميش الاكبر لقضية النقب واهله وجعل اصواتهم في اطار الاصوات الهامشية وليست مركزية وهذا امر مؤلم نوعا ما، مجتمعنا مجتمع ذكوري لكن ان نأتي للنساء يوم الاقتراع ونطلب منهن التصويت وقد تكون اصواتهن هي المؤثرة في الانتخابات، فيجب ان يكون هنالك مقدمات، بمعنى ان يكون هنالك اخذ لرأيهن وتمثيل لخن في كل الاطر لتحصيل حقوقهن، يجب ان نكون هنالك امرأة ممثلة لكل فئة لانهن ادرى بقضايا النساء، ولو تحدثنا عن الانتخابات المحلية في النقب، حتى في الانتخابات الداهلية لكل قائمة فانها تعتمد على القبلبة والعشائرية وبالتلي لا يؤخذ برأي النساء ولا يتم منحهن التمثيل الكافي، ولكن مع ذلك يتم مطالبتها بالتصويت دعما للعائلة، وكأن هؤلاء النساء ليس لهن اي اعتبار، برأيي يجب ان يتغير هذا السلوك بشكل كامل ويجب ان يتم نقاش ذلك في عدة دوائر وان يكون للمراة تأثير اقوى في الساحة السياسية، اذا كنتم تريدون صوت المرأة فعليكم احترام مكانة ورأي ووجود المرأة وعدم التعامل معها كورقة لترجيح كفة الميزان لصالح اي جهة، قبل سنة بلغني ان حظب عربي ادعى انه لا يوجد نساء مؤهلات للترشح من النقب، وبالتالي لا مجال لمنح كرسي لامراة مرشحة من النقب، وهذا امر غير صحيح، الواقع انه لم يتم البحث عن امرأة مناسبة لهذا المنصب، هنالك نساء فاعلات ومؤهلات ومثقفات لخوض العراك السياسي وتمثيل اهل النقب في الكنيست وتمثيل اهل بلدتها في المجالس المحلية، لكن التوجه هو لتجاهل هذه الفئة المركزية والتي تغير مسار الانتخابات، يجب ان يتغير هذا السلوك والاخذ بعين الاعتبار بصوت ورأي المرأة وقدرتها على خوض المعترك السياسي، وهذا قد يعطي رونقا اخر واهمية اخرى للاحزاب المتنافسة"

من بلدة تل السبع تقول الناشطة في مجال السياحة والاقتصاد مريم ابو رقيق :" لا استطيع ان اقول ان الكنيست همشتنا كنساء ونحن في الاصل مهمشات على مستوى بلداتنا، اليوم لو كان هنالك نساء نقباويات قياديات في مجال السياسة ولهن كلمة ودور في المجالس المحلية مثلا على مستوى بلداتهن بالتأكيد سيكون لهن تأثير في انتخابات الكنيست، وسيُعرفن بدورهن الفعال وسيكون لهن رأي ودور كبير، ان اردنا تغييرا سيكون بطريقتين: من الاسفل للاعلى نبحث عن نساء لديهن صفات قيادية ونمنحهن الادوات ليطورن من انفسهن ونساعدهن لتطوير انفسهن، ليكون لهن تأثير فيما بعد للتمكن من خوض غمار انتخابات الكنيست، والطريقة الاخرى العمل من اعلى الهرم للاسفل بأن يكون قرار حكومي على سبيل المثال يمنع اي قائمة من الترشح للمجالس المحلية دون وجود امراة في القائمة، حينها يتقبل الناس الامر اكثر لان القرار حكومي، ومثل هذا القرار يدفع المترشحين لابتكار نشاطات ومشاريع خاصة للنساء، طبعا في البداية سيكون وجود المرأة في القائمة شكلي تجميلي، لكن فيما بعد ينبغي على النساء اثبات انفسهن وجدارتهن وهن قادرات على ذلك، طبعا هذا القرار الحكومي موجود لكن غير مفعل، ولكن لكي نكون واقعيين لا يوجد رجل معني بوجود النساء من النقب في مثل هذه المراكز او خوض غمار العمل السياسي بشكل عام".

تابعت مريم ابو رقيق والتي خاضت سابقا تجربة العمل على ادارة حملة انتخابية لشقيقها طومان الذي فاز برئاسة المجلس المحلي تل السبع في حينها:" سبب كوننا مهمشات ليس فقط السياسين انما النساء لا يعملن ما يلزم وبما فيه الكفاية لفرض وجودهن، على سبيل المثال في تل السبع المرأة مهمشة تماما ليس لها رأي او دور او اي مبادرة في هذا الجانب، وبالتالي لن اتوقع منها ان تشارك في الترشح للانتخابات المحلية ثم القطرية، ننتقل للحديث عن القوائم التي يصوت لها غالبية اهالي النقب وهي المشتركة والموحدة اي منهما لم تمنح موقعا للمرأة النقباوية اطلاقا، ولو بحثنا باتجاه اخر عن قياديات سياسيات من النقب لا نجد الا واحدة هي حنان الصانع، لذلك لا يوجد زخم نسائي قيادي في النقب الذي بدوره يمكن ان يشكل ضغطا على الاحزاب لضم امرأة قيادية مؤثرة على الاقل للقائمة، دون وجود امرأة مؤثرة بالتاكيد لن يكون توجه من الاحزاب لاستقطاب نساء، وبكل الاحوال اقول انه ان الاوان للمرأة النقباوية ان تبادر وتضع بصمتها من خلال العمل الفعال في كافة الفعاليات ايا كان نوعها، لكي تكون مؤثرة وتتمكن فيما بعد من الدخول الى المعترك السياسي بقوة، لذلك اقول الامر يتم باتجاهين عمل المرأة على تطوير نفسها من جهة ودعم الحكومة لها من جهة اخرى بقرارات حكومية منصفة".

العمل ضعفين 

على النساء العمل من أجل أمنهن ورفاهيتهن وحقوقهن الكاملة، وعلى النساء النقباويات بوجه خاص العمل ضعفين لفرض وجودهن على الساحة، حيث انهن صاحبات قضية مصيرية بالدرجة الاولى هي قضية الارض والمسكن وهن جزء لا يتجزأ منها، وهذه المعركة من تجل التمثيل معركة تراكمية، ولكن معركة النساء الأهم الآن هي على وعي جمهورنا من المصوتين والمصوتات تحديدا للايمان بأن المرأة في الاساس هي المجتمع وهي بداية التغيير نحو واقع افضل، جنبا الى جنب مع الرجال ودون انتقاص لمجهود اي من الطرفين.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]